يعد الكتاب أهم وسيلة من وسائل المعرفة قاطبة، فهو ركيزة حضارية مهمة تسهم في بلؤرة شخصية القارئ، وهو عنوان لشتى أنواع المعارف والعلوم، وعليه تتوقف سعادة الفرد ورقي المجتمعات، وعنوان لإبداع المبدعين، وتنافسهم في شتى العلوم والمعارف، والكتاب رحلة في العوالم المختلفة ووسيلة من وسائل العلم والمعرفة والثقافة بل هو بحر واسع من المعارف والعلوم التي يحتاجها الإنسان لتكوين خبراته ومداركه حول المجالات المختلفة في الحياة، فمن خلال قراءة أي كتاب سينتقل القارئ والمنهل للقراءة من عالم إلى آخر، ومن حقل إلى حقل آخر وهكذا، وسينهل العلم دون أدنى مجهود.
والكتاب كما قال عنه الشاعر أبو الطيب المتنبي (وخير جليس في الزمان كتاب) فهو أفضل أنيس وهو نِعْمَ الذخر والعدة، ونِعْمَ المؤنس ساعة الوحدة.
للتعرف أكثر عن الأنشطة والفعاليات المتعاملة في الهيئة العامة للكتاب والنشر بمحافظة حضرموت ألتقينا المدير العام الأستاذ عبدالحكيم صالح بن قديم تجدوا هذا اللقاء أعزاءي القراء خلال ثنايا الأسطر الآتية:
• ما هي أبرز الأهداف التي أنيطت لفرع الهيئة بحضرموت، وما هي أبرز نشاطاتكم؟
للحديث عن أبرز أهدافنا ممكن نقول إن قرار الانشاء للهيئة العامة للكتاب والنشر والتوزيع تضمن مجموعة كبيرة من الأهداف والانشطة الثقافية التي تهدف في مجملها إلى نشر الوعي الثقافي بكافة أنواعه المختلفة ليمثل الوسطية والاعتدال في كل ما يقدم للمجتمع من مواد سواء كانت في الجانب السياسي أو الديني أو بقية الجوانب الأخرى والتي تهدف جميعاً إلى بناء المواطن اليمني على سلوك الوسطية والاعتدال في كل ما نقدمه له من مواد علمية أو أدبية أو ثقافية أو دينية أو سياسية ، ونحرص بالتأكيد على الحفاظ على هذا الهدف الوطني من خلال ما نقدمه للمواطنين من مواد مختلفة تتسم بهذه السمة وهذا الهدف .
ويتمثل نشاطنا في الحفاظ على الموروث الثقافي المطبوع في كافة المواد المختلفة سواء فنية أو علمية، وإعادة إنتاجه وتقديمه للجمهور لكي يضل متوارث بين الأجيال من خلال طباعته ونشره ونشر أي إنتاج فكري أو علمي ، ويتم المشاركة بهذه الاصدارات في المعارض الدولية للكتاب التي تقام سواء داخل الجمهورية أو خارجها، أو المعارض المحلية أيضاً، وكذلك من أنشطتنا تقديم أرقام الإيداع للأخوة المؤلفين وحفظ إنتاجهم الفكري أو العلمي أو الشخصي من مذكرات شخصية لتمثيل مادة مميزة للمكتبة اليمنية والحضرمية، وكذلك المشاركات في المعارض الدولية للكتاب الخارجية والمحلية، ومتابعه تنفيذ هذه المهام.
• حدثونا عن وضع المكتبات العامة في المحافظة، وهل هناك تطوير في أداء عملها؟
بالنسبة للمكتبات العامة نحن نشطنا في هذا الجانب لاداركنا أن المكتبة هي البوابة الأولى للتميز وبناء القدرات للأفراد والجماعات لما يوجد بالمكتبة من مواد مختلفة يستطيع المتلقي أن يوسع مداركه العلمية والثقافية والدينية والسياسية، وهي تعتبر صرح علمي وثقافي ومعلم تاريخي مهم يسلكه كل زائر إلى المدينة ومن خلاله تظهر مميزات وتوجه البلد الذي تتواجد به هذه المكتبة، بعبارة أخرى نقول إنه من خلال المكتبة يمكن للزائر أن يجيب على كثير من الاسئلة بنفسه والتي قد تتمثل في حاله البلد الاقتصادية أو التوجه السياسي للبلد وكذلك معرفة هل هذه المدينة تهتم بالتعليم والقراءة إلى غير ذلك؟ والمكتبة هي المكان الوحيد الذي من خلاله تقيس مدى مستوى التعليم وتوجه الدولة نحوه، ولكننا حاولنا أن يكون للمكتبات العامة وضع خاص في محافظه حضرموت من خلال توجيهات الأخ محافظ حضرموت، قائد المنطقة العسكرية الثانية سعادة اللواء الركن فرج سالمين البحسني وبدعم من صندوق التراث والتنمية الثقافية بحضرموت باعتماد مخصص معقول لتسيير أنشطة المكتبتين العامتين بالساحل والوادي وهي المكتبة السلطانية بالمكلا ومكتبة الاحقاف بتريم لأنه للأسف لا يوجد لهاتين المكتبتين موازنات تشغيلية وهي تحتاج إلى مبالغ مالية بصفة مستمرة من أجل أن تقوم بدورها التنويري وتكون قادرة على توفير الاصدارات الجديدة والدوريات وكذلك صيانة الكتب القديمة والتوسعة المستمرة وإضافة أقسام جديدة مع تطوير التكنولوجيا وأجنحة مختلفة.
