آخر تحديث :السبت-22 فبراير 2025-08:16ص
العالم من حولنا

الولايات المتحدة وسياسة الإستئثار بمقدرات الشعوب.

الأحد - 12 أبريل 2020 - 03:33 م بتوقيت عدن
الولايات المتحدة وسياسة الإستئثار بمقدرات الشعوب.
تقرير / محمد مرشد عقابي

 

تقرير - محمد مرشد عقابي:

في 20 أكتوبر من العام 1977م أعلن وزير الطاقة الأمريكي في ذلك الوقت "جيمي شليزنجر" أن الولايات المتحدة ربما يتعين عليها اللجوء في يوم ما إلى حماية مصادر البترول في منطقة الشرق الأوسط وأن على الشعب الأميركي أن يقدر الحاجة لضمان نوع من الأمن الفعلي لتلك المصادر وهي الحاجة التي يمكن وصفها بأنها ضرورة عسكرية، ومنذ ثمانينات القرن المنصرم ومع ظهور ملامح انهيار النظام السوفياتي ساد خيار الهيمنة في أوساط الطبقة الحاكمة الأميركية بجناحيها الديموقراطي والجمهوري وانحازت أميركا المأخوذة بنشوة قوتها إلى تأكيد هيمنتها عبر استراتيجية عسكرية صارمة للسيطرة على العالم.

يقول الخبير العسكري ميشيل عزت : بدأت واشنطن مخططها لخوض حروب لا نهائية قامت بإقرارها والتخطيط لها بسلسلة من التدخلات العسكرية منذ العام 1990م في عدد من دول العالم، وتعاظمت هذه النزعة الأميركية منذ ثمانينات القرن الماضي وخاصة تجاه دول العالم الثالث وخاصة دول الشرق الأوسط وذلك من بعد تفردها كقطب واحد دون منافس في الساحة الدولية، وأعلن الرئيس "أيزنهاور" في عام 1951م ما يلي : "ليس هناك في ما يتعلق بالقيمة الخالصة للأرض منطقة في العالم أكثر أهمية من الشرق الأوسط فهذه المنطقة عظيمة الأهمية لما يمكن أن تساهم به في مجهودنا كله".

ويضيف : في إطار هذا الهدف والمساعي فقد وفرت السياسية الأميركية الذرائع المطلوبة للتدخل العسكري وهي الذرائع التي تراوح بين مواجهة الإرهاب والتصدي لتجارة المخدرات وتوجيه الإتهامات بإنتاج أسلحة الدمار الشامل وهي ذرائع ملفقة وحجج وآهيه حيث قامت الإستخبارات الأميركية ببذل جهود مضنية من أجل صناعة اعداء مصطنعين في هذه المنطقة سيما عقب احداث الحادي عشر من سبتمبر، فالإتهامات التي وجهت ضد كل من العراق وكوريا الشمالية بإنتاج أسلحة دمار شامل تظل مجرد دعاية مضادة لا قيمة لها أمام حقيقة استخدام الولايات المتحدة هذه الأسلحة المحرمة والجرثومية في هيروشيما وناكازاكي واستخدامها السلاح الكيميائي في فيتنام إضافة الى التهديدات الأميركية المعلنة باستخدام الأسلحة النووية في الصراعات المقبلة.

وقال : مفهوم الحرب الوقائية الذي اختلقته أميركا وحصرته على نفسها يعد ضربة قاضية للقانون الدولي الذي يحظر اللجوء إلى استخدام القوة إلا في حالة الدفاع الشرعي عن النفس كما يخضع أي تدخل عسكري محتمل من جانب الأمم المتحدة لشروط صارمة فالرد يجب أن يكون محدداً ومؤقتاً ويدرك جميع القانونيين والسياسيين أن الحروب التي انخرطت فيها الولايات المتحدة منذ 1990م غير شرعية والمسؤولون عنها هم مجرمو حرب.

على صعيد آخر يرى المفكر الإقتصادي الراحل "سمير أمين" أن الطبقة الحاكمة في اميركا لا تعرف إلا هدفاً واحداً هو جمع المال وفي سبيل ذلك فالدولة الأميركية أعطت الأولوية المطلقة لتلبية متطلبات شركاتها الإحتكارية المتعددة الجنسيات.

ومضى يقول : من وجهة النظر الأميركية فجميعنا شعوب هنود حمر جدد، أي شعوب ليس لها حق في الوجود إلا في الحدود التي لا تعيق توسع رأس المال الأميركي العابر للحدود، وتستخدم الولايات المتحدة شتى السبل لإخضاع مقاومة الشعوب ولو وصل الأمر إلى قيامها بعمليات ابادة جماعية فهي مستعدة للتضحية بملايين البشر مقابل تنامي أرباح شركاتها الإحتكارية العابرة للحدود التي تمتص ثروات ومقدرات شعوب الأرض ولم يعرف التاريخ البشري دولة مارقة مثل هذه الدولة، وما تقوم به الشركات الأميركية العابرة للأوطان ليس دمج المجتمعات الفقيرة بالنظام الرأسمالي عبر تطوير قطاعات الإنتاج في هذه البلدان بل يقتصر الأمر على نهب مواردها وإستغلال الأيادي العاملة الرخيصة فيها والبحث عن ريع مالي إضافي من النفط يفرض على الولايات المتحدة وضع الدول المنتجة للنفط تحت السيطرة والإستعمار الجديد وهذا هو الدافع الحقيقي وراء الحروب الأميركية في آسيا وافريقيا والحملة ضد فنزويلا في عهد الرئيس "مادورو" فمخطط السيطرة على النفط يعود إلى سبعينيات القرن الماضي عندما كان الرئيس "فرانكلين روزفلت" الذي انتخب رئيساً للولايات المتحدة عام 1933م قد أطلق شعاره الشهير الذي يدعو الأميركيين إلى حمل عصاً غليظة والتكلم بهدوء والتوغل بعيداً في أعماق قارات العالم لاستعمارها وإستيطانها فقد قال في ذلك الوقت روزفلت بالحرف الواحد : "إن قدرنا هو أمركة العالم، تكلموا بهدوء، واحملوا عصاً غليظة، عندئذ يمكن أن تتوغلوا بعيداً"، وعلى خطى روزفلت مشى باقي الرؤساء الأميركيون الذين يغلفون سياساتهم العدوانية بالديمقراطية وحقوق الإنسان فـ"دولاند ترامب" يظهر السياسة الإمبريالية الأميريكية كما هي في طبيعتها الرجعية والعدوانية والعنصرية.