آخر تحديث :السبت-22 فبراير 2025-08:16ص
ملفات وتحقيقات

تحليل: هل بإمكان حزب المؤتمر والاصلاح تجاوز نقاط الخلاف بينهما والعبور إلى المصالحة السياسية؟

الإثنين - 28 أغسطس 2023 - 05:25 ص بتوقيت عدن
تحليل: هل بإمكان حزب المؤتمر والاصلاح تجاوز نقاط الخلاف بينهما والعبور إلى المصالحة السياسية؟
(عدن الغد)خاص:

في الذكرى الـ41 لتأسيس المؤتمر الشعبي.. الإصلاح يعرض شراكته مجددا

هل هناك عودة محتملة للشراكة بين حزبي المؤتمر والإصلاح؟

ما الضرورات السياسية التي تجعل من هذه العودة ممكنة؟

أين تكمن مصاعب العودة والوئام من جديد؟

ما الدور الذي يمكن أن تقوم به الرياض في لم شمل الحزبين؟

هل تعود الشراكة من جديد؟

الإصلاح يمد يده مجددا لشريكه القديم

(عدن الغد) القسم السياسي:

عرض أمين عام حزب الإصلاح عبدالوهاب الآنسي مجددا تحالفا مع المؤتمر الشعبي العام في ذكرى تأسيسه الـ41 التي توافق 24 أغسطس.

وذكر "الآنسي" في برقية بعثها لقيادات المؤتمر بهذه المناسبة بالمحطات الوطنية، التي شكلا الحزبين من خلالهما أهم روافع الجمهورية والحياة السياسية التي جرفتها مليشيا الانقلاب الحوثي العنصرية في محاولة لإعادة الوطن إلى ما قبل فجر السادس والعشرين من سبتمبر.

وبهذه المناسبة هنأ عضو مجلس القيادة الرئاسي طارق صالح تأسيس المؤتمر الشعبي العام بقيادة "الزعيم الشهيد علي عبدالله صالح"، واصفا تجربة هذا الحزب بتطبيق لوسطية الشخصية اليمنية وميلها للتعايش الإيجابي والشراكة وإيجاد إطار سياسي شعبي، يعزز مسار ثورة 26 سبتمبر ونظامها الجمهوري ضد طبقية وطائفية وتطرف واستحواذية الإمامة ومصادرة حقوق اليمنيين في وطنهم، حد تعبيره.

وبعث ابن مؤسس الحزب السفير أحمد علي صالح برقية تهنئة بهذه الذكرى إلى أعضاء المؤتمر الشعبي العام، داعيا قواعده للحفاظ على وحدته والتمسك بنهجه المعتدل، حد وصفه.

وما بين فينة وأخرى تتجدد مثل هذه الدعوات لقيادات رفيعة من كلا الحزبين، لكن مع ذلك ما يزال الخلاف مستمراً بينهما على الرغم من كل الأحداث التي عصفت بالبلاد والحزبين الكبيرين على مدى السنوات الماضية حتى اللحظة.

وتمر هذه الذكرى والمؤتمر الشعبي العام يمر في فترة هي الأصعب، ويعاني من حالة تشظي وانقسام حاد في أطره القيادية والتنظيمية لم يسبق لها مثيل في تاريخه.

وما يزال قطاع عريض من الشعب يراهن على دور المؤتمر في استعادة الدولة والجمهورية ووحدة البلاد، عطفا على التجربة السياسية الطويلة للحزب.

هذه التجربة وإن كانت لها إيجابيات، إلا أنها في نظر البعض لا تخلو من سلبيات أيضا، تستدعي من القيادات المؤتمرية التقييم والمراجعة لهذه التجربة الثرية وأخذ العبرة والدروس منها.

> الإصلاح يمد يده مجددا لشريكه القديم

قال الصحفي فتحي بن لزرق في مقابلة سابقة له مع برنامج "في التفصيل" الذي يقدمه المذيع أنور الأشول على قناة اليمن اليوم أن المؤتمر الشعبي العام أفضل تجربة سياسية، أنتجتها العملية السياسية في اليمن منذ إعلان التعددية السياسية والحزبية في البلاد، ومثلت إزاحة هذا الحزب من سدة الحكم بتلك الطريقة في العام 2011م من قبل خصومه السياسيين، سقوطا ليس للحزب وحسب وإنما للدولة اليمنية برمتها.

