آخر تحديث :السبت-22 فبراير 2025-07:49ص
ملفات وتحقيقات

تقرير: هل تقديم المساعدات هو الحل أم العمل على إيقاف الحرب وتحقيق السلام الشامل؟

الأربعاء - 01 مارس 2023 - 06:20 ص بتوقيت عدن
تقرير: هل تقديم المساعدات هو الحل أم العمل على إيقاف الحرب وتحقيق السلام الشامل؟
(عدن الغد)خاص:

تقرير يتناول خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن ومصير الأموال التي ستجمعها الأمم المتحدة بهذا الخصوص..

ملايين الجوعى في اليمن بانتظار وعود المانحين.. لمن تُجمع الأموال؟

هل تفي الدول المانحة بوعودها أم أنه مجرد بيع سراب لملايين الجوعى؟

ما مصير الأموال التي ستجمعها الأمم المتحدة وهل ستصل إلى أفواه الجوعى؟

ما مراحل خطة الاستجابة ومتى تشكلت أول استجابة إنسانية في اليمن؟

أين تقف الحالة الإنسانية في اليمن.. على شفا المجاعة أم في مرحلة الأزمة الإنسانية؟

من يحرك المعاناة الإنسانية في اليمن وما دور الفساد وسلطات الأمر الواقع الحوثية؟

ما مدى دقة البيانات وكفاءة خطة الاستجابة الإنسانية في وصول الأموال لمستحقيها؟

أين الفلوس؟!

(عدن الغد) القسم السياسي:

تعهد المانحون أمس الأول الإثنين في المؤتمر الدولي المنعقد في جنيف؛ بتقديم 1.2مليار دولار لليمن.

وقال مارتن غريفث المبعوث الأممي إلى اليمن إن الأمم المتحدة تأمل في جمع المزيد من الأموال على مدار العام للمساعدة في احتياجاتها التي حددتها بـ4.3مليار دولار لليمن في عام 2023م.

وتوجه رئيس مجلس الوزراء معين عبدالملك السبت الماضي إلى مدينة جنيف السويسرية، للمشاركة في المؤتمر رفيع المستوى للمانحين، لتقديم دعم خطة الاستجابة الإنسانية لليمن لعام 2023 التي ترعاها الأمم المتحدة، ويشارك في الفعالية أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس ومسئولون رفيعو المستوى من الدول المانحة وشركاء اليمن في التنمية، حيث سيعلن عن تعهدات لدعم خطة الاستجابة الإنسانية للأمم المتحدة 2023.

وأفاد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية لوكالة أسوشيتيد برس بأن الأموال مطلوبة لمساعدة 17.3 مليون شخص من الفئات الأشد ضعفا في اليمن، مشيرا إلى أنه يخطط لتقديم مساعدات عاجلة، لإنقاذ أرواح 14 مليون شخص في العام 2023.

وبحسب تقديرات مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، سيحتاج 21.6 مليون، ثلثا سكان البلاد، إلى المساعدة الإنسانية وخدمات الحماية هذا العام.

وانطلق أمس الأول الإثنين مؤتمر دولي لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن لعام 2023، تنظمه حكومتا السويد وسويسرا برعاية الأمم المتحدة.

وتسعى الأمم المتحدة من خلال هذا المؤتمر إلى منع التدهور المستمر للوضع الإنساني في اليمن.

وتؤكد الأمم المتحدة أن اليمن يعاني من كارثة إنسانية هي الأسوأ في العالم، وأن الأزمة الإنسانية في اليمن تتفاقم، وهي حقيقة يجب التصدي لها على وجه السرعة.

وتقدر الأمم المتحدة أن ثلاثة أرباع السكان في اليمن المقدر عددهم بـ30 مليون نسمة، يحتاجون الآن إلى المساعدة الإنسانية العاجلة والملحة.

وتشكلت أول استجابة إنسانية موحدة في اليمن عام 2010، عقب نزوح الآلاف بين عامي 2004 و2010 في حروب صعدة الستة، وكذا مع حدوث الحراك الثوري في اليمن 2011، الذي تزامن معه عودة نشاط تنظيم القاعدة في بعض مناطق اليمن.

> من يحرك المعاناة الإنسانية في اليمن؟

يرى مراقبون للشأن الإنساني المتفاقم من جراء الصراع المحتدم منذ انقلاب الحوثي على الدولة في عام 2014، أن المحركين الأساسيين للمعاناة الإنسانية في اليمن هما: الوضع الاقتصادي المتدهور والأمن الغذائي، وانهيار قطاع الخدمات الأساسية مثل: الكهرباء والتعليم والمياه والصحة والطرق.

