تقرير يسلط الضوء على التدخل الإيراني في الملف اليمني واستخدامه الحوثيين أدوات لتحقيق أهدافه العابرة للحدود.
ما موقف المجتمع الدولي من الدور الإيراني في ملف السلام في اليمن ؟
متى بدأت علاقة الحوثيين بإيران ؟
كيف توظف إيران جماعة الحوثي كورقة ضغط في مفاوضاتها العابرة للحدود ؟
كيف أسهمت فترات الهدنة الأخيرة في تعرية الحوثيين أمام المجتمع اليمني والأطراف الدولية ؟
أوهم الحوثيون الشعب بأنهم على علاقة تحالف مع إيران بينما الواقع أثبت أنهم أدوات !
الدور الإيراني وأدواته في اليمن.
(عدن الغد ) القسم السياسي:
ظلت جماعة الحوثي الإرهابية طوال الفترة السابقة تتنكر من علاقاتها بإيران تحت ذرائع كثيرة كان ابرزها انها ستواجه غضبا شعبيا ولا سيما بعد التدخل الإيراني وإشعال فتيل الصراعات الطائفية عن طريق دعمها لأشخاص ثم جماعات وأجنحة في شمال اليمن ما عكس ذلك على واقع مأساوي اصطدم بجدار الوطن وحوله الى خرابة .
مؤخرا كانت هناك عدة لقاءات رسمية بين الحوثيين والإيرانيين بمسقط بشكل رسمي , حيث التقى رئيس وفد صنعاء المفاوض محمد عبد السلام بوزير الخارجية الإيراني في العاصمة العمانية مسقط، ويؤكد أنّ المباحثات "شملت الوضع الإنساني والسياسي والشأن الإقليمي والدولي".
حيث ابرز اللقاء أن الحوثيين مجرد ادوات صرفة يتلقون الأوامر وينفذونها فقط .
وكان مسؤول في الخارجية الإيرانية اثناء تواجده بمسقط تحدث إنّ "إيران سعت على الدوام للوقوف إلى جانب شعب اليمن وأن تكون صوته، مؤكداً أنّ "الطريق الصحيح هو التخلي عن المسار الخاطئ ، والإقبال على الحل السياسي" لكن اتضح ان إيران صادرت القرار السياسي من الحوثيين وكانت هي المتحدث والمفاوض والمحارب .
جاء اللقاء الأخير بين وزير الخارجية الإيراني والناطق باسم الحوثيين محمد عبد السلام فليتة، ليؤكد أن قرارات الحرب ووقف إطلاق النار والسلام والتصعيد والتهدئة من جانب الميليشيا الحوثية، قرار إيراني بحت، لا يملك الحوثيون فيه أدنى حرية واستقلالية في اتخاذ قرار يخدم المصلحة الوطنية للشعب اليمني.
وبات من الواضح لجميع المراقبين للشأن اليمني، أن ما يحدث في جبهات القتال في اليمن، وما يصدر من مواقف وتصريحات حوثية تجاه الوضع في البلاد، هو انعكاس لما يواجهه النظام الإيراني من ضغوطات خارجية أو داخلية، ولا يرتبط أبداً بأي مصلحة وطنية.
ويحاول النظام الإيراني، في ظل ما يواجهه من أزمة اقتصادية، وحراك شعبي يطالب بالإصلاح السياسي والتغيير الاجتماعي، وموقف دولي حازم تجاه مشروعه النووي، توظيف كل الأوراق المتاحة أمامه لتخفيف الضغوط السياسية والاقتصادية القوية المفروضة عليه من الداخل والخارج، ومن بينها ورقة الحرب والسلم في اليمن.
ويدرك اليمنيون جميعاً، ومن بينهم بعض الحوثيين المعتدلين، أن المصلحة الوطنية اليمنية تقتضي اتخاذ المليشيا الحوثية نهجاً عقلانياً، يلتقي مع توجه مجلس القيادة الرئاسي الداعي إلى استمرار الهدنة، والبناء على ما تحقق خلالها من إيجابيات عديدة، والعمل من أجل التوصل إلى حل سلمي ونهائي للأزمة اليمنية، وهو ما ترفضه الأصوات المتطرفة في الميليشيا، لمخالفته الرغبة الإيرانية، وخوفاً على مكاسبهم الشخصية.
> بداية خيوط اللعبة الإيرانية
طموحات إيران التوسعية وخطتها بتصدير الفكر الشيعي إلى المنطقة، عقب نجاح الثورة الخمينية، قاد طهران إلى نسج علاقة مع جماعة الحوثي في صعدة شمال اليمن، حيث دعمتها مالياً وعسكرياً بعد تبني الجماعة المتمردة لفكر إيران الطائفي الدخيل على اليمن.
