بقلم: أ. سمية القارمي
لم يعد الانفصال مطلبي، ولم أعد أؤمن بأنه سيؤمن لي حياة أفضل، فقد كنتم أسوأ نموذج في تاريخ حكم عدن والجنوب. ربما باتت الوحدة اليوم أكثر ضمانًا لما تبقى لنا من حياة، بعدما أثبتم أنكم أبعد ما تكونون عن تحقيق العدالة والإنصاف.
النهاية على وشك، لأنكم لم تعترفوا بالمظالم، وتجاوزتم جماجم الشرفاء، وتغاضيتم عن عوزنا وفقرنا ومرضنا، بينما أنتم غارقون في ترف الحياة ونهب الأموال العامة. وضعتم قوانينكم المناطقية، وأسقطتم دولة القانون، وكرّستم المحسوبية والأعراف القبلية، ومارستم قوتكم على من فوضكم ومنحكم الشرعية. لم تكونوا أهلًا للمسؤولية، فخذلتكم أنفسكم قبل أن تخذلوا شعبكم.
أصبحتم سبب معاناتنا إنسانيًا، وصحيًا، وثقافيًا. لم ترحموا الضعيف، وأهنتم الكبير، ومنحتم المفسدين مناصب لا يستحقونها، وهم لا يُؤتمنون حتى على ماء سبيل في الشارع. تقلدتم الوزارات ونهبتم مواردها، وصارت مشاريع الدولة في جيوبكم، بنيتم القصور والفلل في الداخل والخارج، وأصبح وزراؤكم من أثرياء العالم، ولا تزالون مستمرين في نهب المال العام.
أما آن الأوان أن تستحوا؟ متى ستراجعون أنفسكم، وتتوقفون عن فرض الجبايات والضرائب والرشاوي؟ متى تكفون عن منح المناصب لغير أهلها؟ متى تتوقفون عن نهب أراضينا، وعن احتكار الدولة والوطن لأنفسكم؟
حال مجتمعنا في عدن بلغ مداه؛ الجوع والفقر والمرض والانكسار وصلوا إلى أقصى الحدود. تعلموا من تجارب الدنيا، وقيموا أنفسكم، فليس لكم أي منجز يُذكر سوى زيادة عدد الأموات قهرًا ومرضًا وعوزًا. ضاقت الحياة، ولما اشتدت حلقاتها، سيزهق الباطل، “إن الباطل كان زهوقًا”.
نصيحة أخيرة: لا تمسوا أرزاق الناس البسطاء، لا تضطهدوا من يصمدون في وجه القهر، فقد قضيتم على المئات ممن ماتوا في منازلهم عاجزين عن طلب العلاج، بلا حول ولا قوة، بلا رواتب ولا خدمات. مشاريعكم لم تزد عن عسكرة المدن وقهر الشرفاء.
لكننا نعول على الله، فهو وحده القادر على تعويضنا عما فقدناه.