تقرير / عدنان حجر
كثير من المدنيين سقطوا شهداء الحرب الانقلابية الحوثية غير أن هناك من لم تقتله أسلحة المتحاربين بل إن الظروف التي أحاطت به تبعات الحرب وخاصة في مناطق سيطرة الميليشيات الانقلابية الحوثية التي انقلبت على الشرعية واعلنت الحرب. فمن هم هؤلاء الذين توفوا أو قتلوا بغير سلاح المتحاربين وماهو السلاح أو الأداة أو الوسيلة التي أنهت حياتهم. في هذا التقرير نسلط الضوء حول هذه القضية.
الموت جهلا وكفرا
يقول المثل من لم يمت بالسيف مات بغيره وغيره هنا كثيرة جدا لكن ابشعها وامقتها هي الموت الموصوف بالجهل والكفر ومن يقدم عليه بنفسه وهو " الانتحار " والمنتحرون في زمن الحرب كانوا نساء وأطفالا ورجالا وشبابا ..لكن اغرب المنتحرين هم المعلمون والتربويين وحتى وإن كانوا أقدموا على الانتحار لأسباب قوية وقاهرة فإن انتحارهم في حكم الجهل والكفر وقتل النفس بدون حق وخشية املاق لأن الله هو الرازق وهو المدبر ..والوقوف على أسباب الانتحار قد يجعلنا نتعاطف معهم ونترحم عليهم بالرحمة والغفران.
عدد المعلمين في اليمن
يبلغ عدد العاملين في قطاع التربية والتعليم في الجمهورية اليمنية( 97 الف في المحافظات الجنوبية إضافة 20,142معلم نازحين في المناطق المحررة و 222,858 في مناطق سيطرة الميليشيات الحوثية ).. ..اي أن إجمالي المعلمين و المعلمات في اليمن 340 الف منهم 280.761 معلّمًا ومعلّمة و عدد الاداريين 50,239 من بينهم 27000 يعملون في الإدارة المدرسية و23,239 يعملون في الوزارة ومكاتب الوزارة وإداراتها المكتبية ..ماذا فعلت وصنعت الميليشيات الحوثية ب222,858 تربوي وتربوية في مناطق سيطرتها..
جرائم الحوثيين بحق المعلمين
رغم تدخل وكالات الإغاثة الدولية في بعض الأحيان لدفع رواتب 222,858 تربوي وتربوية في مناطق سيطرتها..الا انهم ارتكبوا بحقهم جرائم تصنف ضمن جرائم الحرب ..فقد تم تسريح وفصل 40الف باعتراف عبد الله النعيمي، المعين من قبل الميليشيات وكيلاً لوزارة التربية والتعليم في الحكومة الانقلابية...وتم استبدالهم بحوثيين يستلمون رواتب المعلمين المفصولين ..واوقفوا رواتب 171الف وقتلوا مايزيد على1300 وتوفي في مناطق سيطرتها 14 حالة وفاة..وجرح بسلاح الحوثيين 2515 وأصيب باعاقات مستدامة 2642 وتعرض للاعتقال والاختطاف والاخفاء القصري 3600 حالة ..وهناك عدد من التربويين والمعلمين انتحروا في مناطق سيطرة الميليشيات الحوثية ليست هناك احصائية رقمية بالعدد ولكن هناك مايقرب من 79 معلم وتربوي بين انتحار واغتيال ومنهم من نجا من محاولة الانتحار وفقا لتقديرات معلمين وتربويين ..
المجتمع يصنع الفرد
قدم عالم الاجتماع اميل دوركايم خلاصة لأسباب الانتحار بعد تحليله للظاهرة وربطها بعوامل مجتمعية على اعتبار أن المجتمع هو الذي يصنع الفرد وليس العكس وحتى الظروف الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية والتعليمية والتربوية يصنعها المجتمع ..وهو مايعني أن القوة الجمعية التي تدفع الإنسان إلى الانتحار لا تتغلغل فيه إلا قليلاً قليلاً، فكلما تقدم الإنسان في العمر، غدا أسهل تأثرًا بهذه القوة..وهذا التحليل يمكننا إسقاطه على ظاهرة أو مشكلة أو جريمة الانتحار بين صفوف التربويين والمعلمين في اليمن ..
فالحرب في اليمن خلفت تبعات قاسية في مختلف مناحي الحياة فكان التربوي والمعلم اليمني اكثر ضحايا هذه التبعات ومن مختلف المحافظات التي سلب فيها حقه في الحقوق وحقه في الرعاية والاهتمام وحقه في الحياة..
