آخر تحديث :السبت-22 فبراير 2025-07:49ص
ملفات وتحقيقات

أوضاع النساء والأحداث المحتجزين.. انتهاك للحقوق وانعدام الخدمات الأساسية

الأحد - 08 يناير 2023 - 01:54 م بتوقيت عدن
أوضاع النساء والأحداث المحتجزين.. انتهاك للحقوق وانعدام الخدمات الأساسية
(عدن الغد)خاص:

تقرير/ جعفر عاتق:

تزداد حجم الاختلالات والممارسات الخارجة عن القانون في فترات الحروب والصراعات وعدم الاستقرار والتي تؤثر على أفراد المجتمع ككل، إلا أنها أكثر تأثيرا على بعض الفئات المستضعفة كالأحداث والنساء جراء مخاطر تتعلق بسوء المعاملة وغيرها من الممارسات غير القانونية.

وتعمل إفرازات الحرب والأوضاع الاقتصادية وعدم الاستقرار على زيادة التوترات في أوساط المجتمع، وحالات مخالفة القانون، كما تقوض جهود الجهات ذات العلاقة لمعالجة هذه القضايا وتحد من دورها في تطبيق القانون، فضلا عن ضعف إمكانياتها.

ويعطي القانون الوطني والمواثيق والعهود الدولية المحتجزات والأحداث اهتماماً كبيرا بما يمنح هاتين الفئتين التمتع بحقوقهما على قدم المساواة مع مختلف الفئات الأخرى.

وتعتبر قضايا الأحداث من القضايا التي يجب التعامل معها بسرية في كافة الإجراءات من لحظة القبض عليه حتى نطق الحكم سواء كان الطفل ضحية أو مرتكب الجريمة بحسب المادة (42) من قانون رعاية الأحداث والتي تنص على: "يحظر نشر اسم وصورة الحدث أو نشر وقائع المحاكمة أو ملخصها في أية وسيلة من وسائل النشر".

وتثبت الوقائع عدم الالتزام بالقانون الذي يحفظ حقوق الأحداث ففي أوقات كثير يتم نشر القضية وتفاصيلها في مواقع التواصل الاجتماعي وتصبح من قضايا الرأي العام، خصوصا عندما يكون الضحية طفلا وذلك نتيجة لأن الجهات التي تقوم بعملية التحقيق غير مدربة ولا مؤهلة للتعامل مع قضايا الأحداث.

وتعتبر مراكز الشرط "مراكز الاحتجاز" الوجهة الأولى لكل من لديه شكاوى أو بلاغ عن قضية معينة، إلا أنه لا يتم التعامل بشكل متساو مع الجنسين، ولا يوجد في أغلب مراكز الاحتجاز آلية تراعي خصوصية واحتياجات النساء، حيث لم تجهز مراكز الاحتجاز لاستقبالهن بما يراعي خصوصيتهن وخاصة الحوامل والمرضعات، بالعكس من ذلك فإن مجرد دخولهن إلى مركز الاحتجاز يعد وصمة عار عليهن وعلى أسرهن، كما أن أغلبية مراكز الاحتجاز لا تحتوي غرفا مؤهلة ومخصصة لعمل الشرطة النسائية لاستقبال النساء والتحقيق معهن.

تدخلات إنسانية

ونظرا لأهمية هذه القضية نفذت مؤسسة انسجام للتنمية مشروع حملة مناصرة قضية النساء والأحداث المحتجزين في عدن، وتخلل المشروع عدة أنشطة وتم تدشينها من خلال تنظيم ورشة عمل لمناقشة "أوضاع النساء والأحداث المحتجزين" في العاصمة المؤقتة عدن، وذلك ضمن أنشطة برنامج تعزيز الأمن على المستوى المحلي في اليمن بتمويل من مؤسسة رنين اليمن والتعاون مع مركز اليمن لدراسات حقوق الإنسان.

