تقرير/ عبدالله جاحب:
غياب الحكومة معضلة كبرى تحدق بالوطن، وتصيب كل مؤسسات الدولة ودوائرها الحكومية بسرطان الركود والخمود، وتجعل منها أي (مؤسسات الدولة ودوائرها الحكومية) في حالة موت (إداري وقيادي).
عودة الحكومة الشرعية المعترف بها دوليا وإقليميا إلى البلاد وسط الشتات والغياب الإداري والقيادي الذي تعانيه الحكومة الشرعية اليمنية منذ بدء الحرب، من الأولويات والأساسيات التي تطالب بها كل طوائف وشرائح السواد الأعظم من المجتمع اليمني.
عودة الحكومة الشرعية اليمنية المعترف بها دوليا وإقليميا هي الفرصة الأخيرة لها أولا، ولمؤسسات ودوائر الدولة الحكومية ثانياً، فلا سبيل ولا خيار آخر لجميع مسؤولي الدولة إلا بالعودة لممارسة مهماتهم من العاصمة المؤقتة للبلاد عدن، ومقار أعمالهم في مختلف المحافظات المحررة الأخرى، كل ذلك سيكون كفيلاً في ضبط كثير من الاختلالات التي تشهدها البلاد، على سبيل المثال ضبط عمليات الصرف من موازنة الدولة بالتزامن مع إعلان دعم سعودي للبنك المركزي اليمني في العاصمة المؤقتة عدن.
لا سبيل ولا مجال أمام الحكومة الشرعية اليمنية المعترف بها دوليا والمجلس الرئاسي إلا العودة إلى أرض الوطن ومزاولة مهام عملها من العاصمة المؤقتة للبلاد عدن، وتلك الفرصة الأخيرة لبقاء تلك الحكومة الشرعية المعترف بها دوليا.
> وجود نهائي أم تظل حكومة منفى؟
في توجه غير مسبوق وعلى غير العادة وخلاف لكل خطواته السابقة، أعلن مجلس القيادة الرئاسي بأن أمس الأحد السادس من أغسطس (آب) 2023 آخر موعد لحضور كبار قيادات الدولة في مقار أعمالهم بالعاصمة عدن وغيرها من المحافظات المحررة.
ووجه التعميم الذي حمل توقيع مدير مكتب رئيس مجلس القيادة يحيى الشعبي إلى رئيس مجلس الوزراء معين عبدالملك، مطالباً إشعار الوزراء ونوابهم والوكلاء ومحافظي المحافظات ورؤساء الأجهزة التنفيذية بالعودة لعدن (العاصمة المؤقتة للبلاد) خلال مدة أقصاها السادس من الشهر الجاري، متوعداً المخالف "باتخاذ الإجراءات القانونية في حقه".
تلك الخطوة التي أصدرت من المجلس الرئاسي في البلاد تهدف، على ما يبدو، إلى معالجة حال الشتات والغياب الإداري الذي تعانيه الحكومة الشرعية المعترف بها دوليا، وتهدف إلى وجود نهائي للحكومة في البلاد والتخلص من مشكلة ومعضلة حكومة المنفى.
ويتهم قطاع واسع من اليمنيين حكومتهم الشرعية بالإقامة خارج البلاد وممارسة مهماتها عن بعد، يقابله وجود حوثي فاعل ومترابط القرار على أرض المناطق الخاضعة لسيطرتهم، وهو ما أسهم في تمتين مواقفهم العسكرية والسياسية، بحسب مراقبين.
ويتركز الحضور الأكبر لقادة الدولة في كل من الرياض والقاهرة وتركيا، والأخيرة شهدت فتح استثمارات ضخمة لعدد من السياسيين وأعضاء مجلس النواب وقادة بعض الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية، مع شكاوى السكان من بطء السلطات المحلية في استئناف الخدمات الأساسية، يعزز منها حال الانقسام الرأسي الذي تعانيه الشرعية كتلك الحاصلة بين الحكومة والمجلس الانتقالي أو التباينات بين طيف الحكومة اليمنية الذي انعكس بدوره على مؤسسات الدولة العسكرية والاقتصادية والخدمية كافة، إذ تلتقي الشرعية في مناهضة المشروع الحوثي وتختلف في ما بينها، وهو ما فاقم الأوضاع الإنسانية المتردية منذ اشتعال الحرب في عام 2014.