منتحرون لأسباب مجتمعية
التربويين والمعلمين الذين دفعتهم ظروف مجتمعية اقتصادية وسياسية واجتماعية كثيرون منهم على سبيل الذكر لا الحصر : في 2018م اقدما كل من علي جازي ومحمد حسن كلاده من محافظة حجة على الانتحار نتيجة ظروفه المعيشية الصعبة بعد ثلاثة أعوام من النزوح ونحو عامين من انقطاع المرتبات..وفي اكتوبر2019م
عثر على المعلم احمد ملهي من محافظة إب منتحراًبعدان باع معظم ممتلكاته لإعالة أسرته المكونة من 8 أفراد بسبب انقطاع راتبه في مناطق سيطرة الميليشيات الانقلابية الحوثية..وفي شهر نوفمبر 2020م عمار حيدر القراضي، من أبناء محافظة صنعاء، على الإنتحار شنقًا، بعد عجزه عن دفع رسوم دراسة أولاده، والتي فرضها الحوثيون كشرط أساس لمن يريد تسجيل أولاده في المدارس الحكومية الحوثية ..وفي ابريل2021م اقدم محمود احمد عتيق من ميفعة عنس محافظة ذمار على الانتحار بشنق نفسه.. نتيجة الأوضاع المعيشية الصعبة التي أوجدتها مليشيا الحوثي في أعقاب سيطرتها على الدولة وحرمان الموظفين من أجورهم الشهرية..
المنتحر انسان غير سوي
الدكتور/ عبدا لرحمن جار الله طبيب نفسي ومدير مركز عبدالرحمن جارالله للأمراض النفسية والعصبية رأى أن الاكتئاب سبب رئيسي للانتحار مشيرا إلى أن هناك عوامل سيسولوجية وأخرى بيئية محيطة بالمنتحر تجعله يقدم على الانتحار ، والمكتئبون والإنفصاميين والمصابين بالذهان هم من يقدمون على الانتحار مؤكدا أن معظم هولاء المرضى هم المترددون على العيادات النفسية
إلى جانب دوافع اقتصادية واجتماعية ونفسية يغفل الكثير الأسباب والدوافع الخفية وراء معظم حالات الانتحار..
منتحرون لاسباب نفسية
ولأسباب نفسية في ديسمبر 2016م في محافظة عمران رمى يحي محمد العلابي نفسه من شاهق مرتفع كان يعاني من حالة نفسية ازدادت سوءا نتيجة تردي الأوضاع وانقطاع الراتب والظروف المعيشية الصعبة والمعقدة...وفي 18يوليو 2019م .أقدم معلم يدعى نصر يحيى سيف الجماعي من محافظة إب على شنق نفسه بسبب الحالة الاقتصادية والتي تسببت بأزمة نفسية للمعلم نصر منذ توقف صرف رواتب موظفي الدولة من قبل الميليشيات الحوثية..وفي يوليو2022م اقدم معلم يدعى مشهور علي احمد حسن على الانتحار بشنق نفسه في الوازعية محافظة تعز نتيجة تردي حالته المادية نتيجة قطع الرواتب وإعالته للاسرة كبيرة مكونة من 10 افراد..وفي اغسطس2022م في المقاطرة من مناطق سيطرة المليشيات الحوثية من محافظة لحج اقدم سعيد عبدالواسع القرعة الانتحار شنقا داخل منزله ...كان يعاني من أوضاع نفسية سيئة وصل إليها ازدادت نتيجة الأوضاع المعيشية الصعبة التي يعيشها منذ مصادرة المرتبات..
معلمون نجو من الانتحار
وفي مايو 2017م الحديدة نجا معلم من محاولة الانتحار بتجرعه سم الفئران نتيجة عجزه عن إسعاف زوجته التي جاءها المخاض ووفقا لشهادة زميل له لجأ الى الإنتحار بعد أن ضاق به الحال وأصيب بحالة نفسية شديدة بسبب ظروفه المادية الصعبة..وفي ااكتوبر2022م نجأ معلم في الحديدة ويدعى عبدالرحمن العزب من محاولة أقدامه على الانتحار بشنق نفسه في سطح منزله وقد لجأ إلى محاولة الانتحار بعد أن نَفِدت كل الوسائل من يده وهو يحاول تجاوز ظنك العيش وظروف الحياة..
من المسؤول وما الحل؟
من المسؤول عن انتحار المعلمين وماهي الحلول والمعالجات الممكنة لوقف تزايد عمليات الانتحار بين صفوف المعلمين ..يجيب الاستاذ ابراهيم عبدالله سالم مدرس نازح بكريتر عدن ويقول :
الميليشيات الحوثية تتحمل المسؤولية عن ذلك وعليهم عدم تسييس قضايا التعليم والمعلمين وبدرجة رئيسية رواتبهم التي تعد مصدر دخلهم وأسرهم وأطفالهم ..ومالم يرفعوا أيديهم عن المعلم وحقوقه فعلى المحامين القيام بدورهم الإنساني لانصافهم كمظلومين برفع قضايا أمام المحاكم المحلية وكذا المحاكم الدولية ..كما أن على حكومة الشرعية ان تتنبه لهذا الأمر لأنها قد تواجه مستقبلا نفس الوضع اذا ما بادرت بصرف رواتب النازحين في المناطق المحررة بصورة ثابته إلى جانب صرف بقية استحقاقاتهم المادية وظيفيا وعليها أيضا أن ترعى وتهتم بالمعلم رعاية خاصة حتى لا تصبح ضالعة مع الحوثيين في جرائمهم بحق المعلمين والتربويين في اليمن.