وفي الورشة التي حضرها مدير أمن محافظة عدن اللواء/ مطهر علي ناجي والأخ/ محمد قاسم نعمان مدير مركز اليمن لدراسات حقوق الإنسان والأخ أيوب عامر/ رئيس مؤسسة انسجام للتنمية، أكد اللواء مطهر علي ناجي الشعيبي أن أماكن حجز النساء في عدن لا ترتقي أن تكون في المستوى المطلوب، داعياً السلطة المحلية في عدن والدول المانحة والمنظمات الاهتمام بهذه الشريحة من النساء، وتقديم الدعم لتطوير أماكن الحجز وتأهيلها، حتى يتم تأهيل شريحة النساء والأطفال ليكونوا صالحين في المجتمع.

وأشار إلى أن إدارة الأمن تبذل جهدها لتحسين أماكن الاحتجاز، ولكن الإمكانيات المادية والمعنوية غير متوفرة لتأهيل الحدث والمرأة، داعيا السلطة القضائية والنيابة إلى القيام بدورها بشكل أكبر وأسرع وبذل قدر أكبر من الجهود في سبيل ذلك.

من جانبه أشاد الأخ محمد قاسم نعمان رئيس مركز اليمن لدراسات حقوق الإنسان بمبادرة مؤسسة انسجام التي اعتبرها مواكبة لمبادرات عدد من المنظمات والمؤسسات المماثلة والتي تصب في خدمة المجتمع ولا تكتفي بعرض مشكلاته وهمومه ولا يتوقف دورها عند الجانب النظري، بل تعمل على وضع المعالجات والحلول لها من خلال إقامة الورشات والندوات.

كما أشاد بحضور اللواء مطهر علي ناجي الشعيبي الذي وصفه بأنه متفاعل دائماً مع مثل هذه القضايا الأمنية والمجتمعية، ويبارك بالحضور ويتسم بالوضوح والشفافية في تناول مثل هذه القضايا.

وتطرق قاسم إلى أماكن الاحتجاز، مشيراً إلى أن كل مركز الشرطة كانت لديه غرف احتجاز، وهذه الأماكن كانت تحتجز المتهمين لمدة يوم أو يومين أو ثلاثة أيام بالكثير، على ذمة التحقيق، ومن ثم يتم إحالتهم إلى النيابة ومن ثم إلى القضاء، بينما الآن هناك متهمون محتجزون في هذه الغرف لمدة تزيد على ثلاث سنوات، بسبب إضرابات القضاة والنيابات.

ونوه بأن هناك قضايا للنساء تحتاج إلى متابعة عبر محاميات لا بد أن يكن متواجدات في أماكن الحجز لمتابعة القضايا الخاصة بالنساء، مؤكدا أهمية دور هذه المبادرات والورشات ومنها دور مؤسسة انسجام للتنمية في مواجهة التحديات والمشكلات التي تواجه المجتمع وتسليط الضوء عليها ودعوة المسؤولين لحلها.

فيما صرح الأخ أيوب عامر رئيس مؤسسة انسجام للتنمية قائلا: "نسعى من خلال حملة مناصرة قضية حقوق النساء والأحداث والمحتجين لتسليط الضوء على هذه الفئة التي تعاني بصمت بسبب عوامل كثيرة أبرزها انعدام البنية التحتية وضعف الإمكانيات".

وأضاف "إن هذه الورشة تأتي ضمن عدد من الأنشطة في حملة مناصرة قضية النساء والأحداث المحتجزين في عدن، حيث تم إعداد ورقة بحثية لتقييم مراكز الاحتجاز للنساء والأحداث، وإنتاج فيديو موشن جرافيك رسوم متحركة لرفع وعي المجتمع بحقوق النساء والأحداث المحتجزين وإعادة إدماجهم في المجتمع وإعداد كتيبات توعوية تضمن مبادئ حقوق الإنسان واتفاقية بانكوك لحماية حقوق النساء والأحداث وآلية التعامل معهم، لرفع وعي العاملين في مراكز الاحتجاز".

