آخر تحديث :السبت-22 فبراير 2025-08:16ص
ملفات وتحقيقات

ورقة بحثية عن كيفية فشل أطر "السلام والإنسانية" الاستجابة بشكل منهجي للعنف القائم على النوع الاجتماعي في اليمن

الأحد - 16 أبريل 2023 - 05:09 م بتوقيت عدن
ورقة بحثية عن كيفية فشل أطر "السلام والإنسانية" الاستجابة بشكل منهجي للعنف القائم على النوع الاجتماعي في اليمن
(عدن الغد) شهاب العفيف:

في ورقة بحثية أصدرها المركز اليمني للسياسات، للباحثة سوسن الرفاعي، إذ تبحث الورقة عن تجارِب النساء والفتيات اليمنيات على وجه الخصوص، اللاتي عانين طويلًا من أشكالٍ مختلفة من العنف القائم على النوع الاجتماعي، ويتضمن ذلك العنف المنزلي وجرائم الشرف وختان الإناث وزواج الأطفال والتحرش زادت حدة هذه الأشكال ونطاقها بسبب النزاعات ووباء كوفيد-19 وتغيُّر المناخ.

حيث أوضحت الورقة، التي أصدرها المركز في ديسمبر الماضي، كيف تواجه النساء والفتيات، اللاتي تأثَّرن على نحوٍ غير متكافئ بالأزمة في اليمن، انتهاكات حقوق الإنسان في المجالين العام والخاص، وتحديدًا العنف القائم على النوع الاجتماعي، كما هو الحال في أي مكانٍ آخر، فإن العنف القائم على النوع الاجتماعي ليس جديدًا على اليمن، وقد حدث قبل الحرب الحالية بوقتٍ طويلٍ. وهو يؤثِّر في الفتيات والنساء والفتيان والرجال.

تتفاقم جميع أشكال العنف القائم على النوع الاجتماعي تقريبًا بسبب عدم الاستقرار السياسي والأمني، مثل القتل في صورة «جرائم الشرف»، والعنف الجنسي في صورة الاغتصاب، والزواج المبكر والقسري.

وتناول البحث أهم المستويات المقلقة التي تواجهّا المرأة اليمنية، منها القيود على الحركة في مناطق الحديدة وحجة وصنعاء، وهي مناطق خاضعة لسيطرة الحوثيين، حيث تطلب السلطات منهن أن يرافقهن محرم (قريب ذكر) من أجل السفر داخليًّا وخارجيًّا.

وأشار البحث إلى أنه يتم التسامح مع العديد من أشكال العنف القائم على النوع الاجتماعي أو حتى استخدامها من قبل الأطراف المتحاربة لقمع المشاركة السياسية والمدنية للفئات المهمَّشة، ويشمل ذلك النساء، وتهدف الأيديولوجية للجماعات المسلحة القائمة على الدين في اليمن -ويشمل هذا الحوثيين- إلى الحد من اهتمام المرأة المتزايد، وقدرتها، منذ انتفاضات 2011، على الاحتجاج أو إدارة الحملات أو الحشد في المجتمع.

وتطرقت الورقة البحثية إلى استهداف النساء والعاملات في المجال الإنساني والناشطات في مجال حقوق المرأة، من قبل الحوثيين؛ للحد من تأثيرهن وقدرتهن على الوصول، من خلال حملات التشهير لقمع أصواتهن وإخفاء واقعهن. تُستخدم إجراءاتٌ متطرفة غير مسبوقة ضد النساء، مثل الاعتقال والسجن والتعذيب والاختطاف.

وأوضحت الورقة أنه لا توجد طريقة معيارية لرصد العنف القائم على النوع الاجتماعي في اليمن، أو تحديد الإنفاق على العنف القائم على النوع الاجتماعي أو على النوع الاجتماعي بشكلٍ عامٍّ، وأنه لا يُعرف مقدار ما تم تخصيصه وصرفه من أجل العنف القائم على النوع الاجتماعي، وأين يذهب التمويل.

وبيّنت الورقة البحثية أن المجموعة الفرعية للعنف القائم على النوع الاجتماعي في اليمن حصلت على 19% فقط من التمويل المطلوب، مما ترك 4.1 مليون امرأة و4.3 مليون فتاة محتاجة من دون دعمٍ، كما تم تحقيق 22% فقط من الأهداف المقصودة.

وتُظهر بيانات مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية أنه في عام 2020، فقدت 350.000 امرأة إمكانية الوصول إلى خدمات العنف القائم على النوع الاجتماعي بعد إغلاق 12 مكانًا آمنًا للنساء والفتيات بسبب نقص التمويل، اعتبارًا من أكتوبر 2021، تم تأمين 54% فقط من 27 مليون دولار أمريكي مطلوبة لبرامج حماية المرأة.

وبحسب الورقة أن الحساسيات حول أعمال العنف القائم على النوع الاجتماعي تجعل تتبُّع التدخلات أمرًا صعبًا، نظرًا إلى أن الحوثيين لا يوافقون على البرامج التي تتصدى بوضوحٍ للعنف القائم على النوع الاجتماعي، مما يؤدي إلى مزيدٍ من التخريب لعمليات تتبع العنف القائم على النوع الاجتماعي.

