قراءة في تصريحات محافظ البنك المركزي اليمني في عدن الأخيرة حول حقيقة وضع المخزون النقدي للبنك...
ما قصة الرسالة النصية القادمة من صنعاء وتسببت بكل هذه الضجة ضد مركزي عدن؟
ما حقيقة تحويل البنك المركزي بعدن 185 مليار ريال إلى مأرب؟
ما دور خلافات المجلس الرئاسي بتدهور سعر الصرف في مناطق الحكومة الشرعية؟
استقرار سعر الصرف في مناطق الحوثيين.. هل هو حقيقي أم وهمي؟
ما تداعيات الانقسام التي على الاقتصاد اليمني بشكل عام؟
ما دور استعادة الموارد في تعافي الاقتصاد والعملة المحلية؟
الحرب الاقتصادية أسوأ الحروب.
(عدن الغد) القسم السياسي:
كشف محافظ البنك المركزي اليمني بعدن، أحمد غالب المعبقي، الكثير من الحقائق حول وضع البنك المالي والنقدي، خاصةً حول ما أثير من نفاد مخزون الاحتياطي النقدي في البنك، والذي لاقى أصداء واسعة، محذرةً من خطورة الموقف الذي تعيشه اليمن نتيجة هذا التطور الأخير.
غير أن المبعقي فند الكثير من المغالطات، من وجهة نظره، خلال مقابلة تلفزيونية مع قناة اليمن، القناة الرسمية للحكومة اليمنية، بل إنه أشتر ضمنيًا إلى أن ما أثير وأشيع ما هي جزء من الحرب التي تُشن على البنك المركزي اليمني في عدن، في إطار ما وصفه بالمعركة الاقتصادية ضمن الحرب بمفهومها الواسع الذي تعيشها اليمن.
الغريب في الأمر أن ما ورد في المقابلة من قبل المحافظ المعبقي، يُلقي بالكثير من اللوم على الإعلام الذي سرعان ما تلقف الأخبار والتقارير الصحفية حول وضع البنك ومخزونه النقدي، حتى أن الوقوع هذا طال كبريات الوكالات العالمية للأنباء، ما يجعلها تتحمل جزءًا من المسئولية في الترويج لمعلومات سعى المعبقي لوصفها بـ”الشائعات والمغالطات”.
وهو ما يؤكد أن بعض المواقع المحلية، وحتى الوكالات العالمية باتت اليوم تخوض -بقصد أو بغير قصد- في غمار الحرب الاقتصادية والمعركة المالية والنقدية التي تشن ضد البنك المركزي اليمني بعدن، وفق الإشارات التي حملتها تصريحات محافظ البنك.
التصريحات لم تعفي المجلس الرئاسي اليمني والقوى السياسية اليمنية من المسئولية في حدوث التدهور الاقتصادي والمعيشي الذي تعيشه اليمن عمومًا والمحافظات المحررة على وجه التحديد، والتي وصلت مستويات غير مسبوقة.
أسعار الصرف كانت في قلب التصريحات الأخيرة للمعبقي، والتي غالبًا ما يتكرق عند الحديث حولها عن إنجازات بنكه في الحد من الإنزلاق نحو مزيد من التدهور، رغم توقف صادرات النفط والغاز وإيراداته، بالإضافة إلى عدم توريد السلطات المحلية في المحافظات إيراداتها إلى خزينة البنك المركزي في عدن.
ولعل الإجراء الأخير الذي اتخذه محافظ محافظة عدن بمنع توريد مداخيل العاصمة المؤقتة إلى البنك المركزي في المدينة لن يكون أقل تأثيرًا على الوضع العام الذي يعانيه الاقتصاد اليمني، وموقف البنك المركزي في عدن من مثل هذا التطور الخطير، والذي وإن كان بعض السياسيين أيده، إلا أن خبراء الاقتصاد انتقدوه ودعوا للفصل بين خلافات السلطات المحلية والحكومة والبنك المركزي كمؤسسة نقدية مستقلة.
كل تلك التفاصيل وغيرها الكثير باح بها محافظ البنك المركزي في عدن أحمد غالب المعبقي في اللقاء التلفزيوني، والذي حمل الكثير من الإيضاح، ما يؤكد الدور المحوري للإعلام في إجلاء الحقائق وتوضيحها، وعدم النقل المتسارع لأي معلومات إلا بعد التأكد من مصادرها.