وخرج عن ورشة العمل التي شارك فيها 23 مشاركا ومشاركة من وزارات العدل والداخلية ومنظمات مجتمع مدني واللجنة الوطنية للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان واللجنة الوطنية للمرأة والمجلس الأعلى للقضاء ووزارة حقوق الإنسان وقانونيون ونشطاء وناشطات مجتمع مدني، عدد من التوصيات والمخرجات التي تصب في خدمة شريحة النساء والأحداث.

زيارات ميدانية وحملات توعية

كما نفذت مؤسسة انسجام للتنمية حملة توعية لمراكز احتجاز النساء ودار رعاية الأحداث في العاصمة المؤقتة عدن شملت توزيع كتيبات إرشادات عامة حول أهم المعايير والقواعد لمعاملة السجينات والتدابير الاحتجازية وحماية حقوق الأحداث المحتجزين بناء على اتفاقية بانكوك ومبادئ حقوق الإنسان في العاصمة عدن، حيث تم تنفيذ حملات التوعية في المحتجز الاحتياطي للنساء بخورمكسر والمركز النموذجي للأحداث بكريتر ودار رعاية الأحداث الأولاد والبنات بمدينة الشعب وسجن النساء المركزي بالمنصورة.

ومن جانبه أفاد الأخ علي الزُمري- مدير برامج مؤسسة انسجام للتنمية أن هذا النشاط يأتي كمرحلة أولى للعمل مع احتجازات النساء ودار رعاية الأحداث، مؤكدا لمدراء المراكز على ضرورة تحديد أهم الاحتياجات الأساسية للمراكز سواء على المستوى البنية التحتية وأهم برامج التأهيل والتدريب للعاملين والعاملات في مراكز الاحتجاز ودار رعاية الأحداث وأهمية مشاركة تلك الاحتياجات مع مؤسسة انسجام من أجل ضمان إضافتها ضمن أجندة مشاريع المؤسسة للعام ٢٠٢٣م/ ٢٠٢٤م.

وأضاف الزُمري أن المؤسسة تسعى لتقديم برامج ومشاريع بناء على الاحتياجات التي سوف تقدم التي من الممكن قد تسهم في التخفيف من التجاوزات الحاصلة وتحسين الحالة المادية والمعنوية للمراكز الاحتجاز ودار رعاية الأحداث.

من جانبها أبدت العقيد/ وزيرة عبداللطيف مدير إدارة حماية الأسرة- الشرطة النسائية عن استعدادها للتعاون وتقديم التسهيلات من أجل الشراكة بين المؤسسة ومراكز الاحتجاز النساء ودار رعاية الأحداث، ومتابعة رفع احتياجات مراكز الاحتجاز ودار رعاية الأحداث في سبيل تقديم البرامج التي سوف تسهم في رفع كفاءة العاملات والعاملين في مراكز الاحتجاز ودور الأحداث بالإضافة للتدخلات النوعية.

كما أكد مدراء المراكز أهمية هذا النزول والاستماع للقائمين على المراكز وبناء مشاريع وخطط برامج مستقبلية خطوة إيجابية تلامس الحالة الواقعية لمراكز الاحتجاز، وشددوا على أهمية دور هذا المشروع في تسليط الضوء على التحديات والمشكلات التي تواجه مراكز الاحتجاز ودار رعاية الأحداث والتخفيف من المعاناة الحاصلة في المراكز ودور رعاية الأحداث التي نتجت عن الحروب والصراعات والحالة الصعبة التي تمر فيها البلد ولاسيما على الصعيد الاقتصادي.

وطالب مدراء المراكز من الجهات المعنية برفع المخصص المالي للمراكز التي أصبحت لا تغطي الاحتياجات الغذائية والصحية في مراكز الاحتجاز ودور رعاية الأحداث.

