العام الجديد يبدأ بتصعيد جديد
تقرير يسلط الضوء على التصعيد العسكري للقوات المسلحة الجنوبية ضد الإرهاب
ما هي أهداف العملية العسكرية التي أطلقت مؤخرا والمسماة "سهام الشرق 2"؟
ما هي المكاسب التي حققتها "سهام الشرق" منذ انطلاقها؟
هل هناك تصعيد عسكري في الجبهات المتاخمة للحوثيين؟
ما الأهمية الاستراتيجية التي قلبت المعادلة العسكرية في أبين؟
(عدن الغد) القسم السياسي:
كان عام الـ 2022م محطة تحول كبيرة في تاريخ المؤسسة العسكرية الجنوبية, رغم الظروف الاستثنائية والمعقدة, استطاعت فيها القوات المسلحة الجنوبية إحراز العديد من النجاحات العسكرية والملاحم البطولية على الصعيدين الأمني والعسكري, وتجاوز حالة الدفاع إلى الهجوم و إطلاق سلسلة من العمليات العسكرية الناجحة, وصفت بأنها الأكثر دقة في تحقيق أهدافها في مواجهة الجماعات المسلحة وقوى الإرهاب على أكثر من محور قتالي, إضافة إلى تعزيز تواجدها الرادع للمليشيات الحوثية, على امتداد مسرح العمليات العسكرية.
ومؤخرا أعلنت قوات الحزام الأمني انطلاق المرحلة الثانية من عملية "سهام الشرق" في محافظة أبين.
جاء ذلك في العرض العسكري الذي شهده معسكر "رأس عباس"، احتفاء بتخرج الكتائب الأولى لألوية الدعم والإسناد (أبين).
وقدمت الكتائب عرضا مهيبا من أمام منصة الشرف، كما قدموا عرضا بالآليات العسكرية وسط اشادة وترحيب القيادة العسكرية.
وفي العرض العسكري الذي حضره عدد من القادة العسكريين ووزراء في حكومة المناصفة، أوضح العميد محسن الوالي عن تشكيل قوة دعم وإسناد من "5 ألوية" خاصة بمحافظة أبين، لاستكمال تطهيرها وتأمينها من خطر الجماعات الإرهابية.
وكانت المرحلة الأولى قد انطلقت في طلائع العام 2022 ونجحت في تطهير مساحات واسعة من محافظة أبين التي عانت من وجود التنظيمات الإرهابية على مدى عقود واستكملت العمليات الأمنية بعملية اعصار الجنوب.
فالعمليات العسكرية التي تخوضها القوات المسلحة الجنوبية وتحديدا سهام الشرق وسهام الجنوب منذ انطلاقها في أغسطس من العام الجاري، ضد التنظيمات الإرهابية في محافظتي أبين وشبوة اثبتت مدى بسالة القوات الجنوبية وقوتها وأنها قادرة على حماية الجنوب من أي خطر يهدده وأنها الحصن المنيع للجنوب.
في المقابل حاولت التنظيمات الإرهابية بأبشع الطرق التصدي للقوات المسلحة الجنوبية من خلال تفخيخ الطرق وزرع العبوات الناسفة في طريق القوات الجنوبية، إلا أن القوات الجنوبية استطاعت بحنكة وبسالة الانتصار على هذه التنظيمات وطهرت أبين منها وكان آخرها وادي عومران .
ومثل عام 2022 بحد ذاته اختبارا حقيقيا للقوات المسلحة الجنوبية التي استطاعت تجاوزه وتوسعة مسرح عملياتها العسكرية بكل حنكة واقتدار وصولا إلى حالة التأهب والاستعداد القتالي والجاهزية الكاملة التي تتحلى بها استعدادا منها لتطهير باقي المناطق من التنظيمات الارهابية, ناهيك عن الدور المساند على الأرض والرافد الأبرز على الصعيد السياسي والدبلوماسي.
مكاسب سهام الشرق
اعتبر القيادي في المجلس الانتقالي الجنوبي، أحمد الربيزي في وقت سابق ، أن الإنجاز الكبير الذي حققته القوات الجنوبية في محافظة أبين يتطلب تفعيل العمل الأمني والاستخباراتي، للحفاظ على هذه المكاسب المهمة.
وقال القيادي في المجلس الانتقالي الجنوبي، في تصريح إن القوات الأمنية والعسكرية، وصلت إلى مديرية المحفد واستطاعت أن تفرض سيطرتها على ما يقارب 90% من مساحة أبين.
وأضاف إن "عملية سهام الشرق في مراحلها الأربع، وصلت إلى مناطق لم تصلها قوات أخرى من قبل".
