آخر تحديث :السبت-22 فبراير 2025-08:25ص
ملفات وتحقيقات

كلية الشرطة بحضرموت.. الحلم الذي ترجمه النائب فرج البحسني إلى حقيقة (تقرير)

الإثنين - 01 مايو 2023 - 05:13 م بتوقيت عدن
كلية الشرطة بحضرموت.. الحلم الذي ترجمه النائب فرج البحسني إلى حقيقة (تقرير)
تقرير/ ناصر عوض لزرق:

تمضي كلية الشرطة العسكرية حضرموت بخطى ثابتة وحثيثة نحو الأمام لتصنع تاريخا مجيدا في تطوير المنظومة الأمنية في إقليم حضرموت الذي يضم المحافظات الشرقية للبلاد (حضرموت، شبوة، المهرة، سقطرى)، بتخريج الضباط المتسلحين بالعلم والمعرفة، والذين سينطلقون إلى ميادين العمل في الأقسام الأمنية في محافظاتهم لأداء مهامهم وواجباتهم الأمنية الوطنية لحفظ الأمن والاستقرار ومكافحة الإرهاب والجريمة بشتى أنواعها، بعد أن تلقوا العلوم والمعارف الأمنية والشرطوية والقانونية والفنون التدريبية والقتالية في كلية الشرطة بحضرموت، هذه الكلية التي وُجِدت في ظروف استثنائية وغاية في الصعوبة تمر بها البلاد، بسبب الحرب التي أشعلتها مليشيات إيران الحوثية الإرهابية عقب انقلابها الغاشم على الشرعية الدستورية في سبتمبر 2014، وسيطرتها على مؤسسات الدولة وتدمير الكثير منها.

تأسيس كلية الشرطة العسكرية في حضرموت والعمل المستمر والحثيث على تطويرها أثبت أن أبناء محافظة حضرموت بجميع أطيافهم ومكوناتهم وشرائحهم الاجتماعية أنهم قادرون على تجاوز والتغلب على كل الصعاب والتحديات والعقبات التي تقف أمامهم، خاصة إذا كان الأمر يتعلق بمصلحة محافظتهم بصفة خاصة والمصلحة الوطنية بشكل عام، وفي مقدمتهم الابن البار لحضرموت سيادة اللواء فرج سالمين البحسني - نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي، الذي يعتبر الراعي الأول وصاحب اللبنة الأولى في تأسيس هذا الصرح العلمي والأكاديمي العظيم الذي بات اليوم متكاملا، وتخرجت منه دُفع من الضباط بعد أن تلقوا العلوم والمعارف الشرطوية والقانونية والتدريبات الميدانية في الكلية، وتم توزيعهم على الأقسام الأمنية بمحافظاتهم في إقليم حضرموت.

 

فكرة تأسيس الكلية 

ظهرت الحاجة لتأسيس كلية شرطة عسكرية في حضرموت بعد تحرير مدينة المكلا وساحل حضرموت في إبريل 2016م من تنظيم القاعدة الإرهابي، بفضل التضحيات التي قدمها أبناء المحافظة من قوات النخبة الحضرمية والذين سقط عدد من أفرادها شهداء فداءً لحضرموت وأمنها واستقرارها.. حيث عمد التنظيم على تدمير ونهب العديد من مراكز الشرطة في عدد من مديريات المحافظة، وتم بعد التحرير إعادة ترتيب أوضاعها الإدارية والفنية والعسكرية بدعم من دول التحالف العربي وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، فرأت قيادة حضرموت ضرورة إنشاء كلية للشرطة في المحافظة لأبناء إقليم حضرموت، من أجل تطوير المنظومة الأمنية في المحافظة والإقليم عموماً.

وعند زيارة فخامة رئيس الجمهورية السابق المشير عبدربه منصور هادي لمحافظة حضرموت نهاية عام 2016م، والتقى بعدد من الشخصيات الحضرمية العسكرية والأمنية والمشايخ والعلماء والشخصيات الاجتماعية، تم طرح فكرة أن يكون في حضرموت كلية شرطة، حينها لبى فخامة الرئيس الطلب ووجه بإنشاء الكلية، وعند تعيين اللواء فرج البحسني محافظا لحضرموت بدأ بمتابعة توجيه رئيس الجمهورية، حتى جاء القرار الجمهوري في 2019م بنقل الكلية العسكرية من صنعاء إلى عدن، وقرار جمهوري آخر برقم (18) في 10 أبريل 2019م بإنشاء كلية شرطة عسكرية في حضرموت لأبناء إقليم حضرموت.

