آخر تحديث :السبت-22 فبراير 2025-08:25ص
ملفات وتحقيقات

تقرير: الحوثي يغتال خصومه في الهدنة.. والخصوم في خصام!

الأحد - 30 يوليو 2023 - 09:50 ص بتوقيت عدن
تقرير: الحوثي يغتال خصومه في الهدنة.. والخصوم في خصام!
((عدن الغد))خاص.

كيف تتنوع حروب الحوثيين ضد خصومهم؟

كيف تغتال مليشيات الحوثي الهدنة؟

لماذا حاول الحوثيون اغتيال محافظ مأرب سلطان العرادة صبيحة عيد الأضحى؟

لماذا مأرب وتعز بالذات في دائرة الاستهداف الإرهابي الحوثي الآن؟

ما الأهداف الحقيقية وراء اغتيال المسؤول الأممي في تعز.. ومن المستفيد النهائي منها؟

(عدن الغد) القسم السياسي:

تعيش البلاد في ظل حالة اللا حرب واللا سلم، ولم يتبين بعد خيط السلام أو العودة إلى الحرب بشكل أعنف من ذي قبل كما يتوقع بعض المحليين السياسيين.

وعلى الرغم من اتفاق الرياض وطهران الذي رعته بكين في مارس من هذا العام 2023م وقضى بإعادة العلاقات الدبلوماسية المقطوعة منذ عام 2016م إلا أن هذا الاتفاق لم ينعكس إيجابا على إنهاء الحرب في اليمن على الأقل إلى حد الآن.

ومنذ إعلان الهدنة التي مضى عليها ما يقارب عاما ونصف العام وقعت محافظتا تعز ومأرب على وجه الخصوص ومحافظات يمنية أخرى تخضع لسلطة مجلس القيادة الرئاسي في أتون حرب حوثية من نوع آخر تستهدف أمنها واستقرارها.

 حرب في الهدنة

ماتزال مليشيات الحوثي تحشد قواتها على تخوم مأرب وتعز والضالع على الرغم من الهدنة المعلنة منذ أزيد من عام، مع تنويع مليشيا الحوثي حربها ضد خصومها في زمن الهدنة الأممية المزعومة ما بين حرب اقتصادية وممارسة الترهيب واغتيال الخصوم السياسيين لها، بالإضافة إلى إتقان لعبة خلط الأوراق في ظل غفلة خصومها واستغراقهم في الخصام البيني.

قبل أيام أعلنت السلطات المحلية في مأرب عن إحباط عملية إرهابية كبيرة أرادت من خلالها خلية حوثية تنفيذها باغتيال عضو مجلس القيادة الرئاسي ومحافظ مأرب الشيخ سلطان العرادة.

والأمر نفسه طال مدينة تعز التي لم تكن بعيدة عن متناول الإرهاب الذي كان ضحيته هذه المرة مسؤول أممي رفيع المستوى بحجم رئيس فريق برنامج الغذاء العالمي الأردني الجنسية مؤيد حميدي الذي وصل إلى اليمن في أول مهمة له في منصبه الجديد لكنه اغتيل في 21 يوليو من هذا الشهر برصاص مسلحين ملثمين وهو يتناول الغداء في أحد مطاعم مدينة التربة الواقعة في الجنوب الغربي لمحافظة تعز.

أعلنت السلطات الأمنية في المحافظة لاحقاً القبض على أزيد من 20 شخصاً متهما من بينهم منفذ عملية الاغتيال بعد أن داهمت وكرا لهم في عزلة شرجب الواقعة في ضواحي مدينة التربة الجنوبية.

والثلاثاء الماضي زرع مسلحون مجهولون عبوات ناسفة على طريق هيجة العبد الطريق الرابط بين مدخل تعز الجنوبي والشمال الغربي لمحافظة لحج وأدى إلى مقتل أربعة جنود وإصابة آخرين من اللواء الرابع مشاة جبلي التابع لمحور طورالباحة، وأرجعت السلطات الأمنية هناك الأمر إلى ارتباطه بردة الفعل إزاء ما حدث من اعتقال ومطاردة للخلية التي قتلت المسؤول الأممي مؤيد حميدي.

وعلق مدير التوجيه المعنوي والعلاقات العامة بشرطة تعز النقيب أسامة الشرعبي عن حادثة استهداف الجنود بقوله: "عملية جبانة وغادرة، لن تنال من عزيمة وإصرار أبطالنا، ولن تثني جهودنا ولن تفت عضد نجاحاتنا وانتصاراتنا، وستسمر إجراءات الملاحقة والقبض على كل المجرمين".

