آخر تحديث :السبت-22 فبراير 2025-08:25ص
ملفات وتحقيقات

من تاريخ رجالات اليمن.. الأستاذ محمد باجمال وحكاية معلم الأجيال(تقرير)

الأربعاء - 11 يناير 2023 - 02:36 م بتوقيت عدن
من تاريخ رجالات اليمن.. الأستاذ محمد باجمال وحكاية معلم الأجيال(تقرير)
(( عدن الغد)) خاص.

إعداد / د. الخضر عبدالله :

الأستاذ الوالد / محمد عبدالله  باجمال ( امزجا ) من مواليد   1930منطقة (العين ) التابعة لمديرية لودر ، نشأ وترعرع في  احضانه مزارعها وجبالها ووديانها ، هذه المنطقة المتواضعة  أنجبت الكثير  من الفرسان في سائر المضامير.

يعد الأستاذ ( باجمال ) وحيد أبيه ، الذي توفي عنه صغيرا ، لتكافح والدته في سبيل تعليمه ونسيان المعاناة التي تجرعتها الأسرة بسبب غياب التعليم في المنطقة ، حيث أدخلته في   باكرا ، ليتعلم القرآن واللغة والحساب ، في المنطقة ، الذي كان يقوم  به رجل يسمى " السيد ناصر " بسبب انعدام مؤسسات التعليم النظامي مطلع الأربعينيات من القرن العشرين الماضي  آنذاك .

مسيرة التعليم

تلقى الأستاذ (باجمال )  دروسه الأولى في كتاب (معلامة) ثم ألحق بعدها  برباط تريم بحضرموت ليكمل  باقي العلوم الإسلامية هناك، الذي تحول فيما بعد  إلى معهد الحبيب المصطفى للعلوم الشرعية .

وكان من زملائه في رحلة العلم إلى ( تريم ) رفيق دربه الشيخ الفاضل / السيد عمر السقاف – رحمه الله – الذي كان  يشغل أمام وخطيب المسجد القديم بمنطقة العين.

عطاء مستمر

عقب تخرجه– رحمه الله -  بعد بضع سنوات حضرموت  ليتم مباشرة بعدها معلماَ بمعلامة في منطقة (العين)  ، وتعد أول مؤسسة تعليمية حينذاك ، إذ كانت هي  أول معلامة تم تأسيسها في أرض ( آل ديان)  وحينما علم الناس بوجودها أرسلوا أبناءهم زرافات وجماعات ليتعلموا فيها قراءة القران الكريم وحفظه والعلوم الشرعية , وعند تأسيس اول مدرسة  ابتدائية حكومية في المنطقة ( مدرسة الشهيد العبيدي) انتقل مدرساَ في المدرسة  ، وكانت قدراته متميزة بالتدريس نتيجة شغفه بالمهنة الجديدة في سلك التربية والتعليم، ومنذ ذلك الحين  ظل ( باجمال ) يقوم بمهنة التعليم لطلبة الصفوف الأولى ، التي تعد من أصعب الفصول التعليمية ، بكل إخلاص وحب للمهنة ، من خلال طرقه المعهودة التي أسهمت في تعليم وتأهيل الآلاف من الطلاب على مدى أربعة عقود ونصف، و بعض ممن درس على يديه ترقى في مناصب عليا في الدولة ، ومنهم ( كاتب هذه السطور ) وآخرون . فيما ظل هو متشبثا بفصل يتكون من القش في مدرسته الريفية ، متحملًا مصاعب التربية والتعليم لأطفال تتراوح أعمارهم بين الخامسة والثامنة من العمر ، وكان بمثابة الروح التي تبث في نفوس الأجيال العلم وإرادة الحياة ، ليترسخ اسمه في الأذهان بصفته معلم الأجيال .

المعلم  وداعية إلى الله 

كان ( باجمال ) واحدا من كبار مؤسسي مدرسة العين ـ وتجشم الجهود الكبيرة المباركة في التعليم والإشراف على التعليم في ذلك الصرح العلمي الذي استمر مشعل نور وهداية في  مناطق منطقة العين حتى يوم هذا .

وما هي إلا فترة يسيرة حتى احتضنه العمل الخيري وتلبس به من خلال اختياره أمام وخطيب  ومرشداَ بمسجد منطقة القاع  ,حيث كان أبناء المنطقة تستحوي عليهم براثن الجهل والأمية وعدم التوعية في العلوم الشرعية  و وكذلك تعاني المناطق من قلة بناء المساجد وشحة في الأئمة والخطباء،ثم عين بعد ذلك  أماما وخطيبا للمسجد الثاني في منطقة  العين( مسجد ربيح), وحاليا بـ(مسجد السنة) .ولايزال الكثير من الذين تعلموا على يدي هذا الأستاذ الفاضل القدير يتلذذون بذكريات أيام التدريس في المعلامة والمدرسة، والمساجد.

رفض التقاعد و مواصلة التعليم

ورغم  تقدم العمر بالمعلم محمد عبدالله ( باجمال) ، الذي صار يعاني من كبر السن وآلام في قدمیه، رفض التقاعد عن التدريس وفضل مواصلة مشواره التعليمي يعلم الأطفال الذين ارتبط باكرا بكل جيل منهم ، وهو يلقنهم أبجديات القراءة والكتابة ، مستخدما أسلوبه المرن والجذاب الذي اتسم به على الدوام.

المرض والتوقف عن التعليم

وبعد مرور السنوات الطويلة ظل جسده يتحمل الامراض والآم ما أفقده القدرة على المشي والحركة سوى لمسافة قصيرة ، ليعلن بعدها جسده المثخن بعقود من العمل والإخلاص في بلاط التعليم ، رغبته في التوقف عن خدمة التعليم بسبب خذلان جسده لرغبته المتقدة في تعليم الأطفال والخدمة المجتمعية ، التي لم يوقفها السن التقاعدي بل ترهل العمر ، تاركا في المدرسة أطلال المعلم ، وبالرغم من السنوات الطويلة التي قضاها ( باجمال) في خدمة التعليم ، لم يلق تكريما يليق بعطائه ، ودع  الخدمة براتب ضئل  لا يتعدى 70 الفا لم  يحفظ كرامة ولا يصون إنسانية أسرته .

 مرضه ووفاته :

عانى اٍلأستاذ/ محمد عبدالله  (باجمال )من أمراض عديدة , اضطر لإجراء عملية  ناجحة  لكنها سببت له آلاماَ في حركته الاعتيادية , وقد تكيف مع هذا المرض فترة طويلة إلى أن بدأت حالته تسيء يوماَ بعد يوم وقد عانى ذلك إيذاناَ بقرب اجله – رحمه الله تعالى- حيث وافته 2009م المنية بمنزليه بالعين ,وحضر تشيع جنازته جمع غفير من وجهاء  وأهالي مناطق دثينة وطلبة علمه  رحمه الله تعالى رحمة الابرار"