تقرير يرصد مجريات اللقاء التشاوري في يومه الأول وسط مقاطعة مكونات جنوبية..
ما هي ملفاته وقضاياه وما الرسائل التي وجهها؟
لماذا قاطعت قوى وكيانات سياسية جنوبية اللقاء؟
كيف ندفن الماضي ونفتح صفحة للمستقبل؟
اللقاء التشاوري الجنوبي.. وتوحيد الأهداف
(عدن الغد) القسم السياسي:
انطلقت أعمال اللقاء التشاوري، أمس الأول الخميس، 4 مايو، في العاصمة المؤقتة عدن، والذي حمل شعار "من أجل جنوب جديد يجسد تطلعات شعبه في الاستقلال واستعادة دولة الجنوب الفيدرالية المستقلة".
وقال اللواء عيدروس الزبيدي عضو مجلس القيادة الرئاسي- رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي في كلمته باللقاء إن هذا اللقاء التشاوري يدشن لعهد جديد من النضال ووحدة الصف الجنوبي، الذي يتزامن مع ذكرى إعلان عدن التاريخي (4 مايو 2017)، الذي يجسد التزام الجميع بالإرادة الشعبية.
وأكد الزبيدي أن هذا اللقاء يؤكد مصداقية وجدية المجلس الانتقالي الجنوبي في الشراكة مع كافة القوى والمكونات الجنوبية.
وأوضح الزبيدي أن تأسيس المجلس الانتقالي مثل نتاجا لجهد تراكمي لنضالات الشعب الجنوبي، بمساريه السلمي والكفاحي.
وأشار صالح محسن الحاج- رئيس فريق الحوار الداخلي- في كلمته، إلى أن هذا "اللقاء حضره 270 مشاركا ومشاركة من قيادات جنوبية بارزة وممثلين عن كافة المحافظات الجنوبية، مؤكدا أن هذا اللقاء يعد ثمرة نتاج جهود عامين من الحوار بين مختلف القوى السياسية في الجنوب.
يأتي هذا اللقاء الذي دعا له المجلس الانتقالي الجنوبي، في الذكرى الـ6 لتأسيسه (4 مايو 2017)، يوم "إعلان عدن التاريخي"، وتستمر أعماله وفعالياته حتى الـ7 من هذا الشهر.
أهداف اللقاء المُعلنة
وحسب منظمي اللقاء، فإن اللقاء التشاوري الجنوبي يهدف إلى صياغة الميثاق الوطني الجنوبي والتوقيع عليه، وإشراك القوى الجنوبية في صنع القرار، كما يهدف إلى إعادة هيكلة المجلس الانتقالي الجنوبي وتوسيع هيئاته لضم شخصيات وأطراف جديدة.
ووفق كلمات المشاركين في اللقاء فإنه يسعى إلى تعزيز وحدة الصف الجنوبي، والتأكيد على أن الحوار وسيلة حضارية لحل القضايا وإنهاء التباينات السياسية.
كما يتطلع اللقاء- بحسب أجندات أعماله- إلى الخروج ببيان ختامي حول الاتفاق على شكل دولة الجنوب القادمة، إضافة إلى تحديد موقع قضية شعب الجنوب من مفاوضات وجهود إنهاء الحرب في اليمن.
ملفات وقضايا اللقاء التشاوري
ووفقا لما أورده الدكتور صالح محسن الحاج رئيس فريق الحوار الداخلي في كلمته، فإن اللقاء التشاوري يحمل عدة مشاريع مقدمة للمشاركين لمناقشتها، أولها مشروع أسس ومبادئ الميثاق الوطني، وثانيها اتجاهات الرؤية السياسية للمرحلة الراهنة، وثالثها ضوابط ومعايير المفاوضات السياسية في المرحلة المقبلة، وآخرها ملف أسس بناء الدولة الفيدرالية المستقلة.
وبين الحاج أن هذه الملفات عبارة عن 200 من اللقاءات، أسفر عنها 2000 صفحة من الوثائق والتقارير والمحاضر، تمثل خلاصة لآراء ونقاشات مطولة مع المكونات والكيانات السياسية والاقتصادية والثقافية والمهنية والنقابية، والجهات التشريعية والقضائية والقانونية، والعسكرية والأمنية، والأكاديمية والشبابية والنسوية.
وقال عادل الشبحي عضو فريق الحوار الداخلي إن اللقاء التشاوري يسعى لمناقشة العديد من القضايا عبر المكونات المشاركة، أبرزها إدارة الملفات السياسية الراهنة والمستقبلية للجنوب، والعمل على طي صفحة الصراعات في الماضي والحاضر، والعمل على معالجة آثارها، إضافة إلى إدارة المخاطر الناجم عن تحديات هذه المرحلة، مع إشراك المجتمعات المحلية في مناقشة هذه القضايا.
"لن نسمح بأي تجاوزات لقضية شعب الجنوب"
وفي اللقاء أوضح اللواء عيدروس الزبيدي- رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي- إنه لن "يسمح بأي تجاوزات لقضية شعب الجنوب"، وإن هذه القضية هي مرتكز الحل ومفتاح السلام في المنطقة والعالم.