علاقة جماعة الحوثي بإيران تكشّفت خيوطها شيئاً فشيئاً في ثمانينيات وتسعينات القرن الماضي، بدءاً من استقطاب قيادات الحركة ومناصريها وإرسالهم إلى قم الإيرانية للتعليم الديني، مروراً بالدعم العسكري والمالي للجماعة المتمردة التي أرادت تحويلها إلى ذراع لها في جنوب الجزيرة العربية والسيطرة على مضيق باب المندب أحد أهم ممرات الملاحة في العالم.
الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من خوض الحروب الست التي شنتها الحكومة عليها بين عامي 2004 و2010.
وتمثلت ذروة هذا الدعم خلال الانقلاب على الشرعية، حيث لم يجد الحوثيون حرجاً في كشف علاقاتهم بإيران التي تحولت إلى أدوات استراتيجي، فهبطت الطائرات الإيرانية في مطار صنعاء محملة بعناصر الحرس الثوري، إضافة إلى مواد وتكنولوجيا عسكرية.
وخلال عملية "عاصفة الحزم"، ومن بعدها "إعادة الأمل"، التي شنها تحالف دعم الشرعية في اليمن، شكل تهريب الأسلحة الإيرانية إلى صنعاء تهديداً لجيران اليمن وعلى رأسها السعودية التي استهدفتها صواريخ إيرانية من الأراضي اليمنية.
طموحات ومطامع إيران التوسعية والطائفية لم تطل اليمن فقط بل حاولت زرع أذرع لها في المنطقة عبر تمويل شبكات إرهابية في دول خليجية.
الدور الإيراني الداعم للجماعات الإرهابية طال شرق السعودية، وتحديداً بلدة العوامية في القطيف، ما دفع وزارة الداخلية إلى الإعلان عن مواجهة خلايا إرهابية على علاقة بإيران التي تؤوي أغلب المطلوبين.
وفي الكويت، كشفت التحقيقات في قضية "خلية العبدلي" الشهيرة عن ضلوع إيران وحزب الله في القضية التي استهدفت أمن الكويت، وهو ما دفع الكويت إلى خفض التمثيل الدبلوماسي مع طهران.
البحرين أيضاً اتهمت في أكثر من مناسبة إيران بدعم وتمويل جماعات إرهابية وتهريب الأسلحة والمتفجرات، وكشفت بالدلائل الدور الإيراني المشبوه في محاولة زعزعة أمن الدولة.
> سقوط الأقنعة
يوماً بعد آخر، تصبح القيادات الحوثية المتشددة أكثر انفصالاً عن الواقع اليمني، وأكثر بعداً عن المصلحة اليمنية، ولاسيما وأن نهجهم التصعيدي المستمر يخالف ما يعبر عنه أغلبية اليمنيين من رغبة في استمرار الهدنة، والتوصل إلى حل سلمي شامل للأزمة، خصوصاً وأن الأوضاع أصبحت أكثر استقراراً في الشهور الأخيرة منذ سريان الهدنة.
حيث أسهمت فترات الهدنة الأخيرة في تعرية الحوثيين أمام المجتمع اليمني والأطراف الدولية المعنية بالشأن اليمني، حيث كشفت للجميع محاولات المليشيا الحوثية خلق مبررات واهية لرفض استمرار الهدنة والاستجابة للأصوات اليمنية والإقليمية والدولية الداعية لهم للانخراط في مفاوضات سياسية، لإيجاد حل سلمي ونهائي للأزمة اليمنية، بمزاعم مختلقة من قياداتها.
ما تمارسه إيران ليس طموحات سياسية واقتصادية يحق لكل دولة أن تقوم بها بالوسائل المشروعة، بل هي أطماع واسعة تتعدى حقوق الآخرين.. فقد اتخذت السياسة الخمينية الإيرانية التوسعية مساراً عدائياً تصادمياً عبر خطين متوازيين.
الخط الأول: ممارسة العنف والتصعيد ضد العدو الحقيقي الدائم، وهم المسلمون السُّنة والعرب والثاني إظهار العدو الوهمي (إسرائيل وأمريكا) بمظهر العدو الحقيقي الدائم؛ كغطاء لإخفاء حربها الحقيقية على عدوها الرئيسي في اليمن ودول الخليج العربي .
وفي عام 2019 تعهد الزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي بمواصلة دعم طهران لجماعة الحوثي اليمنية ودعا إلى الحوار بين اليمنيين لحماية وحدة وطنهم الذي مزقته الحرب.
ونقل التلفزيون الرسمي عن خامنئي قوله، خلال اجتماعه مع محمد عبد السلام كبير مفاوضي حركة الحوثي آنذاك والذي زار إيران من أجل أخذ الإذن المسبق بالموافقة على الهدنة الأممية او رفضها حيث قال “أعلن دعمي لمقاومة رجال ونساء اليمن المؤمنين شعب اليمن... سيشكل حكومة قوية.