> قصة الرسالة النصية
تحدث المعبقي عن ما أثير حول البنك المركزي مؤخرًا من نفاد المخزون النقدي الاحتياطي، وأشار إلى أن مجرد ”رسالة نصية” صادرة من مصادر سياسية في كان سببًا في ذلك، فبعد أن تلقفها أحد الأشخاص العاملين في منظمات أو وكالة دولية وتم نشرها وتداولها وتفعيلها ضد البنك وضد الشعب الذي هو المتأثر الحقيقي بمثل هذه المعلومات.
وأضاف: هذه الحملة تلقفتها بعض المجاميع وعملت منها قضية كبيرة، ما اضطر البنك المركزي إلى إصدار بيان للتوضيح، تضمن تأكيد البنك المركزي بأن إمكانياته أفضل مما قد.يُتصور، ولديه من الاحتياطات ما يمكنه من القيام بوظائفه، ولديه ودائع، وودائع مخصصة ومحافظ استثمارية.
وتابع: كما لديه أرصدة سائلة بكل العملات في عدد من البنوك العالمية، ولديه سبائك ذهب وبمبلغ محترم، وجميعها واحتياطيات بلد وأجيال ولا يمكن التفريط بها أو استخدامها إلا في مجالها وفي وقتها المناسب.
وفي حديث محافظ البنك الكثير من التطمينات المبطنة، والتي تناقض ما قد تحدثت به وكالات انباء عالمية من وضع نقدي مترهل أثار المخاوف والمحاذير حوب مستقبل البلاد اقتصاديًا، في ظل أوضاع معيشية متدهورة أصلًا نتيجة استمرار الحرب طيبة تسع سنوات متواصلة.
> إنجازات مركزي عدن
سبق وأن تطرق مسئولو البنك المركزي اليمني في عدن وقيادته الجديدة عن إنجازات قاموا بها خلال عام منذ تعيينهم، وربطوها بالحفاظ على استقرار سعر صرف الدولار الأمريكي مقابل الريال اليمني عند مستوى أقل من 1250 ريال يمني، بعد أن كان قد وصل إلى حدود 1700 ريال قبل تولي القيادة الحالية المسئولية.
أشار المعبقي إلى أنه وخلال سنة عملت قيادة المركزي اليمني إنجازات كبيرة، والقيام بما لم يتم القيام به خلال الفترات الماضية، لافتًا إلى بيان صندوق النقد الدولي الذي تحدث أنه وخلال 18 شهر حقق البنك (صفر نمو) في السيولة، أي إنهزلم يتم إخراج ريال واحد لتمويل نفقات الدولة، وأن التمويل تم من مصادر غير تضخمية.
وواصل حديثه: ”نحن أتينا وسعر الصرف يتراوح بين 1700 - 1750 ريال مقابل الدولار، بينما سعر اليوم يتراوح ما بين 1300 - 1350 ريال يمني”، في تلميح إلى الإنجازات التي ما فتيء البنك وقيادته الترويج لها.
وفي الواقع، فإن في حديث محافظ مركزي عدن ما يؤكد جزئية معينة في الإنجازات التي تحدث عنها، فالتقارير الدولية يمكن أن تعزز من هذه الإنجازات وتشير إليها، غير أن ما لم يفهمه المواطنون الجزئية المتعلقة بالحفاظ على استقرار سعر الصرف، والتي وإن نجحت فلماذا لا يتم تتصاعد لتصل إلى تعافي حقيقي للعملة المحلية.
> فقدان الموارد
تطرق المعبقي أيضًا إلى فقدان موارد كبيرة جدًا من الموارد الضريبية والجمركية، هي أيضًا كانت كبيرة جدًا نتيجة الهدنة، والتي استمرت ستة أشهر، منذ أبريل/نيسان 2022 وحتى أكتوبر/تشرين أول من نفس العام، وهذه الموارد المفقودة تصل إلى 700 مليار ريال خلال هذه الفترة.
وأضاف: ”فقدنا مليار دولار من صادراتنا من النفط منذ سبتمبر/آيلول وحتى اليوم، أما بالنسبة لنفط مأرب وشبوة وحضرموت، فالفقدان منه يتركز حول فقد موارد الغاز التي منع الحوثي دخولها إلى مناطق سيطرته، بالإضافة إلى فقد جزء من الضرائب والجمارك التي تذهب إلى الحديدة دون سداد الرسوم والضرائب”.
> المهام والدعم والمشكلة
أكد المعبقي أن البنك المركزي خلال الفترة الماضية استطاع أن يحقق بعض الاستقرار، وكان البنك المركزي هو المؤسسة الوحيدة التي تقوم بكل وظائفها وتؤدي دورها كما ينبغي في هذه الظروف الصعبة والاستثنائية ودون أي اسناد من أي طرف.