 

بداية التأسيس

بينما فشلت كل المحاولات لنقل الكلية العسكرية إلى عدن، تلقف محافظ حضرموت حينها اللواء فرج البحسني قرار إنشاء كلية الشرطة العسكرية بحضرموت بكل جدية معتبرا القرار فرصة كان ينتظرها بفارغ الصبر، فعمل على اغتنام هذه الفرصة إدراكا منه بأهمية تأسيس الكلية باعتبارها من أهم المؤسسات التي يجب أن تؤسس في ظل ما تمر به البلاد من ظروف أمنية على كل المستويات أفرزها انقلاب مليشيات الحوثي على الشرعية والحرب التي أشعلتها في عموم البلاد، الأمر يؤكد أهمية تطوير المنظومة الأمنية في حضرموت ومحافظات الإقليم لمواجهة التحديات الأمنية ومكافحة الإرهاب والجريمة المصاحبة لظروف الحرب التي تعيشها البلاد.

كانت من ابرز الصعوبات والتحديات الماثلة أمام تأسيس كلية الشرطة العسكرية بحضرموت متمثلة بعدم وجود أي بنية تحية للكلية من مبانٍ ومنشآت وغيرها من متطلبات الإنشاء، إلا أن ذلك لم يشكل عائقا أمام إرادة وعزيمة سيادة اللواء البحسني لتأسيس الكلية، فعمل بتعاون من قيادة وزارة الداخلية ممثلة بالوزير السابق المهندس أحمد الميسري والوزير الحالي اللواء إبراهيم حيدان وقيادات أمن حضرموت ودعم وإسناد من قيادة دول التحالف العربي ممثلة بالمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة وإشراف مباشر من رئاسة الجمهورية.

وظل نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي اللواء فرج البحسني يتابع باستمرار سير العملية التعليمية والتطويرية في كلية الشرطة العسكرية بحضرموت، ويحضر تخرج الدفع، ويشجع قيادة الكلية وطلابها طيلة الفترة الماضية رغم كل انشغالاته، ويزيل كل العراقيل والعقبات والصعاب، حتى تحقق له الحلم والهدف الذي كان يصبو إليه بتأسيس كلية الشرطة العسكرية حضرموت، والتي باتت اليوم صرحا أكاديميا شامخا تخرج منه العديد من منتسبي السلك العسكري على أعلى مستويات التأهيل العلمي والتدريبي، وفي مصاف الكليات العربية والدولية المتقدمة في هذا الشأن، لتكون أنموذجا لكليات الجمهورية كافة، كمركز إشعاع وتنوير وصرح علمي يُعنى بإعداد ضباط شرطة على مستوى عال من الكفاءة والقدرة على أداء المهام الموكلة لهم في الوحدات الأمنية ومراكزها في حضرموت ومحافظات الإقليم الأخرى.

 

مراحل إنشاء الكلية

مرت كلية الشرطة العسكرية حضرموت بثلاث مراحل إنشائية حتى وصلت إلى ما وصلت إليه الآن من تطور كبير، كانت المرحلة الأولى بناء سكن للطلاب (عنبر 1) وسكن للضباط، وسور للكلية مع البوابة، صالة للطعام، وصالتين صغيرتين للدراسة..

أما المرحلة الثانية لإنشاء الكلية فضمت المبنى الأكاديمي المكون من 8 مكاتب لمختصي المعامل والمختبرات، ومعمل ومختبر للعلوم الشرطية، وفصل دراسي وقاعة محاضرات تتسع لـ200 طالب، ومكتبة ومركز أبحاث، ومبنى إدارة الكلية الذي يضم أقسام الشؤون المالية والإدارية والقبول والتسجيل والتدريب وقاعة اجتماعات ومكتب مدير عام الكلية، وإضافة مبنيين لسكن الطلاب يتسع كل مبنى لنحو 300 طالب، وكانت المرحلة الثالثة بإنشاء ميادين تدريب وميادين فروسية، والكلية في تطور وبناء مستمر سواء في البنية التحتية أو المناهج والأنظمة الدراسية والمسائل التعليمية والتدريبية بحسب التطور العلمي والتكنولوجي وكافة الاحتياجات والمتطلبات، لتصبح الكلية على مستوى عالٍ من الجودة في آلية القبول وإعداد الطلاب في جوانب التدريب والتأهيل والتزود بالعلوم والمعارف الشرطوية والقانونية، وفق المواصفات والمعايير العالمية لكليات الشرطة على المستوى الإقليمي والدولي.

