آخر تحديث :السبت-22 فبراير 2025-08:25ص
ملفات وتحقيقات

تقرير: ما دلالة تذكير بحاح بأحداث يناير.. هل يوحي ذلك بمرحلة دموية جديدة؟

الإثنين - 16 يناير 2023 - 06:38 ص بتوقيت عدن
تقرير: ما دلالة تذكير بحاح بأحداث يناير.. هل يوحي ذلك بمرحلة دموية جديدة؟
(عدن الغد)خاص:

تقرير يسلط الضوء على تصريح رئيس الوزراء الأسبق خالد بحاح بخصوص التصعيد العسكري في حضرموت

هل يعود بحاح إلى واجهة المشهد السياسي مجددا؟

كيف سيتعامل المجلس الانتقالي مع تحذيرات بحاح ومواقفه المتناقضة؟

المجلس الرئاسي أصدر قرارا بمنع تحرك أية قوات عسكرية.. هل استثنى حضرموت؟!

لماذا يصمت التحالف العربي أمام التصعيد العسكري بين حلفائه؟

ما طبيعة الصراع في حضرموت؟ وهل أصبحت ورقة للعب السياسي؟

بحاح وصراع حضرموت إلى الواجهة!

(عدن الغد) القسم السياسي:

أشعل السياسي ورئيس الوزراء السابق خالد بحاح جدلاً سياسيا واسع النطاق عقب تغريدة واحدة في حضرموت تضمنت موقفا معاديا للمجلس الانتقالي.

وللمرة الأولى وبشكل مفاجئ أعلن الرجل معارضته رسميا للتحركات العسكرية التي يتصدرها المجلس الانتقالي والهادفة لإخراج قوات المنطقة العسكرية الأولى من وادي حضرموت.

بحاح استذكر صراعا دمويا جرى في جنوب اليمن قبل عقود، داعيا إلى عدم تكراره مجددا.

وحرص في تغريدته على الإشارة إلى وثيقة مسربة نشرت على مواقع التواصل أمس الأول وزعم ناشروها أنها رسالة رسمية في إطار هيئات المجلس الانتقالي تتضمن الحديث عن خطة ب في حضرموت، وهي وثيقة لم يتسنَّ لـ(عدن الغد) التأكد من صحتها.

كان بحاح قبل أشهر قد أعلن موقفاً مؤيدا للتحركات المناوئة للمنطقة العسكرية الأولى في حضرموت.

وعلى ما يبدو أن التجاذبات السياسية الأخيرة هناك دفعت الرجل للاصطفاف إلى جانب أحد طرفي النزاع الذي يبدو أنه في طريقه إلى التصاعد بوتيرة عالية.

وبعد ساعات قليلة من تغريدته هذه لاقى الرجل ردود أفعال متضادة، ففي حين رحبت بعض الأطراف السياسية بها وعدتها موقفا سياسيا متزنا هاجمت أطراف أخرى الرجل وقالت إنه يبحث عن مكاسب سياسية في وقت ضائع.

ويذكر أن خالد بحاح كان أول نائب للرئيس ورئيس للحكومة بعد انقلاب الحوثيين في سبتمبر/ أيلول 2014، وتمكن كغيره من باقي قيادات الشرعية من الخروج من صنعاء لاحقا، وإدانة الانقلاب الحوثي، وظل رئيسا لحكومة الشرعية التي عادت إلى عدن عقب تحريرها في 2015، إلى أن تمت إقالته من منصبيه بقرار رئاسي في أبريل/ نيسان 2016، وتعيينه مستشارا لرئيس الجمهورية، وهو المنصب الذي لم يمارس فيه بحاح أي مهام منذ ذلك الحين.

> ردود الأفعال

لم ينجُ الدكتور خالد بحاح من التهكم والاتهام بأنه رجل متناقض في مواقفه السياسية التي تخدم مصالحه، حيث شن الصحفي صلاح السقلدي هجوما عنيفا على بحاح واتهمه بأنه يحاول كسب ود المملكة العربية السعودية.