ويرى متابعون للحالة الحزبية اليمنية أن حزبي المؤتمر الشعبي والإصلاح، يحظيان بقاعدة جماهيرية واسعة هي الأكبر على امتداد المحافظات اليمنية كآفة، وإن كانت هذه القاعدة الجماهيرية قد تراجعت كثيرا في المحافظات الشمالية لصالح سلطة الأمر الواقع "المليشيا الحوثية"، وفي المحافظات الجنوبية لصالح المكون السياسي الجديد و المتمثل بالمجلس الانتقالي الجنوبي.

وعلى الرغم من هذا التراجع الشعبي للحزبين شمالا وجنوبا، ما يزال يراهن دعاة التصالح والتوافق بين الحزبين عليهما، لإحداث فارق فاعل وكبير لترجيح كفة الصف الجمهوري وتوحيد الجهود السياسية والشعبية نحو هدف استعادة الدولة ومواجهة المشروع الحوثي المدعوم من إيران.

وشهدت الآونة الأخيرة حراكا سياسيا كبيرا بين الحزبين تجلى هذا الحراك في حالة التقارب بينهما واقعا ملموسا في محافظتي مأرب وتعز وإن لم يكن هذا التقارب بالشكل المطلوب.

ومؤخرا تعززت هذه الدعوة من خلال التهاني المتبادلة في ذكرى تأسيس الحزبين، ولعل آخرها تهنئة أمين عام الإصلاح عبد الوهاب الآنسي.

وفي برقية التهنئة في ذكرى تأسيس المؤتمر الشعبي العام الـ41 قال "الآنسي" "إن أيادي حزب الإصلاح ما زالت ممدودة للمؤتمر، ولكل القوى الوطنية، ليضطلعوا جميعاً بمسؤوليتهم التاريخية والوطنية في حفظ الجمهورية والهوية اليمنية واستعادة الدولة، وصون الثوابت والمكتسبات التي أمهرها خيرة رجال اليمن بدمائهم وحياتهم".

وبدوره قال عضو مجلس القيادة الرئاسي والقيادي في الإصلاح الدكتور عبدالله العليمي "إن تجربة المؤتمر الشعبي العام تجربة سياسية جديرة بالاحترام"، مضيفا إن "المؤتمر أثرى الحياة السياسية اليمنية بحضور سياسي جيد".

وأشار "العليمي" إلى أن مرور 41 عاما على ميلاد المؤتمر الشعبي العام، تجربة جديرة بالاحترام والتقدير، كما هي جديرة بالتأمل والدراسة، ولا شك أن تجربة طويلة مثل هذه قد أثرت على الحياة السياسية اليمنية وعلى عموم الشعب اليمني، وحجزت لنفسها فصلا مهما في تاريخ اليمن السياسي وبصمة لا تمحى، داعيا إلى استعادة الحياة السياسية بعد أن أسقطها الكهنوت الحوثي، وهي مهمة يجب على الجميع التعاضد من أجلها، مذكرا بتجربة المؤتمر الذي تأسس كمظلة وطنية لكل القوى والتيارات، واصفا إياها "بالتجربة الملهمة" في هذا المسار الوطني، الذي يناضل الجميع من خلاله لاستعادة الدولة، وكل
مظاهر الحياة الحديثة وأولها الحياة السياسية القائمة على التعددية السياسية والحزبية والديمقراطية.

وفي كلمة رئيس فرع المؤتمر في محافظة مأرب أكد الشيخ عبد الواحد القبلي نمران أنه بعد 41 عامًا من العمل الوطني لم يعد المؤتمر ولا أي حزب وطني كما كان، هناك انتكاسة كبيرة حدثت في وطن سبتمبر وأكتوبر ومايو بفعل الانقلاب الحوثي، فتأثرت بهذه الانتكاسة مؤسسات وأحزاب وقوى وطنية ومنها المؤتمر، حد قوله.