 

الكادر التعليمي في الكلية

أنشئت كلية الشرطة العسكرية حضرموت بكادر وطني محلي متخصص ذوي كفاءة علمية عالية، أغلبهم ينتمون لمحافظات إقليم حضرموت، حيث يحمل مجموعة من الهيئة التدريسية والتعليمية شهادة الدكتوراه، ومجموعة منهم في طور إعداد الدكتوراه، والبعض الآخر من حملة شهادة الماجستير، كما تعاقدت الكلية بعقود مؤقتة مع أساتذة أكاديميين من حملة الدكتوراه من كلية القانون التابعة لجامعة حضرموت.

 

أقسام الكلية

تستقبل كلية الشرطة العسكرية حضرموت الطلاب من محافظات إقليم حضرموت بنظامين (خاص وعام).

القسم الخاص وهم من حملة الشهادات الجامعية من مختلف التخصصات التي على حسب احتياجات وزارة الداخلية (حقوق، اتصالات، أطباء، مهندسين...)، يتلقون العلوم والمعارف الشرطوية والقانونية لفصلين دراسيين ولمدة عام واحد فقط.

بينما القسم العام وهم طلبة الثانوية العامة، ويتم قبولهم في الكلية بمعايير محددة من قبل الكلية، وبعد اجتياز اختبارات اللياقة البدنية والتدريبية والمعرفية.

 

المقررات التعليمية 

يتلقى الطلاب في كلية الشرطة العسكرية بحضرموت الكثير من العلوم والمعارف القانونية والشرطوية، منها قانون الإجراءات (القانون الجنائي) وقانون العقوبات، والقانون المدني، وقانون هيئة الشرطة المتعلق بالقسم الإداري.

كما يتلقون المعارف في القانون الدولي العام، والقانون الدولي الخاص، بالَإضافة إلى علم النفس الجنائي، وعلم نفس الأدلة الجنائية، والطب الشرعي، وعلم السموم، إلى جانب اللغات (العربية والانجليزية)، وغيرها من العلوم والمعارف المتخصصة لإعداد الكادر الأمني على مستوى عال.

 

 الدفعات في الكلية

منذ بدء صدور قرار تأسيس الكلية في أبريل 2019م، حرصت السلطة المحلية والأمينة في محافظة حضرموت ممثلة حينها بمحافظ المحافظة - قائد المنطقة العسكرية الثانية اللواء فرج سالمين البحسني على بدء الدراسة في الكلية مباشرة، فعملت على إنشاء المرحلة الأولى ببناء سور للكلية وسكن للضباط وسكن للطلاب، وبدأت الكلية باستقبال طلاب القسم الخاص من حملة الشهادات الجامعية.

فكانت الدفعة الأولى من القسم الخاص بعدد 139 طالبا لمدة عام واحد لفصليين دراسيين، وتخرجوا في العام الدراسي 2019/2020.

كما استقبلت الكلية الدفعة الثانية في العام الثاني من طلبة القسم الخاص بعدد 63 طالبا وتخرجوا في العام الدراسي 2020/2021. كما تم استقبال طلاب القسم العام (ثانوية عامة) في العام نفسه بنظام سنتين (دبلوم) لعدد 248 طالبا والذين تخرجوا في منتصف ديسمبر من العام الماضي 2022 وتم الاحتفال بتخرجهم بتنظيم عرض عسكري مهيب على أنغام الفرقة الموسيقية، شهده نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي اللواء الركن فرج سالمين البحسني، وبحضور عدد من أعضاء مجلسي النواب والشورى، والقيادات العسكرية والأمنية والمدنية بمحافظة حضرموت، وتم ترقيتهم إلى رتبة ملازم ثانٍ. 

كذلك هناك دفعة من طلاب القسم العام من خريجي الثانوية العامة بنظام البكالوريوس (أربع سنوات)، التحقوا بالكلية في العام الدراسي 2021/2022، ومازالوا في طور الدراسة، وعددهم 163 طالبا.

 

الطموح المستقبلية

أكدت قيادة كلية الشرطة العسكرية في حضرموت ممثلة بمدير الكلية اللواء الركن سالم عبدالله الخنبشي، أن أهم الطموح التي تسعى قيادة الكلية في المستقبل للوصول إليها بأن تصبح الكلية أكاديمية تشمل عدد من الكليات، منها كلية الشرطة التي هي نواة الأكاديمية، بالإضافة إلى كلية التدريب، وكلية الدراسات العليا، وإنشاء مركز للبحوث والدراسات الأمنية والاستراتيجية، لرفد كل وحدات الشرطة والاقسام الشرطية والبحثية بالخبرات والمهارات القانونية من الأشخاص القادرين على أداء واجبهم الوطني انطلاقا مما يتلقونه من علوم ومعارف نظرية وتدريبية وقانونية سواء كان في مسرح الجريمة أو في مكافحة الإرهاب وفي جميع القضايا الجنائية.