آخر تحديث :السبت-22 فبراير 2025-08:25ص
أدب وثقافة

فئران في المدينة(أقصوصة)

الثلاثاء - 23 مايو 2023 - 04:13 م بتوقيت عدن
فئران في المدينة(أقصوصة)
كلمات/عصام مريسي:

لم يعد يسمع إلا نعيق الغراب تحوم في فضاء المدينة الخاوية بعد أن رحل كثير من سكانها خوفا من غزو الجراد للمدينة وانتشارهم في كل نواحي المدينة التي كانت تعج بالحياة وتنبض بالأمل حيث ينطلق السكان إلى أعمالهم وحرفهم  ليجمعوا الخير الوفير وقبل ان يقفلوا بالعودة الى منازلهم يتقاسمون الحصص ويتبادلون المنافع  يتعايشون بسلام في ظل مدينتهم الصغيرة مدينة السلام والوئام.

لم يتبقى الا القليل من السكان حبستهم اعذار عن الرحيل بعد ان سيطر الفئران على مدينتهم، لكن الشاب الذي كان عون لكثير من محتاجي المدينة رفض الخضوع لم يؤمن يوما ان الاستسلام والرحيل حتى تفرج الامور او البقاء في منزله ينتظر الخلاص والنصر السهل هذه لم تكن طباعة فقد تربى في كنف جده البصير الذي كان يحثه على مقاومة الظلم وعدم الخنوع  للمصاعب.

وضع شاله حول عنقه وشد ازاره  بكمره  حزام يلف حول الخاصرة 

والتفت نحو جده وهو يقول.

هل تريد شيء قبل ان اذهب يا جدي.

بصوت مرتعش جهوري قد خطت السنوات الطوال علامات الشيخوخة والهرم.

بارك المولى فيك يا ولدي ..لا تحقرن عدوك .. فاحذر 

يجيب مطمئنا جده..

لا تخشى علي ياجد فانا  قطعة منك .

فتح الباب  الخشبي العتيق لمنزله  ووضع فأسه على كتفه وانطلق نحو أرضه القريبة من المدينة والفئران ترتع في كل مكان وتعبث بكل امتعة المدينة ومصالحها .شمر عن ساعده  وقد أخذ يضرب بمعوله يمنة ويسرة والفئران تتساقط على حافتي الطريق الذي يسير فيه  فتحت نوافذ منازل من تبقى في المدينة وكانوا في حالة من الخوف والرعب وهم ينظرون نحو الشاب الذي تحدى جيوش الفئران وخرج يجاهدهم بمفرده شيئا فشيئا سمع صرير الأبواب الحديدية والخشبية القديمة تفتح وخرج الشيوخ والاطفال والنساء والشباب وهم يحملون فؤوسهم  عصيهم  وهتافاتهم تبعث على القوة والحماسة ..

لا تستسلموا وتسلموا مدينتكم للفئران.

انطلق الجميع يضربون   حشود الفئران حتى أخذت الفئران تولي هاربة مغادرة المدينة  وأخذ السكان يرفعون هتافات النصر والاشادة بالقائد الشاب الذي استثار همهم ..

مبارك النصر .. عشت ايها القائد وسلمت.

وما تبقى من فلول الفئران تجر اذيال الخيبة  هاربة والخوف يعتريها ان يكون تلقى مصير اسلافها من الجرد، وانقشعت السحابة التي غشت المدينة، وعاودت الحمام تحلق في سماء المدينة بعد ان رفع السواد  برحيل الغربان  التي رافقت الفئران في الغزو.