وقال السقلدي "إن بحاح يلعب في الوقت الضائع ويحاول العودة إلى مسرح سياسي يعتبر فيه واحدا من الكروت البالية" حد وصفه.

وعلق الصحفي أحمد الشلفي على تغريدة بحاح بالقول: "هل تغريدة خالد بحاح نائب الرئيس اليمني السابق تدق ناقوس الخطر عما يحدث في حضرموت حول الوثيقة المسربة للانتقالي عن الخطة ب في المحافظة؟ وهل تحذيره من وقوع معركة في حضرموت أمر واقع أم أن الأمر له رواية أخرى؟

وهاجم الصحفي عادل المدوري بحاح مؤكدا أنه باحث عن مصلحة، مضيفا بالقول: "خالد بحاح زعلان من الانتقالي لأنه لم يرشحه لرئاسة الحكومة خلفاً لمعين ورشح لملس، فغرد بتغريدة يريد ابتزاز الانتقالي بموضوع إخراج المنطقة العسكرية الأولى من وادي حضرموت، وأضاف عليها شوية بهارات مثل 13 يناير عشان تكتمل المسرحية".

> إفرازات الواقع وطبيعة الصراع في حضرموت

السياسي والدبلوماسي ياسين سعيد نعمان، قال في وقت سابق إن "البعض يعتقد أن حضرموت هي الورقة التي يمكن اللعب بها حينما يتعين على الجميع البحث بجدية في تطورات الحياة كما أفرزها الواقع".

ويرى أن هذا الواقع في حقيقة الأمر، هو محصلة السياسات التي طبقت في إدارة البلاد منذ الوحدة، وبدلاً من تغيير هذه السياسات راحوا يبحثون عن أدوات إضافية لتبييض هذه السياسات، أخذوا يبشرون بفصل حضرموت عن الجنوب وعن اليمن، لم يدركوا حقيقة أن حضرموت هي أس الدولة الوطنية في الجنوب عند الاستقلال، وهي العمود الفقري الذي قامت عليه تلك الدولة يومذاك".

وقال "لقد كان توحيد (السلطنة القعيطية وعاصمتها المكلا، والسلطنة الكثيرية وعاصمتها سيئون) في حضرموت واحدة هي المقدمة الأساسية لتوحيد الجنوب وقيام دولته".

وتابع: "حضرموت بوضعها الجيوسياسي القديم، أي ما قبل الاستقلال كسلطنتين مستقلتين، لا يمكن أن تؤسس مرجعية لأي محاولة لتهشيم الجنوب، بعد أن هُشم اليمن، والتي يجري التبشير بها كإحدى الخيبات السياسية التي امتلأت بها أجندات بعض القوى السياسية"، حد قوله.

> تصعيد عسكري ميداني

أدرك الانتقالي بأن وجود جيش يتبع الحكومة الشرعية في وادي حضرموت، يشكل عائقاً أمام مشروعه، لذلك جند إمكاناته العسكرية والإعلامية لمهاجمة تلك القوات، ولم يتوقف عن المطالبة بإخراج قوات المنطقة الأولى منها، باعتبارها "قوة احتلال" كما يسميها في بياناته لكن الوثائق المسربة مؤخرا كشفت أنه قادم على خوض عملية عسكرية لطرد قوات المنطقة الأولى.

البيانات والإعلام لم تكن كافية أمام اللحمة الحضرمية التي حافظت عليها المكونات القبلية، فسعى لتحقيق اختراق، من خلال استقطاب قيادات قبلية في الحراك الحضرمي، ونجح في ذلك، حتى أطلق ما عرفت بكتلة "حلف وجامع حضرموت من أجل حضرموت والجنوب" الذي تشكل من مجموعات قبلية انشقت من حلف قبائل حضرموت، ومؤتمر حضرموت الجامع، وتطور الأمر إلى إطلاقه حملة تجنيد لمهمة السيطرة على وادي حضرموت، معلنا أيضا عن مهلة لإخراج القوات الحكومية من هناك.