وأضاف "نمران" أنه لا كرامة ولا وطن بدون الحرية، ولا حرية مع العنصرية الحوثية والسلالية المقيتة، ولا وحدة مع الإمامة، ولا جمهورية إن ضاعت الوحدة، ولا شرف يضاهي شرف الدفاع عن كل شبر من اليمن يتعرض للتهديد أيا كان مصدره، فإن كانت قضايا الوطن هذه في المؤتمر تهمنا جميعا فلنبدأ بأنفسنا.

ويرى مراقبون أن هذه الدعوات المتجددة من قبل القيادات المؤتمرية والإصلاحية، تأتي كنتيجة لتداعيات الانقلاب العسكري الحوثي في سبتمبر في العام 2014م والمخاطر التي ترتبت على هذا الانقلاب العسكري على الوطن والحزبين، وهو الأمر الذي يدفع بهذه الأصوات الكثيرة والمتنامية مؤخراً وعلى لسان قادة وقواعد ونشطاء الطرفين للدعوة لإنهاء الخلاف والتصالح والعمل المشترك، انطلاقاً من القواسم التنظيمية التي تعد من ثوابتهما الراسخة وفي مقدمتها النظام الجمهوري الديمقراطي والوحدة الوطنية.

ووفقا لمحللين سياسيين، فإن للحزبين امتداداً على خارطة البلاد شمالاً وجنوباً، وهوما يحتم عليهما طي صفحات الخلاف التي أثقلت بها الأحداث الدامية في البلاد كاهل الطرفين، وبالتالي العمل على توحيد الجهود نحو مواجهة المشروع الحوثي النقيض لمشروع الحزبين، شريطة أن يتخلصا أولاً من  ميراث الصراع الطارئ بينهما، ومن ثم الشروع بفتح صفحة جديدة تتدارك ما يمكن تداركه قبل فوات الأوان.

> هل التقارب ممكن؟

يرى كثيرون أن المؤتمر الشعبي العام أحد الأحزاب اليمنية الكبيرة، لما يمثله من حاضنة شعبية حقيقية على مستوى الوطن والطريق إلى السلطة لا يأتي إلا عبره.

يقول الكاتب الصحفي ماجد زايد: "عندما تحالف الإصلاح معه وصل عبره إلى السلطة وأصبح أحد أجزائها، وصنع لنفسه وقياداته تنظيمًا كبيرًا ينتشر بكل  أجزاء اليمن، وحينما قرر الانقلاب عليه والتخلي المستقبلي عنه، سقط وأسقط تنظيمه وسلطته، ليأتي تنظيم آخر "مليشيا الحوثي" ويصل للسلطة متحالفًا مع المؤتمر، مدركًا حقيقة الحاضنة الشعبية له، وبعدما غدروا به وبقائده الأهم، صاروا كالمطلقة في بيت خاوٍ من التوافقات والتحالفات الحقيقية"، حد وصفه.

وهنا يتساءل الكثير من مناصري الحزبين عن موعد وصول قادة الحزبين لمرحلة يستشعرون فيها الخطر الذي تجاوز المحاذير التنظيمية داخلهما في الرؤى والبرامج الحزبية التي تبدو أصغر بكثير من الأخطار التي تتهددهما والوطن برمته وفي مقدمتها خطر المشروع الإيراني في اليمن والمنطقة.

وعلى الرغم من وجود العديد من نقاط الخلاف بين الحزبين التي يمكن تلخيصها في نتائج احتجاجات 2011م ضد نظام صالح والموقف من عائلته، بالإضافة إلى المناكفات الإعلامية والمسببات التي أوصلت أوضاع البلاد لهذا المآل الصعب، إلا أن التهديدات الوجودية في نظر مراقبين تتجاوز نقاط الخلاف هذه بكثير جدا.