واليوم نشاهد بعض التحركات والخطوات التي تهدف إلى التخلص من الحكم عن بعد والعمل على الوجود النهائي داخل أسوار الوطن، بعيد عن حكومة (المنفى) التي أضحت وأصبحت المشكلة والمعضلة الحقيقة والأزمة الأولى في كل أزمات البلاد، فهل يكون تواجد الحكومة الشرعية المعترف بها دوليا نهائياً أم تظل الحكومة تحافظ على بقاء حكومة المنفى والحكم والعمل عن بعد؟!
> هل يظل المجلس الانتقالي الشماعة والعائق أمام عودة الحكومة؟
ما علاقة المجلس الانتقالي الجنوبي بعدم عودة الحكومة الشرعية المعترف بها دوليا وإقليميا إلى العاصمة المؤقتة عدن؟ على الرغم من وجود نصف القائمة الحكومية من المجلس الانتقالي الجنوبي، وهل يعمل المجلس الانتقالي على إعاقة عودة الحكومة أم شماعة وأسطوانة تعلق عليها الحكومة عدم عودتها؟
ولكن لماذا مع كل قرارات عودة الحكومة إلى عدن تنشط ذاكرة التحركات والخطوات الاستباقية في المجلس الانتقالي الجنوبي ضد عودة الحكومة الشرعية إلى عدن؟
حيث أقر الانتقالي الجنوبي، خلال اجتماعه الأسبوع الماضي، مجموعة من الخطوات لمكافحة ما أسماهم الفاسدين في القطاعات العامة، من أجل تحسين الأوضاع المعيشية في البلاد، الأمر الذي أثار الكثير من الجدل، فاعتبرها البعض تتويجا للتصعيد من قبل الانتقالي ضد الحكومة خلال الفترة الماضية قبل عودتها إلى عدن.
وقال القيادي في الحراك الجنوبي رئيس تجمع القوى المدنية الجنوبية، عبد الكريم سالم السعدي: "إن الخطوات التي تحدث عنها الانتقالي الجنوبي ضد الفاسدين في القطاعات الحكومية، هي تحرك جيد نتمنى ألا يكون مجرد ورقة ضغط لتحقيق مزيد من المكاسب السياسية في مواجهة القوى الجنوبية التي تختلف مع مكون الانتقالي على الساحة الجنوبية".
> صدق النوايا
وأضاف السعدي إن "الأمر يتطلب أن تقوم أدوات مكافحة الفاسدين الانتقالية بإثبات مصداقيتها، من خلال توجيه أسئلة إلى قيادات مكون الانتقالي عن حالة الثراء التي ظهرت على أعضاء تلك القيادة منذ إعلان مكون الانتقالي، بعد حالة الفقر المدقع التي كان يعيشها أعضاء تلك القيادة ومن يحيطون بهم".
وتابع: "سيكون على أدوات مكافحة الفساد الانتقالية أيضا توجيه الأسئلة لقيادة مكون الانتقالي عن إيرادات محافظة عدن والمناطق المجاورة التي يعلن الانتقالي سيطرته عليها ليلا ونهارا خلال السنوات الماضية وإلى اليوم، وكذلك واردات ميناء الحاويات بعدن، وأيضا سيكون على أدوات مكافحة الفساد الانتقالية مساءلة قيادة الانتقالي عن المليارات التي اعترفت قيادة الانتقالي بتحصيلها خلال فترة إعلان الإدارة الذاتية في عام 2020".
واختتم حديثة السعدي بالقول: "سيكون على أدوات مكافحة الفاسدين أيضا السؤال عن مليارات الوحدة الخاصة الإماراتية التي ضختها إلى خزينة مكون الانتقالي خلال السنوات الماضية وأين ذهبت تلك الأموال، وكذلك عن أرباح سنوات العسل مع حكومة معين عبد الملك قبل الاختلاف معها على تقاسم عائدات بيع حقول النفط خارج القانون".