وذكرت وكالة فارس للأنباء وقتها أن خامنئي، الذي أجرى لأول مرة محادثات في طهران مع ممثل كبير للحوثيين، دعا كذلك للتصدي بقوة للمؤامرات التي تقودها السعودية لتقسيم اليمن وهذا ما يؤكد إن إيران تصدر أفكار مغلوطة وملغومة تهدف الى مزيد من حدة الصراع و الاقتتال بعدم ما تتضمن تصاريحها ويكشف تناقضاتها ولعبها بملف الحرب والسلام اليمني .
> انعكاس التدخل الإيراني على ملف السلام في اليمن
أصبح المجتمع الدولي أكثر قناعة بأن الحوثيين هم الطرف المعرقل للحل السلمي، وأن ذلك عائد بشكل أكبر إلى الدور الإيراني التوسعي والتخريبي في اليمن، وفي بقية الدول التي تتواجد فيها ميليشيات تابعة لها، حيث تستخدم إيران الميليشيات العميلة التابعة للضغط على المجتمع الدولي، لتقديم تنازلات لصالحها، ومنحها شروطاً أفضل في ملف المفاوضات النووية، وغيره من الملفات.
الدور الإيراني الخبيث في إشعال الحرب يصل ذروته بل يصدر أيضا الثورة الخمينية لأجنحتهم الإرهابية كي يستلهموا منها الصبر حد قوله في اليمن وباقي دول الخليج حيث صرح رئيس البرلمان الإيراني محمد باقر قاليباف، لدى استقباله عبد السلام في وقت سابق أن إيران تدعم اليمن على المستوى اللوجيستي والعسكري مشبهاً ما يجري في اليمن بـ"الأيام الأولى لانتصار الثورة الإسلامية الإيرانية"، وقال إنّ "أميركا والكيان الصهيوني كانا على قناعة أنه يمكنهما الانتصار عليهم في وقت قصير بعد الثورة، وأنه يمكنهما هزيمة الثورة.
يوجه الإيرانيون جماعة الحوثي حسب رغباتهم ويستخدمونهم كورقة ضغط على الإقليم والمجتمع الدولي في مفاوضاتهم العابرة للحدود ، وآخرها مفاوضات الاتفاق النووي .
ويرى المراقبون أن أصابع إيران لم يكن لها أن تتغلغل في اليمن لولا وجود عوامل موضوعية تساعدها على ذلك، وأهمها الحركة الحوثية؛ حيث تلعب الحركة العامل الأبرز في تمدد إيران وتوسعها في اليمن
ففي جانب السلاح تعمل إيران حثيثا على ضمان تدفق السلاح إلى الحوثيين، سواء عبر تهريب شتى أنواع الأسلحة إلى صعدة، أو عبر الدعم المالي لشراء السلاح من الأسواق اليمنية.
أما على الصعيد السياسي، فإن إيران تسعى إلى التأثير في المشهد السياسي اليمني من خلال الاتصال بجميع القوى السياسية الفاعلة من أقصى اليمين إلى اليسار، ومن جنوب اليمن حتى شماله؛ فإيران تدعم عبر وسطائها سياسيين في القوى اليسارية ممن شاركوا في الثورة الشعبية ولديهم عداء أيديولوجي مع حزب (الإصلاح) والتيارات السلفية؛ لإيجاد أرضية من القبول للتحالف أو التنسيق مع الحوثيين كقوة ممثلة لها في اليمن.
وكشف متحدث الحوثيين محمد عبد السلام، أنّ قوة اليمن جزءٌ من قوة محور المقاومة، قائلاً إن اليمن يمر بظروف صعبة للغاية مقدماً الشكر لإيران على دعمها الذي لم يلمس منه الشعب غير الموت والبارود.
وبهذه الأدوار الإيرانية الواضحة للعيان يتضح ان المتحكم بالقرار السياسي والعسكري هي إيران.
وأدركت بعض الشخصيات الحوثية مؤخراً أن استمرار الميليشيا في نهجها التصعيدي، وسياساتها التخريبية لمؤسسات الدولة في مناطق سيطرتهم القائمة على الفساد وسوء الإدارة، يضعهم في مسار تصادمي مع إرادة الشعب اليمني في قيام حكومة وطنية يمنية حرة مستقلة، همها الأول والأخير تحقيق مصالح الشعب اليمني.
ويتطلع اليمنيون جميعاً إلى قيام حكومة وطنية، هدفها معالجة جذور الأزمة اليمنية، وفرض إرادة الدولة وسلطتها على كامل التراب اليمني، واستعادة النهج المؤسسي في إدارة الدولة، ومعالجة الأزمات الاقتصادية وتحسين الخدمات العامة، وعدم استغلال احتياجات الشعب اليمني في تحقيق مكاسب خاصة لمصلحة فئة قليلة وإثرائها على حساب معاناة أغلبية اليمنيين.