همى فأترَعَ هذا الدمعُ آماقا
وليس يطلب من شجواه ترياقا
بكى بكاءَ وحيدٍ .. ليس يسمعُه
من يقصد اليوم .. إحساساً وإشفاقاً
من لوعة الحزن .. يُرخي رأسه جزِعا
يهدّه الفقد .. إيلاما .. وإطباقاً
وظل يذكُر ما يُشجيه في حذر
أن يَهلك القلب مما جال .. إرهاقا
ما كنت أشفق من لهْفٍ ومن جزع
ولا أُحقُّ لهذا الحزن إحقاقاً
ولا ظننت نداء الفقد قارعةً
حتى سمعتُ غراب البين نعّاقا
أبكي على وطنٍ طالت فضائلُه
كلَّ الفروع .. مع الأغصانِ أوراقاً
أبكي على كرمٍ يمشي على قدمٍ
إحسانُه قد جرى في الكل دفّاقاً
أبكي على علَمٍ في الناس من بركانِ
يقره الناس إحساناً وأخلاقا
تبكي ب ( البركاني ) أحجارٌ وأبنيةٌ
قد بللتها بحُر الماء مهراقاً
تجفُّ كل نباتات لها نُسبت
بطيِّب الماء تسقي الزرع رقراقاً
نافورةُ الدار جفّت إذ تودِّعها
وبيت مونتها قد حيق إملاقا
يئنُّ صوتُ ديارٍ غاب صاحبُها
يموت كلُّ رواق .. إذ بها راقا
تظل سفرتها في الدار عامرة
فخير ( أم سلطانٍ ) كان سبّاقا
ألا (وأمُّ سلطانٍ )مقصَدٌ .. علمٌ
ترى المروءاتِ والإحسان ميثاقاً
ألا (وأمُّ سلطان).. طاب منزلُها
لذَّ الطعامُ به .. وانهال إنفاقاً
منذُ الصباح وهذي الشّمس تشهدها
بدأبها وجميل الصُّنع إشراقاً
تظلُّ تقرأ الضيف .. والقرآن جنتُها
تحبُّ (يس) .. تتلو الآي رقراقاً
ترتّب العمر .. للأبناء تشغلُها
كلُّ التفاصيل إكراماً وإشفاقاً
قد ماتت اليوم في أرواحنا يمنٌ
وماتت الأمُّ .. مات العطفُ توَّاقا
كل المعالم بعد الحِب ضائعةٌ
كل الأماكن لو دقّقت أخلاقاً
أرثي الفقيدة والحُب الذي بَذلتْ
نما ليصبح في الأرواحِ أعلاقاً
وأوصت الأمُّ دفناً في مرابعِها
عند الأحبةِ .. آمالاً وأشواقاً
يا بيت سعيد يا أشلاءَ أمنيةٍ
قد أقلقَتني طوال العمر إِقلاقا
هزَّ الحنين خيالاً كان يسكنني
ثم انمحى وتلاشى .. والمدى ضاقاً
كأنه ما مشى في البيت من ولدٍ
كأنه ما ازدهى فيهم ولا راقا
كأنما خفتت ضحكاتهم ومضو
صار الصَّدى في أتونِ الصّدر شهّاقا
سليمة القلب .. لبّت أمر بارئها
لمّا دعاها .. وكان الوعد مِصداقا
ويسّر الله في حُسن خواتمَها
فقلبها لنعيم الوصل .. قد تاقا
حتى تطير لرب الكون في فرح
وقلبُها من سليم الظن مشتاقاً
رباه أحسن لذات البذل منزلها
رباه وسّع لها الأجداث آفاقا
رباه أكرِمها .. أحسن وِفادتها
كما تفانت بهذا الوصف إعراقاً