ووسط تلقي السلطات الأمنية بمحافظة تعز إشادات من قيادات الدولة والحكومة والبرلمان، كان برنامج الأغذية العالمي يعبر عن حزنه في بيان له مطلع هذا الأسبوع، مشيرا إلى أن حميدي وصل مؤخرا إلى اليمن لتولي منصبه الجديد كرئيس لمكتب برنامج الأغذية العالمي في تعز، موضحا أنه عمل مع المنظمة الأممية لما يقرب من 18 عاما، شغل منها مناصب سابقة في اليمن وفي السودان وسوريا والعراق.

ونقل البيان عن ممثل برنامج الأغذية العالمي والمدير القطري في اليمن، ريتشارد راجان قوله: إن أي خسارة في الأرواح في سبيل العمل الإنساني تعتبر مأساة غير مقبولة، مطالبا بتقديم الجناة إلى العدالة.

وما حدث في مأرب وتعز يجعل من الأمر أكثر خطورة على كلتا المحافظتين، لاسيما وهاتين المحافظتين بالإضافة إلى حضرموت الوادي آخر ما تبقى من حاضنة شعبية لما تسمى "بالشرعية اليمنية".

إحداث فراغ سياسي في مأرب

تساءل مهتمون وناشطون قبل أيام عن بقاء عضو مجلس القيادة الرئاسي ومحافظ مأرب الشيخ سلطان العرادة في الرياض وبعيدا عن المحافظة، ثم تأتي الإجابة من الإعلام الأمني بمحافظة مأرب عن محاولة اغتيال تعرض لها في صبيحة عيد الأضحى.

وطبقا لوكالة سبأ للأنباء التابعة للحكومة الشرعية، كشفت شرطة محافظة مأرب عن تفاصيل عملية إرهابية كانت تستهدف اغتيال عضو مجلس القيادة الرئاسي اللواء سلطان العرادة، بعبوات ناسفة شديدة الانفجار يجرى تفجيرها عن بعد.

وقال العميد يحيى علي حُميد مدير عام شرطة مأرب "إن الأجهزة الأمنية نجحت في إحباط المخطط الإرهابي وضبط العناصر المتورطة بفضل اليقظة الأمنية".

الإعلام الأمني بمحافظة مأرب نشر أجزاء من اعترافات زعيم الخلية المدعو محمد علي حسين القادري، إذ اعترف "القادري" أنه تم استدراجه وتجنيده من قبل أشخاص من قبيلة الأشراف كان يجلس معهم لتناول القات، وهم: علي سريب مهتم، وعزيز بن سعود، وعبدالخالق سعود من سكان عزلة "الجبول".

وواصل "القادري" اعترافه بأنه قام بزراعة العبوة الناسفة بالقرب من محطة بريعمة، في الطريق المؤدي إلى منزل عضو مجلس القيادة الرئاسي اللواء سلطان العرادة، وعقب زراعة العبوات وأخذ جهاز التفجير عن بعد 2 كم وتموضعه بين الأشجار، تفاجأ بمداهمة رجال الأمن له والقبض عليه، وإبطال ما تم زراعته.

وفي الوقت الذي نفت مليشيا الحوثي قيامها بهذا العمل، يرى متابعون أن محاولة اغتيال "العرادة" القصد منها إحداث فراغ سياسي وأمني في المحافظة، الهدف منه إسقاط عاصمة المحافظة من الداخل بعد أن عجزت الحشود الحوثية من اقتحامها من الخارج طيلة السنوات الماضية التي سقط من مقاتليها خلال هذه المحاولات آلاف القتلى والجرحى دون أن تحرز أي نصر عسكري حاسم وسريع.

زيادة متاعب تعز

أكملت تعز قبل أيام ما يزيد عن 3000 يوم من الحصار الخانق من قبل مليشيا الحوثي على المدينة من جهتها الشمالية الغربية والجهة الشرقية الشمالية، في الوقت الذي ترفض مليشيا الحوثي فتح أي منافذ إنسانية لسكان المدينة حتى اليوم على الرغم من نص اتفاق ستوكهولم الموقع بينها وبين الحكومة المعترف بها دوليا في العام 2018م.

ويعتقد كثيرون أن حادثة مقتل المسؤول الأممي تتوافق مع رغبة المليشيا الحوثية في استمرار تشديد الخناق على المدينة، خاصة أن هذا الحادث يأتي بالتزامن مع تكثيف الزيارات الأممية للمدينة واتخاذها وجهة لها مؤخرا، وهو ما ترفضه المليشيا الإرهابية بقوة.