وعي المجتمع بأهمية حقوق النساء والأحداث المحتجزين

وضمن سعي مؤسسة انسجام للتنمية في تسليط الضوء على هذه الفئات المنسية والتي تعاني من عدة مشاكل وأبرزها الوصم والتمييز من المجتمع وعدم القدرة على الاندماج في المجتمعات المحلية بعد انتهاء فترة الحجز.

أنتجت مؤسسة انسجام فيديو رسوم متحركة لرفع وعي المجتمع بحقوق النساء والأحداث المحتجزين وإعادة إدماجهم في المجتمع وحقوقهم ضمن مبادئ حقوق الإنسان العالمية والاتفاقيات الدولية وآلية العمل مع هذه الفئات المنسية والحفاظ على حقوقهم.

الحلول والتوصيات

ومن ضمن أنشطة حملة مناصرة قضية النساء والأحداث المحتجزين في عدن أعدت مؤسسة انسجام للتنمية ورقة بحثية حول "تقييم أوضاع مراكز الاحتجاز للنساء والأحداث في عدن".

ونصت الورقة: "بعد عدد من الزيارات الميدانية التي نفذتها المؤسسة إلى مراكز احتجاز النساء ودار رعاية الأحداث في عدن نستخلص أن هناك ضعفا واضحا في الثقافة القانونية لدى أجهزة الضبط وأغلبية العاملات في مراكز احتجاز النساء، وأيضا نقصا في التدريب والتأهيل حول إجراءات التحقيق والتعامل مع المحتجزات والأحداث وفق القوانين والمواثيق الدولية التي تصون خصوصية الفئتين.

يعزز ذلك انعدام الوعي القانوني لدى المحتجزات وجهلهن بأبسط حقوقهن المتعلقة بالاحتجاز والحصول على محاكمة عادلة، الأمر الذي يجعلهن عرضة للانتهاكات.

وتعاني مراكز الاحتجاز ومركز السجن الاحتياطي ودار التوجيه الاجتماعي للأحداث بعدن من قلة المخصصات المالية وعدم أهلية البيئة المكانية التي لا تتلاءم مع المعايير الدولية لمراكز احتجاز المحتجزات والأحداث، إضافة إلى ضعف الخدمات الصحية والنفسية فيها، خاصة ضعف الخدمات الصحية بشكل عام، والمقدمة للنساء الحوامل والمرضعات بشكل خاص، حيث يوجد فقط طبيب عام رغم وجود أمراض مزمنة كالقلب والسكري وغيرها والأم السجينة تعاني مع أطفالها ولا تحصل على رعاية وتغذية مناسبة لها ولأطفالها.

كما أن أغلبية مراكز الشرط ليست مؤهلة الاستقبال النساء، وحتى المراكز التي لديها حجز خاص للنساء فهو يفتقر لأبسط الخدمات التي تلبي خصوصيتهن، في ظل غياب الدور الرقابي الفاعل من قبل النيابة العامة الذي نتج عنه تعرض النساء للاحتجاز لمدة طويلة قد تتجاوز ستة أشهر على ذمة التحقيق دون إحالتهن للمحاكمة.

ويتسبب عدم تفعيل إجراءات التصنيف والفصل بين المحتجزات بنقل السلوكيات الإجرامية إلى المحتجزات اللواتي يخالطن صاحبات سوابق".

ختاما

تلعب منظمات المجتمع المدني- ومنها مؤسسة انسجام للتنمية- دورا مهما من خلال تدخلاتها التنموية والأنشطة المجتمعية في تسليط الضوء على التحديات والصعوبات التي تواجه مؤسسات الدولة للعمل على حماية حقوق فئات المجتمع والمساهمة في معالجة القضايا وإيجاد الحلول المناسبة والحفاظ على حقوق الإنسان وتعزيز التنمية المستدامة في المجتمع.