ورأى أن هذا التقدم بحد ذاته إنجاز كبير، وفي الوقت نفسه يعد خطيراً، إن لم تحسن القوات الأمنية الجنوبية، حماية مراكز تواجدها بتحصين جيد، والبدء بتفعيل العمل الاستخباراتي والأمني في هذه المرحلة.
وأشار الربيزي إلى عدم وجود حاضنة للتنظيمات الإرهابية في كل مناطق الجنوب، مضيفا إن "أيادي الأهالي في أبين والمحافظات الجنوبية ممتدة لمساعدة القوات الأمنية والعسكرية".
وحذر في الوقت ذاته من إخلاء القوات الجنوبية المواقع التي وصلت إليها، وترك الأهالي المتعاونين عرضة لانتقام تنظيم القاعدة، لأن من شأن ذلك أن يفقدها ثقة الأهالي وميزة تعاونهم معها.
وذكر الربيزي أن هذا الأمر ينطبق على كل مناطق الجنوب والتي تسيطر عليها القوات الجنوبية وليس فقط في أبين وشبوة وحضرموت.
تأمين مديريات أبين
أما المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة الجنوبية المقدم محمد النقيب فقال في بداية إعلان سهام الشرق إنه سيتم تأمين المنطقة الحدودية بين محافظة أبين ومحافظة البيضاء عسكريا وأمنيا، حيث إن هذه المنطقة تعد خط تماس مع المليشيات الحوثية وطريق عبور للعناصر الإرهابية بين البيضاء وأبين، فالاستراتيجية التي تقوم عليها سهام الشرق كما هي سهام الجنوب تقوم على السيطرة والتأمين.
وأضاف المقدم النقيب أن سهام الشرق ستتجه الى حيث يتواجد خطر الإرهاب وعناصره أينما كانت، فليس من الممكن ان نبقي أي وجود لها في أرض الجنوب، والعملية طهرت مديريات أبين ولم يتبقَ سوى جيوب مديرية المحفد.
وأوضح المقدم محمد النقيب ان عمليتي سهام الشرق وسهام الجنوب لاقت تعاطيا اعلاميا واسعا محليا وعربيا ودوليا، فالانتصارات التي حققتها القوات المسلحة الجنوبية وعلى رأسها السيطرة على أكبر معسكرات التدريب والتأهيل والإيواء لتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، كانت محط الاهتمام الدولي, ربما لأن خطر هذا التواجد يتجاوز الحدود الوطنية الجنوبية، الى الصعيدين الإقليمي والدولي، وهذه الانتصارات تمثل هزيمة كبرى لأكبر فروع تنظيم القاعدة في العالم (تنظيم القاعدة في جزيرة العرب) الذي يعد الممول الرئيس لفروع تنظيم القاعدة في العالم (تمويل فكري ومادي وبشري)،. عوضا عن انتصارات مماثلة في العملية ذاتها او عملية سهام الجنوب، ومن الطبيعي أن يأتي الاهتمام من دول العالم على هذا المستوى.
أهالي محافظة أبين رحبوا بعملية سهام الشرق وبالقوات المسلحة الجنوبية التي جاءت لتخلصهم من التنظيمات الإرهابية التي عاثت في أبين دمارا وتخريبا، وعبر أهالي أبين بهذه الفرحة وبالانتصارات التي حققتها سهام الشرق بتنظيم المسيرات والمهرجانات والفعاليات التي أيدت هذه العملية وأكدوا فيها أنهم سيقفون مع القوات الجنوبية ضد التنظيمات الإرهابية.
الانتصار على الإرهاب
نجاح العمليات العسكرية التي خاضتها القوات المسلحة الجنوبية في عملية سهام الشرق بمختلف مراحلها لتطهير محافظة أبين وباقي محافظات الجنوب من الجماعات المسلحة والإرهاب شكل انتصارا كبيرا يؤكد قدرة قتالية عالية للمؤسسة العسكرية الجنوبية وفاعليتها في مواجهة الإرهاب والجماعات المسلحة التي طالما ظلت تشكل خطرا وتهديدا للأمن والسلم في المنطقة والإقليم, رغم الأوضاع الصعبة والإمكانيات الشحيحة, إلا أنها استطاعت إثبات نفسها بجدارة وأظهرت للعالم ككل مدى الحنكة والانضباط والعزيمة الفولاذية التي تتمتع بها, باعتبارها شريكا أساسيا في المنطقة لمواجهة الإرهاب والتطرف.
الإنجازات العسكرية والانتصارات البطولية التي حققها أبطال القوات المسلحة الجنوبية على الصعيدين الأمني والعسكري في تحرير أبين وشبوة واستكمال بقية المناطق, مثل تحديّا ورهانا رابحا عزز من الحضور الدبلوماسي, وكذا تعزيز اللحمة الجنوبية, باعتبار الرهان الرابح في ظل كل هذه التحديات هو التكاتف الكبير بين الشعب وقيادته السياسية.