آخر تحديث :السبت-22 فبراير 2025-08:25ص
أدب وثقافة

تكريم للدكتور مجيب الرحمن الوصابي ومحاضرة في مدينة سوسة التونسية

الإثنين - 11 ديسمبر 2023 - 12:57 م بتوقيت عدن
تكريم للدكتور مجيب الرحمن الوصابي ومحاضرة في مدينة سوسة التونسية
تونس (عدن الغد) زينب علي درويش:

بدعوة كريمة من جمعية التسامح للإبداع الثقافي ورئيستها الأستاذة ابتسام الخميري، وبمناسبة اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني وبمشاركة أدباء ونقاد من تونس والجزائر والأردن واليمن وتحت شعار " بالحرف والقلم قد نمحو الألم" بالمركب الثقافي بسوسة مؤخرا، قدّم أستاذ النقد والحضارة في اليمن محاضرة بعنوان " جدوى الشعر في نصرة القضية الفلسطينية "، جاء فيها:  حقيقة أجد نفسي وانا أتكلم عن المقاومة وفلسطين في تونس كناقل تمر الى هجر، أو كالذي يبيع الماء في حومة السقاءين، وأعرف يقينا من هي فلسطين بالنسبة لتونس ... هي أمها واختها وبنتها وابوها...سأبدأ من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله من رأى منكم منكرا فليغيره  بيده .. وإن لم يستطع فبلسانه ... ومن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الايمان، وبيننا وبين فلسطين آلاف الكيلومترات، وإلا فتغيير هذا المنكر وإيقاف هذا النزيف وهذا الصلف الصهيوني هو واجب ... واعرف كثيرين هنا في تونس تتوق نفسهم للقتال في أرض غزة أرض العزة.

 

عن دور الادب والشعر في التغيير والتأثير اسمحوا لي أن أعطي موجزا تاريخيا سنبدأها من أفلاطون الذي أدرك منذ مرحلة مبكرة تأثير الشعراء وقدراتهم ... فطردهم من مدينته، لأنهم يفسدون على الناس أخلاقهم، وسنتفهم ذلك جيدا، لأن أفلاطون ينطلق من مثالية وعالم من المثل. ومدينة افلاطون كل ناسها صالحون وخيرون... وفي الحياة الآخرة لا اظن اننا سنحتاج للشعر والشعراء.

 

 وقال الوصابي " لكن واقعية ارسطو فطنت للدور الذي يلعبه الادب ولاسيما الشعر في التطهير، أي ما نشاهده ونسمعه ونتفاعل معه يساهم في خلق التوازن النفسي وإخراج المكبوت

 

ولننتقل الى أدبنا العربي ... ونشاهد الدور الخطير للشعراء منذ ما قبل الإسلام، ونكتشف تلك المكانة العظيمة التي كانت للشعراء وكلماتهم في التأثير والتغيير، فقد كان اسمى لقب للإنسان كان وصفه بالشاعر الفارس أي أن الكمال المنشود عند المرء لا يتوقف على السيف أيضا على الكلمة القوية المؤثرة ... وقديما قالوا أن الشعر ديوان العرب وسجل مأثرهم، وكان للشعر والشعراء دور خطير في التأثير على الرأي العام يمكن أن نشبههم بوسائل الاعلام

 

وكان الناس يحذرون من ألسنة الشعراء لأنهم إذا قالوا كلمة صارت مثلا وتداولتها الناس كمسلمات وحقائق وربما عكست الصورة مثلا ، هناك قبيلة كانوا يعيرونها ببني أنف الناقة ،وكانوا يخجلون من هذا اللقب إلى أن قال فيهم الحطيئة

 

قوم هم الانف والاذناب غيرهم .. وهل يساوى بأنف الناقة الذنب

فأصبحوا لا يخجلون بعد هذا البيت من لقبهم بل يفخرون

أما قبيلة (نُمير) فقد جنى عليهم جرير عندما قال

فغض الطرف إنك من نمير   فلا كعبا بلغت ولا كلابا

الذي جعل كل بني نمير يخدلون من ذكر اسم القبيلة " نميري"

ويفضلون ذكر أسماء عشائرهم الصغيرة تحاشيا لذكر النميري

 

ثم انتقل الباحث اليمني الى قضية الإسلام والشعر وفصل فيها وكيف ان الشعر كان معركة كبرى لا تقل عن الميدان بين المسلمين وكفار قريش ، الذين استأجروا الشعراء للهجوم على المسلمين والرسول كأمية أبي الصلت وكعب بن زهير قبل اسلامه وغيرهم من الشعراء الذين آذوا الرسول بأشعارهم فأباح الرسول دماءهم .. وتحدث الوصابي عن الشاعر حسان بن ثابت ومجوعة من الشعراء الذين انبروا للدفاع عن الإسلام بإشعارهم واستشهد بأبيات حسان بن ثابت   

 

عدمنا خيلنا إن لم تروها * تثير النقع موعدها كداء

يبارين الأعنة مصعدات * على أكتافها الأسل الظماء

 

ومدحه للرسول بهذين البيتين:

وأحسن منك لم تر قط عيني   وأجمل منك لم تلد النساء

خلقت مبرأ من كل عيب   كأنك قد خلقت كما تشاء

 

وذكر الباحث ان لكل دولة او فرقة إسلامية شعراء يخلدون أصحابها ويبرزون مآثرها وينالون من خصومها ... وانتقل الوصابي الى العصر الحديث وتحدث عن دور الادب والفن بشكل عام في مقاومة المستعمرين والطغاة في اليمن وتونس والبلاد العربية مستشهدا ومركزا على فلسطين وناجي العلي وغسان كنفاني ...

 

بانتهاء مداخلته تفاعلت النّاقدة المعروفة إبتسام الخميري مع المحاضرة و وضّحت أنّ الاختيار كان عن دراية و اطّلاع و لو جزئيّ بالأقلام اليوم فأمام تطوّر التكنولوجيا و وسائل التّواصل الاجتماعي فإنّ الحرف بات لا يستجيب أصلا لمعايير الجودة و الحرفيّة و للأسف فذلك لن يجعل منه فاعلا في المجتمع و إن انتشر بسرعة البرق و تجاوز المسافات

 

ترأس الناقد التونسي المتميز شكري مسعي الجلسة والفعالية وأدارها بحنكته واقتدار.