ويرى الكاتب السياسي المؤتمري يحيى الأحمدي أن الوسائل التي يمكن أن تؤسس لتقارب ينهي حالة القطيعة والعداء كثيرة من بينها، وضع خطوط فاصلة بين التنافس والخصومة وبين السياسة والسيادة، وبين المصالح والمبادئ وأن يعيا أنه بعد الانتصار على الحوثي، لا أحد منهما سيزيح الآخر أو يطغى عليه، فيما إذا فشلوا في هزيمة الحوثي، فلن يبقى ثمة إصلاح ولا مؤتمر؛ حد تعبيره.

> التعويل على الرياض في إعادة ضبط العلاقة

يعتقد كثيرون أن للمملكة العربية السعودية ارتباطا وثيقا بكلا الحزبين اللذين تأسسا في الحدود الجنوبية للمملكة وتحالفا سابقا ضد ما سمي حينها "بالمد الشيوعي" القادم من جنوب البلاد والمدعوم سوفيتيا في إطار الحرب الباردة التي خاضتها الولايات المتحدة الأمريكية من جهة والاتحاد السوفييتي من جهة أخرى. ويرى ساسة وباحثون أن هذه العلاقات التاريخية يمكن توظيفها من قبل الرياض، لصالح العداء المشترك للتهديد الوجودي الإيراني في صنعاء.

يقول الكاتب السياسي المؤتمري ثابت الأحمدي إنه بالإمكان التعويل على قيادة المملكة العربية السعودية من واقع المسؤولية التاريخية والسياسية على تبني مصالحة وطنية شاملة بين مختلف الأحزاب اليمنية، وعلى رأسها المؤتمر والإصلاح، استدراكاً لما تبقى من الدولة اليمنية القائمة، وكيلا لن ينفرط العقد نهائياً، واستكمالاً للدور التاريخي الرائد الذي قدمته المملكة لليمن خلال الفترة الفائتة.

ولم تكن هذه الخلافات بين الحزبين حاضرة من قبل وبهذا الشكل منذ تأسيس حزب المؤتمر الشعبي العام في 24 أغسطس 1982 على يد علي عبدالله صالح، كتيار سياسي وطني وحزب حاكم وحيد يمسك بمقاليد حكم شمال اليمن، ولا بعد إعادة تحقيق الوحدة 90 م وتحالفهما معا في حرب صيف 94م ضد الحزب الاشتراكي اليمني الذي كان حاكما لجنوب البلاد قبل 90م.

لكن هذه الشراكة لم تدم طويلا، إذ استمرت شراكة المؤتمر والإصلاح لفترة قصيرة قبل أن تتراجع بعد انتخابات 1997، ويفترق طريقهما منذ 2001 بشكل واضح، ثم يتصعد بتشكيل خصمي الأمس (الاشتراكي والإصلاح) وأحزاب أخرى تكتل أحزاب اللقاء المشترك المعارض في 2003، ثم يهدد صعود التكتل بقيادة الحزبين كرسي حكم صالح في انتخابات 2006م.

وانفرد المؤتمر بالسلطة كليا من مطلع الألفية إلى العام 2011م، قبل أن يتم إجبار الرئيس الأسبق علي صالح بالتنازل عن السلطة في هذا العام تحت ضغط ما سمي "بثورة 11 فبراير" التي أطلقها خصوم نظام صالح، ومسمى "الفوضى الخلاقة" التي أسقطت الدولة اليمنية في نظر مناصري نظام صالح.

ويعد مناصرو الحزبين الفترة الحالية هي الأخطر على كلا الحزبين، إذ دفع الانقلاب الحوثي قيادات الصف الأول والثاني في كلا الحزبين إلى مغادرة العاصمة اليمنية صنعاء، بعد تفرد مليشيا الحوثي بالمشهد السياسي هناك، ولاسيما بعد مقتل مؤسس حزب المؤتمر وزعيمه في الثاني من ديسمبر 2017م.

ختاما.. ليست هذه الدعوة إلى المصالحة السياسية بين الحزبين بجديدة، وإنما عادة ما تتجدد في مناسبات ذكرى التأسيس من كل عام، لكن السؤال المطروح الآن: هل تلقى هذه الدعوة استجابة من قبل قيادات الحزبين أم أن قيادات الحزبين لم تستشعر المخاطر بعد؟