آخر تحديث :السبت-22 فبراير 2025-08:16ص
أدب وثقافة

قصيدة شعرية.. آخِـرُ إنْسَان

السبت - 03 فبراير 2024 - 09:33 ص بتوقيت عدن
قصيدة شعرية.. آخِـرُ إنْسَان
كلمات : د/ عمار السبئي
أَمْـعَـنْتُ فِيْ الصَّـبْـرِ أَمْ أَذْعَـنْـتُ لِـلْـجَـزَعِ،
فِـــي الْـحَـالَـتَيْنِ فُـــؤَادِي غَــيْـرُ مُـنْـتَـفِعِ

لَــمْ يُـبْـقِ لِـي الـدَّهْرُ أَنْـفَاسًا أَعِـيشُ بِـهَا،
فَـكَـيْفَ مَــا زِلْــتُ أَحْـيَـا؟! لَا أَكَــادُ أَعِـي

عِـشْـرُونَ...وَالْـمَوْتُ مَـــا زَالَـــتْ كَـتَـائِبُهُ
تَــتْـرَى، وَمَـــا زَالَ قَـبْـرِي غَـيْـرَ مُـبْـتَلِعِي

عِـشْـرُونَ...وَالْمَوْتُ يَـأْتِـينِي عَـلَـى دُفَـعٍ،
وَأَوْجَـــعُ الْـمَـوْتِ مَــا يَـأْتِـي عَـلَـى دُفَــعِ

لَا عِــشْـتُ كَـالـنَّـاسِ مُـرْتَـاحَ الْـفُـؤَادِ، وَلَا
كَـمَـوْتِـهِـمْ مِــــتُّ مَـعْـفِـيًّـا مِـــنَ الْــوَجَـعِ

عَـيْـشِـي غَــرِيـبٌ وَمَــوْتِـي مِـثْـلُـهُ، وَأَنَــا
بَــيْـنَ الْـغَـرِيـبَيْنِ طُــوفَـانٌ مِـــنَ الْــفَـزَعِ

هَــــمُّ الْــبِــلَادِ وَهَــمِّـي فَــوْقَـهُ اجْـتَـمَـعَا
عَــلَــيَّ حَــتَّــى أَحَــالَانِــي إِلَــــى قِــطَـعِ

هَـــذِي الْــبِـلَادُ تَــكَـادُ الْآنَ تَــخْـرُجُ مِـــنْ
قَــلْـبِـي الْـمُـحَـطِّـمِ لَــــوْلَا شِـــدَّةُ الْــوَلَـعِ

ضَـــاقَــتْ عَـــلَــيَّ، وَلَــكِــنِّـي لَـشِـقْـوَتِـهَا
وَسَّـعْـتُ صَــدْرِي، وَصَــدْرِي غَـيْرُ مُـتَّسِعِ

تَــعِــبْــتُ أَجْــمَـعُـهَـا حِــيــنًـا وَتَــنْـثُـرُنِـي
حِــيــنًــا، وَمَـا أَيُّـنَــا يَـوْمًــا بِـمُـــرْتَــدِعِ

هَــــذِي الْــبِــلَادُ مَــنَــافٍ كُـــلُّ أَوْجُـهِـهَـا،
فِـيَـا سَـمَـاءُ عَـلَـيْهَا، مَـا اسْـتَطَعْتِ، قَـعِي

كَــمْ عِـشْـتُ دَهْــرًا أُوَاسِـيـهَا فَـتَفْجَعُنِي،
وَأَحْــتَــوِيــهَـا فَـتُـقْـصِـيـنِـي بِــــــلَا وَرَعِ

وَكَــــمْ حَــسِـبْـتُ بَـنِـيـهَـا لِـــي، وَهَــأَنَـذَا
وَحْـــدِي أَمُـــوتُ بِـــلَا رَاثٍ وَدُونَ نَــعِـي

لَا ذَنْــبَ لِـي فِـي بِـلَادِ الْـمُفْجِعَاتِ سِـوَى
أَنِّـــي تَـنَـازَلْـتُ عَـــنْ فَـــرْدِي لِـمُـجْتَمَعِي

