آخر تحديث :السبت-22 فبراير 2025-07:49ص
أدب وثقافة

حبي في تل أبيب(القصة الثانية)

السبت - 10 يونيو 2023 - 01:26 م بتوقيت عدن
حبي في تل أبيب(القصة الثانية)
كلمات/عصام مريسي

تنصرف الفاتنة وما تزال ترشق بعينيها الجميلتين الشاب وهو يبادلها نظرات العشق والرغبة الجامحة للقاء بلا حدود تذوب فيه كل الفوارق الاجتماعية والدينية التي تمنع اللقاء بينهما.

على غير موعد تحضر العاشقة  ومن غير وجهتها المعتادة الى بستان الشاب المسلم  ينتفض جسده بكل مشاعر العشق والرغبة يندفع نحوها ولاول مرة يمسك بيدها ويجرها الى حيث يتوارى عن أنظار المتربصين تمتد اصابعه ليذاعب ظفائرها الشقراء ويرفع ما سقط عن جبينها من خصلات شعرها المتناثر تدفع به نسمات الهواء نحو كتفيه. يقترب أكثر وهي في حالة من الاستجابة والرغبة في اللقاء والاندماج ;  يختطف من شفتيها قبلة ويبتعد ظنا منه انها قد تغضب وتترك المكان لكنها اكثر شوقا للقاء فيتبادلان القبل والعناق ويتركان جسديهما مسير لإرادة ما يكتنفهما من اشواق فيذوب احدهما في الاخر وتتلاشى الفوارق وفي لحظة رغبة جارفة تفقد المراهقة عذريتها وهي لاتبالي غير أنها قد افرغت كل عشقها واذابت جليد الاشواق في نيران العشق والرغبة سرعان ما يحاول طمانتها.

سنتزوج واقنع ابي بزواجي منك

تغادر المزرعة  ويتجه الشاب باحثا عن والده حتى يلتقي به على ناصية المقهى الوحيد في القرية الجبلية والسماء تزخ  بوابل من طل الصيف الذي يزيد الزرع بهاء ويزيد من اخضرار الحقول والبساتين . يقف الى جانب والده الذي يحتسب كوبا من قهوة البن البلدي يبادر الأب ابنه الحديث..

ما الذي أتى بك ? ولماذا تركت البستان ? 

يقف قليلا يستجمع أنفاسه ثم وبدون مقدمات يخبر والده..

ابي اريد الزواج

يجيب الأب والفرحة ترتسم على ناظريه مرحبا بطلب ولده..

هذا يوم اتمناه . أرى عروسك تزين الدار ويملأ احفادي حياة للدار.. من هي العروس.

بتردد وتلعتم الفاظة ..

ابنة الحاخم اليهودي.

سرعان ما تندفع الإجابة معلنة الرفض ..

مستحيل ان تصبح ام احفادي يهودية .. لا ..لا هذا أمر مستحيل.

كان يعلم ان والده لن يقبل بابنة اليهودي. يطأطئ رأسه ويجتي على ركبتيه ويمسك بكف وآله يقبلها..

ابي انها عشقي وحبي الاول

بصوت صارم يجيب الوالد..

انها لا تناسبك .. ابنة عمك هي من ستكون أم لنسلي حتى اتشرف ويتشرف الأولاد بنسب اخوالهم.

ينهض الأب الذي لم يكمل فنجان القهوة تاركا المكان والشاب مازال جاثيا على ركبتيه تعصف به الخيبة وعدم الاستجابة لطلبه وضيع حلمة في الاجتماع بمعشوقته  بصورة شرعية..

فشلت كل محاولاته في إقناع والده بالموافقة من زواجه من الفتاة اليهودية .انصرف الأب تاركا مقهى القرية الصغير الذي كان يعج بمرتاديه الذين يحضرون لاحتساء فنجان القهوة وسماع اخبار القرية والقرى المجاورة. والشاب ما زال يعصره ألم الرفض وعدم الموافقة .

استمر اللقاء بين الشابين وتكرر ت خلوتهم الجسدية وهم يفرغان كامل رغبتهما من العشق حتى أثمر اللقاء جنين استقر وبدأ ينمو وتظهر علامات حياته واخذ الشاب يواعد الفتاة للهروب الى قرية بعيدة نحو الجنوب يستقران هناك ويتزوجان بعبدا عن تعنت والديهما الديني الذي حال دون اجتماعهما تحت سقف واحد.

تعود الفتاة وهي تستعد لمغادرة منزلها وحيها في القرية الذي يعيش فيه اهل ملتها بعيدا عن منازل السكان من المسلمين.

يحضر والدها مبكرا على غير عادته  ويطلب منها طلب غريب افزعها وجعلها تتصرف باضطراب وقلق حتى ارتجفت اطرافها..

بسرعة اجمعي اهم أغراضك سوف نرحل ونترك القرية

أخذ نبض قلبها يتسارع وأنفاسها تلهث وتتابع والعرق يتصبب على جبينها  ولم تعد قادرة على مواجهة والدها وصوتها يتلعثم ..

لماذا يا ابي? والى اين ?

يلحظ والدها ارتباكها .يبادرها.... بالسؤال ...

ماذا تخفين عني

وهي في حالة من الذعر والخوف تجيب..

أحمل في بطني طفلا

ينفعل الاب ويثور غضبا ..

هذا ما خشيته .. بعد أن نغادر  ونترك القرية سوف نتخلص من هذا الحمل.

تجهش بالبكاء وهي تحاول إقناع والدها بالموافقة على زواجها من الشاب..

ارجوك .. ابي وافق على زواجي

يجيب بالقطع..

زواجكما مستحيل 

يسمع صوت السيارة التي حضرت لتاخذهم الى غرب البلاد نحو سواحل البحر الاحمر بداية الانطلاق.