هذا الرفض الحوثي بتحول عمل مقر المنظمات الدولية من تعز يأتي في سياق مخاوف المليشيا الحوثية من انتقال المقرات الرئيسة لها من العاصمة صنعاء المحافظات الواقعة تحت سيطرة الحكومة وبالطبع منها تعز، إذ يعد هذا التطور يخلق مشاكل لها ويحرمها من العملة الأجنبية، وهو ما تعتبره الحكومة بشكل علني أنه رضوخ من قبل تلك المنظمات لضغوط الحوثيين عليها.

وقد لقي مقتل رئيس فريق برنامج الغذاء العالمي الأردني الجنسية مؤيد حميدي تنديدا واسعا دوليا ومحليا حتى من قبل مليشيا الحوثي نفسها.

 فعلى الصعيد المحلي أدانت قيادة المجلس الرئاسي والحكومة والبرلمان ورئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي والمكتب السياسي للمقاومة الوطنية والأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني هذا العمل الإجرامي وطالبوا بسرعة القبض على الجناة

وفي بيان أصدرته منظمات المجتمع المدني بمدينة تعز أشار إلى أن هذا الحادث الجبان يتزامن مع اختيار محافظة تعز نموذجا لتطبيق مشروع الانتقال إلى المشاريع المستدامة من قبل المنظمات الدولية.

وقال الكاتب والمحلل السياسي مصطفى ناجي إن جريمة اغتيال الموظف الأممي في تعز تضاف المتاعب التي توجه إلى تعز.

وأشار "الجبزي" إلى أن اغتيال موظف دولي في القطاع الإنساني يؤكد على ما وصفها ب، "الإرادة القذرة" لتجويع المحافظة وحرمانها من أي مساعدة وإمعان في أشكال الحصار، مهما سارع المحاصرون في إدانة الجريمة وهم كُثُر، حد تعبيره

الحوثي يغتال الهدن

وفي تقرير لموقع العين الإخباري الذي سلط الضوء فيه على عمليات الاغتيالات المنفذة من قبل مليشيا سرد من خلاله جملة من حوادث الاغتيالات التي كان مسرحها تسع محافظات يمنية محررة

وذكر التقرير أنه في وقت سابق من شهر يوليو الجاري أعلنت السلطات الأمنية في محافظة مأرب ضبط خلية حوثية يتزعمها حمد علي عاتق الأمير من قبيلة الأشراف بمحافظة مأرب.

وأشار التقرير إلى أنه في شهر يونيو الماضي، فككت القوات المشتركة في الساحل الغربي خلية حوثية تجسسية مؤلفة من سبعة عناصر كانوا بصدد التحضير لتنفيذ مخططات إرهابية خطيرة تستهدف زعزعة أمن واستقرار الساحل الغربي لليمن.

أما في مارس الماضي، فقد ضبطت قوات الحزام الأمني في عدن خليتين لمليشيات الحوثي، إحداهما مؤلفة من خمسة أعضاء كانت تحاول التسلل إلى العاصمة المؤقتة عدن، عوضا عن ضبط قيادي قادم من محافظة حجة كان بحوزته أجهزة إلكترونية تستخدم في أعمال التنصت والتجسس.

ولفت التقرير إلى أنه في 11 فبراير من هذا العام، أعلنت قوات الحزام الأمني في اليمن ضبط خلية مؤلفة من 3 عناصر ينتمي جميع أعضائها لمليشيات الحوثي الإرهابية، وذلك في نقطة تفتيش "الرباط" المدخل الشمالي للعاصمة المؤقتة عدن.

ومن الملاحظ وفق المتابعين أنه ومنذ إعلان الهدنة الأممية في أبريل من العام 2022م، ضاعفت مليشيا الحوثي حربها الاستخبارية إذ تمكنت الأجهزة الأمنية والمخابرات اليمنية خلال عام 2022 من ضبط نحو 33 خلية بقوام 152 عنصرا، غالبيتهم خلايا إرهابية ينتمي أعضاؤها لمليشيات الحوثي، وذلك في تسع محافظات محررة هي كالتالي: شبوة، حضرموت، لحج، أبين، المهرة، تعز، مأرب، عدن إضافة إلى مدينة المخا والخوخة الواقعتين في الساحل الغربي.

وفي حين تتنوع حرب المليشيا الحوثية على خصومها ما بين تحريك جبهات عسكرية وحرب اقتصادية واغتيالات، يعيش الخصوم في خصام بيني يشتت الجهود ويضعف من إمكانات هذه المعركة المصيرية ويصرف النظر عن الالتفاف إلى العدو المشترك بين الجميع.