ورغم المخاوف من وقوع انشقاق بين المكونات الحضرمية، إلا أن ذلك لم يؤثر على الموقف الحضرمي الذي بدا صلبا لأسباب كثيرة، منها، وفق مراقبين، دعم الرياض له، وأيضا من إيمان جميع الحضارم بأن حضرموت أكبر من أن تكون تابعة لأي مكون أو فصيل أو قوة قادمة من صنعاء أو عدن.

بالمقابل أقر حلف قبائل حضرموت أمس الأول فتح باب التجنيد في الجانب العسكري والأمني لعدد عشرة آلاف مجند من عموم أبناء حضرموت.

وشدد الحلف -في اجتماع له بمدينة سيئون- على أن تقوم الدولة بمباشرة تأطيرهم رسميا، وسيقوم الحلف بترتيب ذلك قبليًا على أرض الواقع في حالة خلاف ذلك.

وأكدت قبائل الحلف وقوفها ودعمها وإسنادها للعميد عامر بن حطيان النهدي أركان حرب المنطقة العسكرية الأولى، وتشكيل لواء من أبناء حضرموت على وجه السرعة تحت قيادته ليتمكن من تنفيذ مهامه على أكمل وجه..

كما أكدت وقوفها ودعمها وإسنادها للعميد الركن عبدالله بن حبيش الصيعري، المدير العام للأمن والشرطة بوادي وصحراء حضرموت، وسرعة تطبيق التوجيهات الرئاسية القاضية بتجنيد ثلاثة آلاف مجند لأمن الوادي والصحراء ليتمكن من تنفيذ مهامه الأمنية.

وجددت القبائل رفضها تواجد أو استقدام أو فرض أي قوات من خارج حضرموت مهما كانت ذرائع وجودها.

وأشارت إلى تنفيذ قرارات الاجتماع الاستثنائي للحلف يوم 19 ديسمبر الماضي وكل القرارات السابقة، وإعفاء الأمين العام للحلف مكتب الساحل والهضبة عمر باشقار من مهامه.

وأكد حلف قبائل حضرموت أنه سيظل على الدوام صمام أمان حضرموت ومحافظا على كرامة أهلها وسيادتهم على أرضهم..

وأمس الأول دفع المجلس الانتقالي بالكثير من القوات العسكرية في مديرية وادي حضرموت، ضمن استعدادات المجلس للسيطرة على المنطقة بقوة السلاح.

والخميس الماضي، طالبت مرجعية قبائل حضرموت بمنع وصول قوات تابعة للانتقالي إلى المحافظة، معلنة رفضها لما "يحدث الآن في بعض المعسكرات التي أنشئت حديثا بدون أي تنسيق مع أبناء حضرموت مثل معسكر جثمة ومعسكر بنين بوادي وصحراء حضرموت ولواء بارشيد في ساحل حضرموت، والتي وصلت لها قوات من خارج حضرموت".

يشار إلى أن البيانات والتصريحات المتتالية للتكتلات الحضرمية تأتي في ظل استقدام الانتقالي قوات تابعة له من الضالع وأبين ولحج وأبين إلى معسكرات استحدثها في المحافظة.

ونستنتج من كل التحركات العسكرية في حضرموت أن خالد بحاح يحرص على حقن الدماء، ويحاول بفطنة وذكاء الرجل السياسي احتواء الموقف قبل انفجار الوضع العسكري، فهل ينجح في إقناع المجلس الانتقالي بالتراجع؟ ولا ينسى المتابع أن قيادة المجلس الرئاسي أصدرت بلاغا عملياتيا يمنع بأي تحرك لأي قوة عسكرية والعمل، لكن ذلك لم يتم، فأين المجلس الرئاسي؟ وهل يتدخل لمنع أي تصادمات بين الإخوة؟

معطيات كثيرة، جعلت حضرموت تقفز إلى صدارة المشهد اليمني من جديد، في ظل حالة شك تعيشها النخب والقوى اليمنية، في مصير استعادة الدولة من مليشيات الحوثي الإرهابية، لكن يبدو أن المعارك الجانبية ستطول أمام التصعيد المتواصل بين فصائل تتبع المجلس الانتقالي والشرعية التي باتت الحلقة الأضعف.