وأضاف: "سبق أن قلت إن أي دعم لن يكون كافي مالم نستعيد مواردنا وخاصة موارد النفط، لكن مشكلتنا اليوم مشكلة مالية أكثر منها نقدية، فموارد الدولة لا تفي بـ 30 % من نفقاتها، أضف إلى ذلك نفقات الكهرباء التي هي الثقب الاسود الذي يلتهم جميع الموارد”.
> استقرار سعر الدولار
وعن استقرار سعر الدولار في منطقة سيطرة الحوثي وصفه محافظ البنك المركزي بعدن بأنه ”استقرار وهمي”، فالكتلة النقدية في مناطق سيطرة الحوثي كتلة صغيرة وتالفة، ولا توجد عملة ونشاط اقتصادي يستوعب العملة، بينما في مناطق سيطرة الشرعية لدينا 2 تريليون و 500 مليار ريال.
بينما أشار إلى أن سبب سبب النكسة في سعر العملة داخل مناطق سيطرة الحكومة الشرعية أنه بدأ منذ عام 2016 وحتى عام 2021، حيث كانت تتم المعالجات بطبع العملة التي كانت تأتي من الميناء إلى الصراف مباشرة.
> خلافات الرئاسي
وكشف المعبقي أن هناك عامل سياسي يؤثر على استقرار سعر الصرف، وهي الخلافات السياسية التي تعصف مجلس الرئاسة وداخل الحكومة وبين المكونات السياسية المختلفة، واعتبره بأنه هو العامل المهم الذي يؤثر في استقرار سعر الصرف، أضف إلى ذلك العوامل الاقتصادية.
كما لفت إلى أن مليشيات الحوثي تتحصل على موارد مالية ونقدية ما يساوي أربعة أضعاف ما تتحصل عليه الحكومة الشرعية، لكنه لم يُشر إلى طبيعة الجهات التي تدعم المليشيات الحوثية.
> مفاجآت الوديعة
الغموض الذي لف مصير الوديعة البنكية الخليجية للبنك المركزي وتفتصيل استلامها من عدمه أجلاه المعبقي خلال التصريحات التلفزيونية.
حيث تحدث عن أنه اتم التوقيع على الوديعة في مارس/آذار الماضي، وتم ايداعها اليوم الثاني، كما تم إيداع مليار دولار، وأيضا الوديعة الإماراتية موجودة في احتياطات مركزي عدن، ولكنها لم تودع كاملة وإنما أودعت منها ثلاث مائة مليون دولار.
> الانقسام النقدي وقانون الفائدة
التدهور الذي ضرب الاقتصادي اليمني طيلة سنوات الحرب أرجعه محافظ المركزي اليمني إلى تقسيم العملة التي أحدث مشاكل كبيرة جدًا، وقسمت البلاد إلى بلدين وعملتين، وعملت مشكلة في حركة رأس المال والبضائع وغيرها، كما حصرت كتلة نقدية كبيرة في جزء من البلد وكتلة نقدية صغيرة في الجزء الآخر من البلد.
فبحسب المعبقي فإن النشاط الاقتصادي الواقع تحت سيطرة مليشيا الحوثي يشكل 70 % من نشاط الاقتصادي في البلاد ، ويستحوذ على 70 % من الموارد الداخلية والخارجية، بينما الكتلة النقدية تتآكل.
بالإضافة إلى قانون منع الفائدة الذي تم إصداره مؤخرًا وألحق ضرر كبير بالعملية المصرفية بشقيها الاسلامي وغير الاسلامي، وأيضا أرسل ملايين الناس إلى خط الفقر.
> قضية التحويل الى مأرب
قضية أخرى كشفها محافظ مركزي عدن، تتمثل في تحويل مبلغ 185 مليار ريال من بنك عدن الى فرع مأرب، وقال: ”لم نحول إلى مأرب 185 مليار، وهذا غير صحيح وصادر عن مطابخ نعلم من وراءها”.
وواصل: ”لا يوجد لدينا في البنك المركزي هذا المبلغ، كما أن بنك مأرب لا يتسع لهذا المبلغ، ولا يمكن ننقل مثل هذا المبلغ، نحن ننقل تعزيزات لمرتبات في وزارة الدفاع في مأرب توفية”.
متابعًا: ”لدي لمأرب من حصة مأرب من تعزيزات مأرب حوالي 26 مليون دولار لم ادفع لهم منها ولا دولار واحد”.