قلبي الذي أدْمَنَ التِّرحَالَ وَالسَّفَرَا
في ليلِ عَينيكِ أهْدَى لِلمُنَى قَمَرَا
يا "قدسُ" يا روعةَ التّاريخِ في دَمِنَا
إليكِ كم حَجَّ هذا القلبُ واعْتَمَرَا
تَعِبْتُ أكْتُبُ وَالأوجَاعُ مَحْبَرَتِي
كَمْ أَرّقَ الشِّعرُ في مِحْرَابِهَا الشُّعَرا
من أرْضِ "بلقيس" هذا الشَّوقُ تحمله
نسائمُ الليلِ وَالغيمُ الذي عَبَرَا
ما بينَ "عَكَّا وَحَيفَا وَالخَلِيلِ" أنا
مسافرٌ كُلّمَا طَالَ النَّوَى اصْطَبَرَا
قيثارتي الآنَ يا "بيسانُ" في كدرٍ
باتت من الحُزْنِ يَقْظَى تبعثُ الكَدَرَا
أرى بلادي على الأجداثِ بَاكيةً
كم أوجعَ السُّهدُ في أحْدَاقِهَا السّهَرَا
في كلِّ صبحٍ يقيمُ الموتُ مذبحةً
فلا تَسَلْ كَيفَ عمَّ الخوفُ وَ انْتَشَرَا
ولا تَقُلْ أَيْنَ بَاتَ السُّعْدُ مُعْتَكِفًا
واسْتَوحَشَ الليلُ لا أنسا وَلا سَمَرَا
وَلَا تَسَلْ مَالّذِي يَجْري وَقَدْ حَجَبَتْ
ثقافةُ الحقدِ عَنَّا السَّمْعَ وَالبَصَرَا
عيوننا تَرقبُ "الأقْصَى" عَلَى خجلٍ
وَلَمْ تَجِدْ خَالِدًا فينا ولا عُمَرَا
كَأنَّنَا لم نَفِقْ مِنْ طُولِ غَفْوَتِنَا
ولا اقتفينا لإنصارِ الهُدَى أَثَرَا
على جَنَاحِ القَوَافِي جِئْتُ ِمِنْ "عَدَنٍ"
ومن "صهاريجها" أشجى النَّوى الوَتَرَا
ْ
أنا حنينُ الليالي كلما شرِقَتْ
بالدَّمعِ أوْ عَاتَبَتْ في الغربةِ القَدَرَا
لا وقت للحزن يا "نابلسُ" فالتَمِسِي
من همهماتِ الصِبَا مَا فَاتَ وَانْدَثَرَا
قلوبُنا مِنْ حُطَامِ الذكرياتِ غَدَتْ
تَئِنُّ والصَّبْرُ فِيْهَا ملَّ وَانْكَسَرَا
سنعبرُ الآنَ يَا "سخنينُ" ساريةً
للعابرين إلى أوْطَانِهمْ مَطَرَا
ونزرعُ الأرضَ بالإيمانِ ثانيةً
ونسأل الله يَجْلُو الهَمَّ والكَدَرَا
يا من إلى اللهِ يشكو جَهْلَ أمّتَهِ
اغنمْ دروسَ التُّقَى واسْتَلهِمِ العِبَرَا
تَاريخنَا بِمَدَادِ القَهْرِ نَكْتُبُهُ
وَحِبْرنا مِن لَظَئ الحزنِ الذي كبرا
نلومُ حُكَّامَنَا في كلِّ مُنْعَطَفٍ
وَنَحْنُ مَنْ يَصْنَعِ الحُكَامَ وَالأُمَرَا
من ذَا الّذِي لم يَجِدْ في العيشِ منغصةً
ولمْ يَنَلْ من ليالي أنْسِهَا وَطَرَا
يا "قدسُ" ها نحنُ ما زِلنَا عَلَى أَمَلٍ
يغازلُ الشِّعْرُ فَينَا النّصْرَ وَالظّفَرَا
مَا زَالَ في الغَيبِ مِنْ أيّامِنَا خَبَرٌ
رغم العذاباتِ وَالدَّمْعِ الَّذِي انْهَمَرَا
سَنَقْتَفِي الآنَ فَجْرَ الأمْنِيَاتِ عَسَى
نَرَى طَرِيقًا إلى عينيكِ مُخْتَصرَا