آخر تحديث :السبت-22 فبراير 2025-08:25ص
العالم من حولنا

تجار الحروب في اميركا والإستغلال الأمثل لأزمة كورونا.

السبت - 11 أبريل 2020 - 05:40 م بتوقيت عدن
تجار الحروب في اميركا والإستغلال الأمثل لأزمة كورونا.
تقرير / محمد مرشد عقابي

مع انتشار فيروس كورونا في أجزاء متفرقه من العالم سعى معظم الناس إلى شراء وتخزين المواد الأساسية لفترة الحجر الصحي، ففي الولايات المتحدة الأميركية ازدادت الإثارة والعطش لشراء الأسلحة والذخيرة حيث حققت صفقات الشراء هذه أرقاماً قياسية.

وبحسب خبراء فان سوق الأسلحة الأميركية لا يمكن مقارنته بأي دولة أخرى لديها هذا النوع من التجارة الحرة في الأسلحة حيث حولت مسألة حق امتلاك الأسلحة النارية هذه الأرض إلى جنة لصانعي الأسلحة والمافيا، ومع انتشار التكنولوجيا وتوسع نطاق العلاقات التجارية بين الدول المختلفة فتحت للشركات المصنعة للأسلحة الأجنبية الأبواب أمام السوق المدنية الأميركية ولدى جميع شركات الأسلحة الكبرى في العالم خطوط إنتاج وعملاء خاصين في أمريكا.

يقول الجنرال المخضرم "سميث براين" خبير الأسلحة والإنتاج الحربي بجامعة كاليفورنيا كلما أردنا مناقشة مسألة الأسلحة في أميركا فإننا بالتأكيد سنصادف كلمة NRA وهي اختصار لـ (National Rifle Association) أي الرابطة الوطنية للبنادق والتي تشكلت قبل نحو 144 عاماً في الولايات المتحدة، وهذه الرابطة ليست سوى مجموعة من الأشخاص الذين يعرفون كيفية التعامل مع الأسلحة بشكل جيد والذين يقومون بتدريب وتعليم المواطنين الذين اشتروا السلاح للتو وتعليم الأطفال نصائح أساسية حول إطلاق النار وقواعد السلامة، وقد أعلنت هذه الرابطة منذ البداية أنها لن تتدخل بالشأن السياسي وقد بقيت كذلك حتى وقتاً قريب.