وتتساءل الورقة البحثية أنه ومع سنواتٍ عديدة من الخبرة في اليمن والمنطقة والعالم، فإن القطاع الإنساني مجهزٌ بشكلٍ أفضل من أي وقتٍ مضى لمواجهة التحدي المتمثل في تتبُّع ليس فقط الإنفاق ولكن أيضًا تأثير برامج العنف القائم على النوع الاجتماعي، فلماذا لم يتم ذلك؟

وتضيف الورقة أنه ومن دواعي القلق الشديد أن قطاع العنف القائم على النوع الاجتماعي (بالإضافة إلى العديد من القطاعات الإنسانية الأخرى) يستخدم منهجياتٍ غير موحدة للإبلاغ عن الأثر، وأنه في بعض الحالات، يتم الإبلاغ عن التأثير في الأنشطة، كعدد التدريبات التي يتم إجراؤها باعتبارها «وحدات تأثير»، وهو أمرٌ غير مقبولٍ بموجب النهج القائم على النتائج والنهج القائم على حقوق الإنسان، وهو النهج الذي تعتبره منظومة الأمم المتحدة مركزيًّا في عملياتها.

الورقة البحثية ذكرت تغاضي أطر السلام في اليمن عن العنف القائم على النوع الاجتماعي، على الأرجح بسبب كيفية التغاضي عنه في القطاع الإنساني،  تتضمن خطط عمل كل من الحكومة اليمنية والمجتمع المدني المتعلقة بـ «المرأة والسلام والأمن» العنف القائم على النوع الاجتماعي، وهو ما يُعد خطوة أولى مهمة.

جاء في البحث أن النساء تواصل قيادة مبادرات بناء السلام والوساطة المحلية، بالإضافة إلى الاستجابة وحماية الناجيات من العنف القائم على النوع الاجتماعي على المستويات الشعبية رغم الصعاب، لكن يمكن القيام بما هو أكثر من ذلك بكثيرٍ إذا أدركت الجهات الفاعلة والجهات المانحة في مجال السلام مدى أهمية العنف القائم على النوع الاجتماعي في عملية السلام وأجندة «المرأة والسلام والأمن».

واستنتجت الورقة البحثية قائمة بالتوصيات لمختلف الجهات الفاعلة، ومن أبرز هذه التوصيات مايلي:

-إنشاء أنظمة بيانات موثوقة: يتم تشجيع وكالات الأمم المتحدة الإنسانية، على التوافق مع مبادئ إستراتيجية قطاع مسؤولية العنف القائم على النوع الاجتماعي (2021-2025) الخاصة بالتوطين والمساءلة لتطوير أنظمة بيانات شفافة وذات مصداقية من أجل قياس تأثير المساعدات في قطاع عنف النوع الاجتماعي.

- يمكن للقطاع الإنساني الاستثمار في أنظمة بيانات أكثر شفافية ومصداقية لقياس تأثير المساعدات في قطاع العنف القائم على النوع الاجتماعي. والأهم من ذلك، يجب تخصيص الموارد لتطوير خطوط أساس كمية ونوعية لانتشار العنف القائم على النوع الاجتماعي وجعل جمع البيانات أكثر منهجية واستدامة.

-هناك حاجة إلى زيادة الشفافية حول استثمارات المانحين والتزاماتهم وأولوياتهم، حتى يمكن تحديد المبلغ الإجمالي لتمويل قطاع العنف القائم على النوع الاجتماعي بسهولة أكبر وبالتالي التخطيط له. إن مجال مسؤولية العنف القائم على النوع الاجتماعي بحاجة إلى إصلاحٍ عاجلٍ حتى يتم قياس الاحتياجات الإنسانية وتأثيرات البرنامج بدقة.

-يجب أن تكون المصطلحات المتعلقة بالعنف القائم على النوع الاجتماعي والمستخدمة في لغة التخطيط والإبلاغ للقطاعات واضحة ومحددة للسماح بالإبلاغ الدقيق عن النتائج.

-يجب على المانحين في المجال الإنساني المشاركة في تقييمات منتظمة لتأثير الشراكات المحلية في الوقاية والاستجابة. إن الجهات الفاعلة المحلية في وضعٍ أفضل ليس فقط لتَصَوُّر وتصميم خطة عمل طوارئ وطنية للعنف القائم على النوع الاجتماعي، ولكنهم أيضًا هم الذين يمكنهم تغيير الديناميكيات المحلية التي تؤدي إلى العنف القائم على النوع الاجتماعي في المقام الأول.

-استدامة الخدمات التي تحدث الفارق: يجب على وكالات الأمم المتحدة الإنسانية توسيع نطاق التغطية الجغرافية وتمويل تدخلات العنف القائم على النوع الاجتماعي. يعتبر المأوى والدعم النفسي والمساعدة القانونية للنساء في مختلف المحافظات خدمات منقذة للحياة لمئات الآلاف من النساء والفتيات اليمنيات.

-وضع العنف القائم على النوع الاجتماعي في صميم أجندة «المرأة والسلام والأمن».

ويعد المركز اليمني للسياسات مركز أبحاثٍ مستقلٍ أسَّسه، في العام 2020، مجموعةٌ من الباحثين اليمنيين والألمان ممّن لهم صِلة بالمركز اليمني لقياس الرأي العام، وهذا الأخير هو منظمة غير حكومية يمنية معروفة مقرُّها مدينة تعز اليمنية، أمّا المركز اليمني للسياسات يهدف إلى التأثير على عملية صنع السياسات المحلية والدولية بهدف تحسين الظروف المعيشية للشعب اليمني.