• ما هي المعايير التي يتبعها فرع الهيئة في إصداراته؟
بالنسبة لإصدارات الهيئة العامة للكتاب بحضرموت لا يوجد لديه مخصص لطباعة الكتاب، ولكن لدينا تنسيق مع الأخ الوزير ونرفع له ما تصلنا من طلبات من الأخوة المؤلفين وحسب إمكانية الوزارة وأهمية المادة، يتم دراسة الطلب ويتم تقديمه إلى لجنة متخصصة لتقر طباعة الكتب المسلمة للوزارة، ومؤخراً تم طباعة إصدار للروائي القاص الكاتب الأستاذ صالح سعيد باعامر وهو عبارة عن رواية اسمها (ملكة الناصر) وأيضاً هناك عدة إصدارات لبعض المؤلفين لازالت اصداراتهم قيد الطبع التي توجد البعض منها في مطابع أروقة بالقاهرة ونحن متابعين الوزارة في سرعة طباعة الإصدارات التي رفعت من قبلنا وذلك بالتنسيق مع اتحاد الأدباء والكتّاب اليمنيين فرع حضرموت.
• ما هو تأثير الأزمة الحالية في بلادنا على بيع الكتب الصادرة عن الهيئة؟
حقيقة يجب أن نشير أن الهيئة العامة للكتاب لا تقوم ببيع الكتاب إلا من خلال المعرض الدائم للكتاب لبيت الثقافة أو من خلال المعارض الدولية التي تشارك رئاسة الهيئة العامة للكتاب والنشر فيها.
• كم عدد المعارض التي نفذه فرع الهيئة خلال الفترات الماضية، ولماذا تراجعت إقامة مثل هذه المعارض؟
الهيئة العامة للكتاب بالمحافظة نفذت خلال الفترات الماضية معرض دولي للكتاب بالقاعة الكبرى لجامعه حضرموت (قاعة المرحوم الدكتور علي هود باعباد) وكان معرض دولي كبير وكان ناجحاً بكل المقاييس وبالغاً منقطع النظير وذلك لأنه اشتركت فيه أكثر من سبعين دار نشر خارجية ومحلية، وقدمت فيه كل الاحتياجات من الكتب العلمية والثقافية والدينية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والأسرة والطفل، وخمسة معارض متوسطة في الساحة العامة لمكتبة الطفل بالمكلا وكانت أيضا ناجحة ووفرت كثير من الاحتياجات للباحثين والطلاب والطالبات والأسرة والمجتمع، ولكن وللأسف الشديد ومنذ سيطرة تنظيم القاعدة على عاصمة المحافظة المكلا في العام 2015م والمليشيات الحوثية على مركز الدولة بالعاصمة صنعاء تأثرت كل الكيانات المختلفة بشكل عام والثقافية بشكل خاص وبدت معاناة المواطنين جراء هذه الأحداث السياسية، ومعها توقفت كل أنشطتنا كون موازنة الهيئة العامة للكتاب بحضرموت مركزياً الذي سنسعى إلى إعادة توفير مخصصات المكتب حتى نقوم بدورنا المنوط به.