وَأَنَّــنِـي كُــنْـتُ وَحْـــدِي صَـادِقًـا بِـدَمِـي
فِــي زُمْـرَةٍ خَـيْـرُهُـمْ مُـسْـتَـرْزِقٌ وَدَعِـــي

وَثِــقْـتُ بِـالـنَّـاسِ حَـتَّـى لَــمْ أَظُــنَّ بِــأَنْ
أَكُـــــونَ آخِــــرَ إِنْــسَــانٍ يَــظَــلُّ مَــعِــي

فَــمَـنْ يُـعِـيـرُ غَـرِيـبًـا بَــعْـضَ فِـطْـنَـتِهِ؟!
أَوْ مَـنْ يُـوَاسِي شَـقِيًّا حَـظُّهُ «كُسَعِي»؟!

يَـئِـسْتُ مِـنِّـي وَمِــنْ قَـوْمِي وَمِـنْ بَـلَدِي
وَمِــــنْ حَــيَــاةٍ بِــــلَا طَــعْــمٍ وَلَا طَــمَـعِ

لَا فَـلْـسَـفَـاتُ «الْــمَـعَـرِّي» ثَــــمَّ نَــافِـعَـةٌ
فِـي مِـثْلِ حَـالِي وَلَا صُـوفِيَّةُ «الْـبُرَعِي»

أَحْــتَــاجُ صَــبْــرًا كَـصَـبْـرِ الْأَنْـبِـيَـاءِ بِـــهِ
أَجْـتَـازُ مَــا ظَـلَّ فِـي الْـوِجْدَانِ مِـنْ هَـلَعِ

أَحْــتَـاجُ رُوحَـيْـنِ كَــيْ أَحْـيَـا بِــلَا أَمَــلٍ،
وَأَلْــــفَ قَــلْـبٍ لِــكَـيْ أَحْــيَـا بِـــلَا مُــتَـعِ

أَحْــتَـاجُـنِـي حَــجَـرِيًّـا غَــيْــرَ مُــكْـتَـرِثٍ
بِــــأَيِّ سَــيْــلٍ مِــــنَ الْأَهْــــوَالِ مُـنْـدَفِـعِ

ثَــقِـيـلَـةٌ هَـــــذِهِ الــدُّنْـيَـا عَــلَــيَّ، وَمَــــا
مِــثْـلِـي، وَإِنْ كَــــانَ مَــقْـهُـورًا، بِـمُـتَّـضِعِ

لَا أَنْـحَـنِي مَــا دَهَـتْـنِي عَـاصِـفٌ، قَــدَرِي
إِمَّـــــا كَــسِــيـرًا وَإِمَّـــــا شِــبْــهَ مُـنْـقَـلِـعِ

فِـيَـا بِــلَادِي الَّـتِـي مَــا زِلْــتُ أُبْــدِعُ فِـي
هَــــوَاكِ، وَهْـــوَ عَـسِـيـرٌ، غَــايَـةَ الْــبِـدَعِ،

أَكْـمَـلْتِ تَـقْـطِيعَ قَـلْبِي فِــي رِضَاكِ، فَـكَمْ
لِـفَـحْصِ حُـبِّـيَ تَـحْـتَاجِينَ مِــنْ خِـزَعِ؟!

رِفْـقًـا بِـقَـلْـبٍ بَـــرِيْءٍ كَــمْ عَــبَــرْتُ بِــهِ
مَـهَـالِـكًـا دُونَ حَــصْــرٍ، وَهْــــوَ مُـتَّـبِـعِـي

لَـــــكِ انْــخَـدَعْـتُ، وَلَــــوْلَا أَنَّــــهُ قَــــدَرٌ
عَــلَـيَّ حُــبَّـكِ مَـــا اسْـتَـسْـلَمْتُ لِـلْـخُـدَعِ

ضَـيَّـعْـتِنِي، يَـــا بِــلَادِي، فَاذْهَـبِـيْ بِدَمِـي،
مَا قِيمَةُ الْعَيْشِ فِي الدُّنْيَا وَلَسْتِ مَعِي؟!