وحسب تصريحات سابقة لـ(أوتشا)، فإنه مع حلول نهاية يوليو 2022 تلقت خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن مبلغ مليار و240 مليون دولار، أي بنسبة 29% من المبلغ المطلوب البالغ 4 مليارات دولار، ما اضطر برنامج الغذاء العالمي في يونيو 2022 إلى تخفيض حصص الإعاشة لملايين الأشخاص، نتيجة الثغرات الحرجة في التمويل.

فكم ستتلقى اليمن من الدعم للخطة الإنسانية لهذا العام 2023 من قبل مؤتمر المانحين، التي تقدر الأمم المتحدة حاجتها لتمويل الخطة إلى  4.27 مليار دولار؟.

وتستهدف الخطة تمويل 30 قطاعا منها قطاع الصحة والأمن الغذائي والزراعة والمساعدات الغذائية وقطاعات المأوى والمواد غير الغذائية والتنسيق والخدمات المشتركة واللاجئين والمهاجرين وتقديم الحماية والمساعدات الطارئة وخدمات دعم المأوى وإدارة المخيمات والتعليم والمياه والصرف الصحي والنظافة وصحة الأم والطفل وتقديم الدعم النفسي، وإزالة الألغام.

> هل اليمن على شفا مجاعة؟

في عام 2017 ظهر مارك لوكوك أثناء عمله كمنسق للشؤون الإنسانية والإغاثة في حالات الطوارئ في الأمم المتحدة وأمام جلسة في مجلس الأمن محذرا من المجاعة، وذكر أن اليمنيين على شفا مجاعة جماعية.

تقسم الأمم المتحدة خطة الاستجابة الإنسانية إلى 5 مراحل: مرحلة الإنذار المبكر، الاحتياج، الأزمة، المجاعة، الكارثة، ومنذ بداية المستوى الثالث من عام 2015، زادت المساعدات التي يقدمها برنامج الغذاء العالمي إلى مليون و800 نسمة في أوائل 2020، ولايزال تأثير هذه المساعدات غير واضح على الحياة المعيشية للسكان.

وتوضح سلسلة تقارير للكاتبة السويسرية سارة فولستيك الباحثة في مركز صنعاء للدراسات أنه وفقا للتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي فإن اليمن قد تراجعت إلى من المرحلة الخامسة (الكارثة) والرابعة (الطوارئ) إلى المرحلة الثالثة (الأزمة)، وأظهر التقرير العالمي حول أزمات الغذاء  لعام 2021 تحسنا في الأمن الغذائي، حيث انخفض السكان الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي من 6 ملايين و800 ألف نسمة إلى 3 ملايين و600 ألف نسمة.

> مبالغ مالية هائلة.. والمعاناة مستمرة!

تقول التقارير التي تظهرها القيادة الإنسانية العليا ومقرها في نيويورك وجنيف وروما أمام المانحين إنها قد جمعت للاستجابة الإنسانية الطارئة، منذ تفاقم الصراع العسكري في اليمن عام 2015 حتى 2022، مبلغ 17 مليار دولار، وتشير تقارير أخرى لعاملين في الشؤون الإنسانية أن المبلغ قد تجاوز الـ23 مليار دولار.

لا بيانات دقيقة توضح حجم الكارثة الإنسانية في اليمن، إذ عادة ما تضع مليشيا الحوثي قيودا على تحركات فرق المسح الميداني الذين يقومون بجمع البيانات، لكن هل الأموال التي تجمعها الأمم المتحدة سنويا من المانحين تحت مسمى "الاستجابة الإنسانية" تصل إلى أفواه الجائعين؟.

يقول تقرير لمركز صنعاء للدراسات: إنه في العام السابع من تمويل الاستجابة الانسانية، تبدو التقارير الواردة من اليمن قاتمة، فقد وثق جيدا تحويل المساعدات عن مسارها، وهناك ممارسات فساد وتقييد الوصول لها، ونقص أو تضاءل مساحة عملياتها، وغالبا ما تعزى التحديات والعقبات التي تعترض تقييم الاحتياجات والاستجابة في اليمن إلى بيئة  العمل التي أوجدتها السلطات، ولاسيما جماعة الحوثيين المسلحة التي تسيطر على القدر الأكبر من سكان اليمن.

يصف العديد من العاملين في مجال المساعدات الإنسانية والمحللين والخبراء والجهات المانحة وممثلي المجتمع المدني أن نظام تقديم المساعدات الإنسانية لا يتمتع بالمرونة والفاعلية وغير مناسب، وأن الأغلب من تلك الأموال التي يتم جمعها تسلل إلى غير مستحقيها، بل البعض منها يدخل في جيوب الجماعة المسلحة الحوثية التي تستخدمها في استدامة انقلابها وحربها ضد اليمنيين.