وأشار الزبيدي إلى أن المجلس أقام بنية صلبة، لحمل أهداف الشعب وحماية مكتسباته وتحقيق تطلعاته، وإن إعادة هيكلة وتوسيع هيئاته، تهدف للتطوير والاستفادة من الكفاءات الجنوبية الفاعلة.
ولفت الزبيدي إلى أن اللقاء يحمل آمالا كبيرة، كونه نقطة انطلاق قوية داعمة وبقوة لنضالات الشعب وتعزيز مكانته، وحضور قضية "شعب الجنوب"، كمرتكز للحل ومفتاح للسلام المستدام في المنطقة، مشيرا إلى أنه لن يسمح بأي ترتيبات تتجاوز هذه القضية.
ترسيخ ثقافة الحوار والقبول بالآخر
وفي مداخلة لقناة (عدن المستقلة)، قال أسامة الشرمي، وكيل وزارة الإعلام اليمنية، إن الرسائل لهذا اللقاء التشاوري، الذي جمع أطياف ومكونات جنوبية سياسية ونضالية، تكمن في ترسيخ الثقافة الجمعية للقبول بالآخر، وإلغاء ثقافة الصوت الواحد، والدعوة إلى وحدة الهدف واستعادة وبناء الثقة بين المكونات والمؤسسات القائمة في المحافظات الجنوبية، وترسيخ القبول بالآخر عبر إيجاد القواسم المشتركة، وتمنى أن يناقش اللقاء كل الملفات والوثائق لكل المراحل التاريخية بموضوعية وإنصاف وتجرد.
وقال الشرمي إنه إذا ما صدقت النوايا فإن الرهان على تفتيت وتمزيق الجنوب بات صعبا ومستحيلا، وإن ملامح الجنوب الذي نحلم به تظهر من خلال صور من حضر، مؤكدا أن الكل سيتحمل المسؤولية التاريخية، سواء من حضر أو من غاب.
وتطلع الشرمي إلى أن تعكس نتائج اللقاء حجم الإمكانات والظروف الحالية، وهي لحظة ليست للصور، ويجب أن تليق بحجم التحديات الماثلة أمام الجميع.
قوى وكيانات مقاطعة
لم يخل هذا اللقاء من مقاطعات وتحفظات من قوى ومكونات وكيانات جنوبية وازنة، كمؤتمر حضرموت الجامع، وحلف قبائل حضرموت، والائتلاف الوطني الجنوبي، وكيانات ومكونات جنوبية أخرى لا تقل أهمية.
وأعلن الائتلاف الوطني الجنوبي الذي يضم أحزابا سياسية كالمؤتمر والإصلاح والبعث والنهضة وغيرها من المكونات السياسية، في رسالة للدكتور صالح محسن الحاج، أسباب مقاطعته لهذا اللقاء قال فيها: بخصوص دعوتنا للقاء التشاوري لايزال بالنسبة لنا غير واضح، فنحن لم نشارك في التحضير له، ولم يتم دعوتنا للمشاركة في اللجان التحضيرية، ولم نوضع في التفاصيل حول عدد المكونات المشاركة فيه، ولا الملفات التي سيبحثها، ولا مستوى التمثيل وآلية العمل.
وأكد الائتلاف أن أفضل آلية للحوار السياسي المثمر هي عقد لقاء تحضيري بين قيادات كل المكونات السياسية في الساحة الجنوبية ثم ينطلق منه حوار وطني موسع.
وأوضح الائتلاف أن ميثاق الشرف الوطني ينبغي أن يكون خلاصة الحوار والتتويج الأخير الذي يعكس التوافق في الملفات الأخرى وليس العكس.
وشدد الائتلاف على ضرورة إعادة ترتيب الملفات للحوار، بدءا بملفات بناء الثقة ثم الملفات السياسية، وانتهاء بميثاق الشرف الوطني.
الخشية من تكرار تجارب الماضي
ويرى مراقبون أن تاريخ الدعوة إلى اللقاء في يوم تأسيس المجلس الانتقالي اثار الحساسية لدى المكونات المقاطعة، وأن الأمر يتعدى التشاور والحوار إلى محاولة الضم والالحاق لتلك المكونات، خصوصا والانتقالي أعلن عن هيكلة جديدة لهيئاته ودوائره، من أجل استيعاب الجميع.
وفي نفس السياق تراود البعض الشكوك حول دعوة الانتقالي للحوار في هذا التوقيت، الذي يستبق التسوية السياسية في إطار الحل الشامل للبلاد، وعد البعض ذلك أنه يسعى من وراء هذه الدعوة إلى التفرد بملف المفاوضات عن القضية الجنوبية، إضافة إلى رغبته للحصول على تفويض سياسي، مشابه للتفويض الشعبي الذي حصل عليه بـ"إعلان عدن التاريخي".
وتخشى بعض تلك المكونات المقاطعة من أن المضي في هكذا حوارات من طرف واحد، يعيد مشاهد تجارب الاستئثار.
خلاصة القول، إن الحوار قيمة حضارية لا غنى عنها، إذا ما كان وفق شروطه وآلياته ومحدداته، التي لا تستثني أحدا من الشركاء في القضية والوطن.
إذ سيسهم هذا الحوار- إذا ما جرى وفق شروطه- إلى حد كبير في دفن الكثير من تاريخ الألم في جنوب البلاد، وسيعمل على ردم الفجوات والخلافات والتباينات لمواجهة تحديات الحاضر والمستقبل.