تسير مرغمة وهي بعينيها تودع قريتها التي احتضنت طفولتها وعشقها علها تراه وتلقي في عينيه النظرة الخيرة نظرة الوداع.. تنطلق السيارة تقطع الجبال وتجتاز السهول وقد انقلب مناخ قريتها المعتدل واخذت الحرارة تشتد كلما اتجهوا غربا وجنوبا. باتت القرية حلم بعيد واللقاء بعشقها ابعد حلم يراودها.

خيوط الصبح قد اخذت تلقي بنورها على القرية واخذ المزارعون يتجهون نحو بساتينهم والحرفيون نحو ورشهم

ولم تحضر الفتاة في موعدها الذي واعدها به عشيقها لينطلقا نحو مدن جنوب البلد.

اتجه الشاب نحو ورشة والدها ولاول مرة يراها مغلقة في مثل هذا الوقت . يسأل جيرانهم من اليهود عن السيد اليهودي..

يجيب صاحب الورشة المجاورة..

سيكونا قد وصلا نحو ساحل البحر الاحمر  وفي الميناء سيكون الزورق الذي يقلهما  نحو الضفة الاخرى من البحر الاحمر ومن هناك سينطلقان في رحلة الذهاب الى الوطن.

بدهشة واستغراب يسال..

اي وطن هنا وطنهما.

يجيب صاحب المحل الاخر..

سيرحلان الى الوطن اسرائيل

ينتاب الشاب  شعور بفقد عشقه  وخيبة امله يترك المكان ويسير بخطى مرتعشة وهو يسير الهوينى لا يدري الى اين يتجه

مازال الزورق يقطع عباب الماء  نحو الضفة الاخرى من البحر نحو سواحل افريقيا وبعض المسافرين في حالة من الشوق ليجتمعوا بمعارفهم هناك  الذين سينطلقون معهم نحو الوطن فهم من جنسيات مختلفة يجمعهم الدين ووسيلة التواصل لغتهم العبرية التي حرصوا وحرص سادتهم على تعلمها والبعض الاخر يستمتع بجمال منظر البحر ومن خلفه الجبال وكأنه تغسل اذرعها في  مياهه المالحة وبريق المرجان المنعكس مع اشعة الشمس وخيوطها الذهبية لترسم لوحة زهرية جميلة ادهشت مرتادي الزورق الذين تركوا قراهم الجبلية المطرزة بالخضرة لاول مرة لكن الفتاة العاشقة مازالت عينيها الغارقتان في دموع الم الفرق  تنظر نحو ضفة البحر الاخرى وهي تعلم ان وصولها من جديد لتلتقي بعشيقها وترتمي بين احضانه بات امر مستحيل وكلما تذكرته وزاد الحنين والشوق وضعت كفها على موضع الجنين في بطنها فتشعر بقليل من الراحة ويمنحها  قوة احتمال جديدة لمكابدة الم الفراق .. وكلما اتجهت بنظرها 

وجدت عيني والدها تلاحقها فيتلاشى بصرها نحو حافة الزورق باتجاه الماء الذي يتطاير وربما يلامس بشرتها فيخرجها من حالة الذهول لتلامس الواقع

يعلن قائد الزورق  اقترابهم من الساحل والاستعداد للنزول..

لقد وصلنا بالسلامة على الجميع جمع أغراضه والنزول الى اليابسة.

يترجل جميع ركاب الزورق ويبادرون للنزول نحو اليابسة لكن الفتاة العاشقة مازالت تتكىء الى حافة الزورق تاخذها الذكريات الى ربوع قريتها الجبلية وهي تتجول في بساتين الكروم والرمان والى جوارها عشقها الاول والوحيد الشاب المسلم.

يوكزها والدها بعصا كانت في يده ليخرج من حالة السرحان التي انتابتها و بصوته الخشن يأمرها بفضاضة بالنزول وترك القارب..

هيا انزلي .لقد نزل الجميع

تحمل اغراضها وتترك القارب وعيناها تطيش في كل الاتجاهات واذا برجل افريقي يلاحقها بعينيه. يحاول التقرب منها ومن والدها ليسالهم عن وجهتيهما كلما اقترب ابتعدت .والدها يبادله الحوار باللغة العبرية  ويجيب عليه..

سنغادر باتجاه الوطن اسرائيل

الاربعيني الافريقي يجدها فرصة ليقترب منهما..

ستنزلون ضيوف علي .انا ارمل لم يكتب لي ان تكون لي ذرية وقد حصلت على دعوة للرحيل الى الوطن اسرائيل وقد  بعت كل املاكي حتى مصنع الفولاذ  للاستقرار في الوطن.

يتابع الاربعيني حديثة وفيه دعوة للحصول على الموافقة بالزواج من الفتاة..

هل الفتاة ابنتك .. اهي متزوجة.

يفكر الاب قليلا وكأنه يبحث عن اجابات  مقنعة  والكلمات تتلكأ في فمه..

نعم ابنتي. . وهي غير مرتبطة وجئنا من القرى الجبلية لضفة البحر الحمر الشرقية.

يبادر الاربعيني السيد اليهودي بطلبه..

اريد الزواج من ابنتك .. هل توافق.

دون تفكير وعلى عجل يعلن الاب عن موافقته

والفتاة في حالة من الذهول ودموعها تكاد تنطلق من عينيها وهي تخفي المها .

يعود الاربعيني يدعوهما الى بيته في وسط المدينة الافريقية حيث تعيش الغالبية من اليهود الافارقة  .

يقلهما في سيارته الفاخرة نحو وسط المدينة التي تتناثر فيها الخضرة التي تعانق زرقة البحر وخرير مياه النهر الذي تقطع المدينة الى نصفين