وما يفاقم المعاناة الإنسانية في اليمن هو تجدد دورات الصراع والانقسامات الاجتماعية والسياسية العميقة والمزمنة، وسوء إدارة الدولة للموارد منذ فترة طويلة، وتفاقم ظاهرة الفساد، وما انقلاب الحوثي في عام 2014 على الدولة إلا إضافة مدمرة إلى حالة الانهيار الاقتصادي التي تعاني منها البلد منذ سنوات سابقة، إذ كانت تشير الاحصاءات إلى أن حوالي 15 مليون يمني يعانون من سوء التغذية.

> هل الحل بتقديم المزيد من المساعدات؟

ينطوي الصراع في اليمن على أشكال من الصراعات المحلية والإقليمية والدولية متعددة الأوجه، وما الصراعات الحالية إلا إرث لأحداث قد حصلت سابقا في حروب صعدة الستة بين عامي 2004 - 2010، وتتسم الجبهات حاليا بالهدوء النسبي مع بعض الخروقات العسكرية في حدود التماس بينهما، مع سريان تمديد الهدنة الأممية.

وماتزال تسيطر مليشيا الحوثي على الكتلة السكانية الأوسع في شمال ووسط البلاد بما نسبته 75% من إجمالي السكان، يقابله سيطرة للحكومة المعترف بها دوليا على الأجزاء الجنوبية والشرقية والغربية، التي تضم مساحات شاسعة وأقل نسبة من السكان.

وفي الوقت الذي ما يزال الانتصار العسكري بعيد المنال لأي طرف وآفاق الحل السياسي متعثرة، تتكئ البلاد برمتها على الهدنة الأممية الهشة التي قد تتهاوى في أي وقت، تشكلت أول استجابة إنسانية في اليمن.

وتكشف التقارير الدولية أن اليمن هي الثانية من حيث تلقي التمويل لدعم المساعدات الإنسانية بعد سوريا، وتشير معلومات التتبع المالي التابعة لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة، إلى أن اليمن قد تلقى حوالى 14% من الميزانية العالمية للمساعدات الإنسانية في السنوات الأخيرة، وتعد اليمن من أكبر الاستجابات الإنسانية وأكثرها تكلفة في العالم، إلا أن هذه الاستجابة قد فشلت في تقديم ما يجب أن تقدمه لليمنيين.

ويقول خبراء وعاملون في الشأن الإنساني إن المساعدات الإنسانية ليست الطريقة المثلى لتلبية الاحتياجات الإنسانية، بل يجب أن ترتبط بنهج ثلاثي   يتمثل بوقف الحرب وعملية السلام والشروع بعملية التنمية وإعادة الإعمار، إضافة إلى مواصلة العمل في الاستجابة الإنسانية في حدودها الدنيا.

> ما مدى دقة خطة الاستجابة الإنسانية؟

أقرت خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن لعام 2021 بعدم وجود بيانات شاملة على مستوى البلاد، وأن ما نسبته 60% من جمع البيانات لم يعد ممكنا.

وغالبا ما جمعت هذه البيانات سابقا من قبل سلطات الأمر الواقع، وأن هذه البيانات غالبا ما تكون متحيزة وغير دقيقة، ولديها مصالح خاصة في تلك المساعدات وتعرف إلى أين تنتهي؟.

وأن الروايات التي يستند إليها لجمع التمويل لمواجهة الكوارث والأوبئة والنقص في الأمن الغذائي والخدمات، لا تعد سوى مرويات لا تقترب من الوضع الإنساني وحقيقته.

وتظل العوائق أمام العمل الإنساني كبيرة، منها أن مليشيا الحوثي تقوم أحيانا باحتجاز الموظفين، وتفرض قيودا على التحركات وترفص السماح بإجراء تقييمات واستجابة مستقلة، وتتدخل في العمليات الإنسانية بحرف مسار تلك المساعدات عن مستحقيها.

ومن العوائق أن موظفي الإغاثة يتركزون في صنعاء وعدن، مما يؤثر على وقت الاستجابة للأحداث على الأرض في بقية المناطق من اليمن.

وعلى سبيل المثال فإن إحدى وكالات الأمم المتحدة لا تعرف أين توجد نسبة كبيرة من نقاط التوزيع الخاصة بها، وهناك منظمات تقدم مساعدات لمدارس ومستشفيات لم تسبق زيارتها مطلقا.

ويقول متابعون لعمل المنظمات في اليمن: إن بعض المنظمات تتسلم كشوفات فقط من قبل سلطات الأمر الواقع، ولا يسمح لعمال المنظمات بالنزول الميداني أو زيارة الأماكن المستهدفة، فإذا كان الحال كذلك، فلمن تُجمع الأموال إذن؟!.