آخر تحديث :السبت-22 فبراير 2025-08:25ص
أدب وثقافة

فتات خبز (قصة قصيرة)

الأحد - 07 يناير 2024 - 05:48 م بتوقيت عدن
فتات خبز (قصة قصيرة)
بقلم / عصام مريسي



أرسلت الشمس أشعتها الدافئة تدغدغ الغارقون تحت الحفتهم محاولة ايقاظهم معلنة مولد يوم جديد تدعوهم لخوض تفاصيله بكل ما تحمل من أحلام وأمنيات وتفتح لهم أبواب من الأمل حتى انقشعت الظلمة وتبددت عتمة الليلة الشتوية الباردة لكنه لم ينم فقد بات مطوي الجسد ترتعد أوصاله من صقيع الليلة الباردة ولا شيىء يذود عنه صقيع تلك الليلة إلا رقع من خرق بالية يحاول أن يتوارى تحتها فكلما مد يديه يسحبها نحو راسه ليغطي بها وجهه الممرغ بالتراب الذي علق به وهو يفترش قارعة الرصيف على بقايا صندوق كان قد اتخذ منه فراش متنقل يطويه كلما غادر المكان .
لكن هذه الليلة ليست ككل ليلة هي باردة على غير العادة وهو خبير طقس بالممارسة فالأرض فراشة والسماء لحافه ونجوم السماء و قمرها مصابيحه وكأنها له وحدة ومن هم على شاكلته فسيح الأرض ديارهم والسماء سقوفهم انكشفت قدميه فترتجف أسنانه حتى يقشعر بدنه طوال ليلته يصارع اللحاف يغطي به راسه تارة وتارة يضعه على قدميه المتشقق الحفى لكثرة السير حافي القدمين شديدي التعرق والبروز لبعض مفاصل قدميه و ساقيه.

ينهض يستقر جالسا في مكانه ويفتح لعينيه العنان كي تنطلق في كل فراغ يقلبها حيث يشاء وبطنه تقرقر حتى يضج سمعه منها يمسح على بطنه علها تهدأ لكن الجوع بعد تلك الليلة الباردة شديد أخذ يقلب بصره حول فراشة هنا وهناك وتمتد كلتا يديه تتحس عل شيء يعلق بها فإذا كسرت خبز كان نصفها عشاه في الليلة الماضية يمسك بها ينفض ما علق بها من تراب فوضعها في فيه عل لعاب فمه يبلل من قساوتها فيستطيع مضغها لكنها استعصت على أسنانه المهترئة التي نخر فيها السوس . يحاول الانقضاض على فتاتها الذي يتساقط كلما حاول تفتيتها بيده لكن شيء قد علق بحنجرته منها حتى هيج سعال كان قد اعتاد عليه .
يترك فتات الخبز جانبا يحاول النهوض يشد إزاره حول خاصرته يدخل كفه في جيبه لربما يجد بعض عيدان الثقاب التي يجمعها ينظف بها أسنانه من بقايا الفتات التي تعلق في الفتحات التي نخرها السوس في أسنانه لم يجد شيء
ينطلق يسوق قدميه نحو المحلات التجارية والمطاعم التي اخذت تزدحم بالباعة و الزبائن فقد يجد بعص بقايا الطعام فيسد به رمقه يهدئ من تقلصات معدته.
من بعيد على طاولة خارجية للمطعم الذي أعتاد أن يقف بالقرب منه هناك من غادر الطاولة وترك خلفه فتات يصلح للاكل ينطلق نحو الطاولة على عجالة ليختطف ما تبقى على المائدة قبل أن يلحظه مباشر المطعم ( النادل) لكن هيهات له هذه المرة فنادل المطعم يترصده فما أن تمتد يده نحو بقايا الطعام حتى تسبق يدي نادل المطعم فتسحب بقايا الطعام ويطرده
كم قلت لك مرات .. لا تقترب رائحتك تنفر الزبائن
ينسحب لكن يده ليست خاوية فقد أمسك ببعض ا.لفتات من الخبز واخذ مضغه و بلعه لكنه لا يسد رمقه فبطنه ما زالت خاوية تقرقر .
انصرف في جولته اليومية يلتقط فتات الطعام من هنا وهناك ليملأ بطنه ويسد جوعه ويسكت قرقرة بطنه

أقصوصة عصام مريسي