قبل عامٍ أو أكثر، كان أحد الأصدقاء على تواصل دائم معي، يشكو لي الوضع الصحي في اليمن والفشل الذي يرافق وزارة الصحة من أعلى الهرم إلى أصغر موظف في أي مرفق صحي.
كان صديقي هذا مستاءً جدًا مما يجري، فتارةً يتصل بي ليشكو الورش والدورات والآلاف من الدولارات التي تُصرف عليها، وتارةً أخرى يتحدث عن الفساد الذي ينخر الوزارة، حتى إنه أقنعني بكتابة أكثر من تقرير عن المستشفيات الحكومية، وبعد أن تأكدت من صحة ما يقول، ونزلت إلى أرض الواقع لرؤية الأمور بنفسي.
وصل به الأمر إلى أن يطلب مني إعداد تحقيق حول بعض قضايا الفساد، مؤكدًا أنه سيزودني بالوثائق والأدلة التي تثبت صحة ما أكتب وتكشف ما يدور خلف مسمى "الصحة والسكان".
لكنني تمهلت ولم أتسرع، واكتشفت لاحقًا أن كل ذلك كان بدافع شخصي، فقد كان الرجل الذي طالما تغنى أمامي ليلًا ونهارًا بالوطنية وحب الوطن والإخلاص، يفعل ذلك فقط انتقامًا من الوزارة بعد إقالته من منصبه أو توقفه عن العمل.
ومؤخرًا، اختفى عني ولم يعد يتصل أو يشكو لي فشل وزير الصحة وحاشيته، حتى علمت قبل أيامٍ أنه حصل على وظيفةٍ هامة في الوزارة وأصبح مقربًا من الوزير، عندها أدركت لماذا لم يعد يتحدث عن الوطنية، فقد كانت مجرد شماعة لتحقيق مصالحه الشخصية.
شكرًا لك يا رفيق، فقد أثبتَ أنك وطنيٌّ... بدرجة مدير عام! وحصلتَ على ما تريد، أما الوزارة فلا يزال الفشل يرافقها حتى اللحظة، ومن المتوقع أن تظهر خلال الأيام القادمة في تصريح تشيد فيه بالوزير الذي كنتَ بالأمس تعترف بفشله.