• في ظل ثورة التكنولوجيا حالياً، هل ترى إن الكتاب الورقي تأثر تأثيراً وتم العزوف عنه والتوجه إلى الكتاب الإلكتروني؟
نعم هناك مميزات كثيرة يقدمها الكتاب الإلكتروني من حيث سرعة القدرة على اقتناء الكتاب والتنوع الذي يمكن أن يكون لديك في جهازك وسعر الكلفة أيضا يكون أقل بكثير من الكتاب الورقي بل عن الكتاب الإلكتروني عزز من وجود الكتاب الورقي، وعمل على زيادة زوار معارض الكتاب بحثاً عنه، ولكن هناك مميزات كثيرة ومهمة للكتاب الورقي وهي أن الكتاب الورقي يشعرك بمتعة القراءة أكثر من الكتاب الالكتروني وتكون بين يديك مادة محسوسة وتكون أكثر استيعاب وشعور بمتعة القراءة ولازال الكتاب الورقي يشكل مكانة كبيرة لدى القراء، ويبني علاقة حميمة وصلة وثيقة بين القارئ والكتاب وهو أكثر راحة للعين من الإلكتروني فالقراءة لساعات طويلة من جهاز إلكتروني تسبب إجهاداً للعين، ولهذا نقول إن الكتاب الورقي ما زال متربعاً على أسواق الكتب، ومعارض الكتب الدولية والمحلية في مشارق الأرض ومغاربها وما يرافقها من إقبال كبير من المواطنين فيه دلالة واضحة على مكانه الكتاب الورقي ومدى قبوله لدى جميع أفراد المجتمع وكافة أطيافه.
ولسنا هنا في صدد تفضيل أحدهما على الآخر فلكل منهما مزاياه وعيوبه، وإن كان الكتاب الإلكتروني قد فرض نفسه في الفترة الأخيرة بقوة على الساحة.
والأهم من ذلك أن ندرك أن الطباعة الورقية أو التخزين الإلكتروني ما هو إلا وسيلة لتسهيل القراءة على الطالب والباحث والقارئ فينبغي ألا تشغلنا الوسيلة عن الغاية والتي هي القراءة، فالمهم إن الإنسان يجب أن يحرص على القراءة في الكتب النافعة والمفيدة سواء كانت مطبوعة طباعة ورقية أم مخزنة تخزيناً رقمياً، فالعلاقة بين كلاً من الكتابين علاقة تكامل، لا علاقة تنافس، فالكتاب الورقي والإلكتروني يكمّل بعضهما البعض، فلكل واحد منهما ميزاته وإيجابياته.
• ما هي طموحاتكم المستقبلية في تطوير وأداء عملكم في فرع الهيئة بالمحافظة؟
يمكن القول أن طموحاتنا كبيرة وقدراتنا أكبر لتنفيذ ما تحتاجه المحافظة من بناء وأسس وبنية ثقافية تضعها في مستوى متقدم على كل المحافظات لكن تقف الامكانيات حائل دون ذلك، ولكنني أتطلع ونأمل من الأخ المحافظ اللواء الركن فرج سالمين البحسني أن يوجه بإنشاء مكتبة عامة بالمكلا أسوة بإقامة مسرح وطني ووضع حجر أساس لمسرح مفتوح وحديقة عامة، لذا نأمل أن يتم التوجيه للمختصين بإنشاء المكتبة العامة، وإنشاء صالة للمعارض والمؤتمرات الدولية والمحلية، والتوجيه بطباعة عدد من الاصدارات العلمية والثقافية لتضيف إضافة مميزة إلى المكتبة الوطنية والحضرمية، خصوصاً أن حضرموت هي معقل الأدباء والشعراء والكتّاب والمفكرين والمثقفين واقتران اسم حضرموت بكل هذه المسميات.
• في ختام هذا اللقاء نترك لكم كلمة تقول شيء إضافته؟
في الختام نوجه شكرنا لكم على استضافتكم ، والذي أريد قوله في ختام هذا اللقاء إن الشأن الثقافي يزدهر مع الاستقرار السياسي بالبلد ويتأثر كثيراً في فترة عدم الاستقرار السياسي أو الحروب، وبالنسبة لنا فنحن جزء من منظومة المجتمع وتأثرنا كثيراً خصوصاً إننا من الهيئات المركزية التي تخضع موازناتها مركزياً، وعدم الإيفاء من المركز بتمويلنا بالمخصصات التشغيلية بالفرع لتنفيذ المهام المناطة بنا، ولكن دعني ــ أخي الكريم ــ ومن خلال هذا المنبر الإعلامي أن نشكر الأخ محافظ حضرموت، قائد المنطقة العسكرية الثانية سعادة اللواء الركن فرج سالمين البحسني الذي ذلّل لنا أغلب الصعوبات وتغطية أي احتياجات يفترض أن يتحملها المركز ولازلنا نسير نحو معالجة أوضاع الهيئة وخاصة في جانب تعزيز الموازنة .