ويضيف الجنرال المخضرم براين : الأمور تغيرت منذ أواخر الستينيات فمع المصادقة على قانون تحديد الأسلحة لعام 1968م لفت أعضاء المجموعة الإنتباه تدريجياً إلى قضية السياسة وممارسة الضغط في الدبلوماسية الأميركية لكن إحدى أكبر التحركات السياسية في تاريخ الولايات المتحدة كانت الإنتخابات الرئاسية عام 2000م ففي ذلك الوقت كانت هناك منافسة شرسة بين المرشحين الجمهوريين والديمقراطيين وهما بوش الأبن وإل جور ولكن الرابطة الوطنية للأسلحة بذلت قصارى جهدها لإبعاد إل جور عن الطريق وإيصال بوش إلى البيت الأبيض ولكن ما هو سبب المشكلات بين هذه المجموعة وإل غور، وفي 13 سبتمبر 1994م أصدر مجلس النواب الأميركي قانوناً يقضي بحظر الأسلحة الهجومية في الولايات المتحدة ووقع عليه الرئيس "بيل كلينتون" آنذاك وبموجب هذا القانون تم حظر إنتاج الأسلحة الهجومية مثل الأنواع نصف الآلية من الأسلحة ومعظم الأسلحة عالية السعة لمدة 10 سنوات، وفي عام 1999م أدت المجزرة التي حدثت في مدرسة "كولومبين" إلى مقتل 15 شخصاً وإصابة 24 آخرين حيث تمكن منفذو هذه المذبحة من استخدام طرف ثالث للحصول على الأسلحة من معرض خاص بها، وهناك مشكلة أخرى لا تزال موضع جدل في أميركا اليوم وهي أن معارض الأسلحة التي تقام بشكل دوري في جميع أنحاء البلاد لا تتطلب أي نوع من الشهادات التي تثبت أن المشتري غير محكوم أو أنه لا يملك أي سجل جنائي حين انه بعد هذا الحادث سعت إدارة كلينتون لمزيد من السيطرة على الأسلحة النارية وأعلن إل جور المرشح الديمقراطي القادم ونائب الرئيس بيل كلينتون أنه سيواصل اتباع هذه السياسات إذا تم انتخابه وهنا أظهرت الرابطة الوطنية للأسلحة قوتها الحقيقية في المشهد السياسي للبلاد للمرة الأولى وأنفقت حوالي 20 مليون دولار على الإنتخابات ضد إل غور ولصالح بوش الابن ويعتقد الخبراء أن هذه الخطوة كانت أحد العوامل الرئيسية في فوز بوش، اما في عام 2004م ومع انتهاء قانون حظر الأسلحة الهجومية لم يتم إتخاذ أي إجراء لتمديده حتى حصلت حادثة اطلاق النار المؤلمة في مدرسة ساندي هوك الإبتدائية في عام 2012م والتي أسفرت عن مقتل 28 شخصاً معظمهم نساء واطفال، وبعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر ارتفع معدل مبيعات الأسلحة في الولايات المتحدة بشكل كبير ويعزو الخبير سميث ذلك إلى مخاوف الناس من انعدام الأمن أو إمكانية فرض حظر على شراء الأسلحة وعلى سبيل المثال بعد فوز باراك أوباما في الإنتخابات الرئاسية الأميركية لعام 2008م شهدنا بداية زيادة في شراء الأسلحة النارية في أميركا حيث وصلت الزيادة إلى مبيع حوالي 2 مليون قطعة سلاح شهرياً في عام 2012م وفي ذلك الوقت كان معظم المشترين يهتمون بالأسلحة الهجومية نصف الأوتوماتيكية أو كما يطلق عليها معظم الأميركيين عائلة AR-15 وغيرها من النماذج نصف الآلية الشهيرة، ومع وصول ترامب إلى السلطة في عام 2016م نرى أنه بسبب سياساته التي تخدم مصالح NRA وحرية حمل الأسلحة في أميركا فقد هدأ تعطش المشترين قليلاً وحتى في حالة إطلاق النار على حفل موسيقي في لاس فيغاس في عام 2017م لا يوجد حتى الآن أي أخبار عن زيادة في المبيعات كما حدث في عام 2012م ولكن كل هذا بمثابة الهدوء الذي يسبق العاصفة.

وبحسب خبراء فانه ومع الإعلان عن أول حصيلة رسمية لوفيات كورونا في الولايات المتحدة الأميركية في 29 فبراير هذا العام فقد اشترى الأميركيون أكثر من 2 مليون قطعة سلاح ناري في شهر واحد وهو "مارس" مما كسر الرقم القياسي للشراء ولكن هذه المرة وبناءً على الصور التي تم نشرها مؤخراً فقد تم شراء جميع أنواع الأسلحة النارية ابتداءً من البنادق العادية والمسدسات حتى الأسلحة نصف الآلية بالإضافة الى معدات وملحقات الحماية من الأسلحة مثل السترات الواقية والكاميرات والمصابيح اليدوية ومناظير الليزر، وفي حديث مع وسائل الإعلام يقول تجار الأسلحة إن الوضع الحالي ليس مشابهاً لأي فترة في تاريخ اميركا لعدة عقود فقد ازداد الطلب على شراء الأسلحة بشكل حاد وجنوني ومن المحتمل أن يكون عدد الأسلحة المباعة أعلى بكثير من حوالي 2 مليون قطعة خلال شهر واحد كما تظهر الإحصاءات الرسمية أن مبيعات الأسلحة تضاعفت في معظم الولايات الأميركية في مارس وتضاعفت ثلاث مرات في ولأية يوتا وأكثر من ثلاثة أضعاف في ميشيغان التي تعد واحدة من أكثر المناطق تضرراً من كورونا، وفي 21 مارس هذا العام تم تداول أكثر من 210.000 قطعة سلاح وهو أعلى رقم تم تداوله خلال يوم واحد في تاريخ الولايات المتحدة وتظهر إحصائيات الشرطة الفيدرالية أنه تم بيع أكثر من مليوني قطعة سلاح في شهر واحد حيث اشترى سكان ولأية إلينوي أكثرها تليها تكساس وكنتاكي وفلوريدا وكاليفورنيا.

ويرى المراقبون للمشهد الأميركي أن الجمعية الوطنية للأسلحة تريد اصطياد سمكة كبيرة من مستنقع الأزمة الصحية في هذا البلد واضافتها إلى جملة مصالحها المتمثله بلعب الأدوار السياسية والإقتصادية والإجتماعية من خلال فتح محاور جديدة في هذا الإطار.