آخر تحديث :الجمعة-17 مايو 2024-01:31ص

ملفات وتحقيقات


علي ناصر : الرئيس صالح وصل بمسدسه إلى سلطة الحكم (49)

الثلاثاء - 30 أبريل 2024 - 05:47 م بتوقيت عدن

علي ناصر : الرئيس صالح وصل بمسدسه إلى سلطة الحكم  (49)

إعداد/ د. الخضر عبدالله:





الدبلوماسي الطعيمي

يواصل الرئيس الأسبق علي ناصر محمد إلى دور دولة إثيوبيا والسعودية عقب أحداث 13 يناير 86م وخروجه من اليمن .. ويقول مستدركا في حديثه قائلا:" في يوم 14/10/1990م استقبلت القائم بالأعمال السعودي عبد الرحمن الطعيمي في أديس أبابا، وكنت قد تعرفت إليه عندما كان قائماً بأعمال السفارة السعودية في عدن (1979 - 1980)، وقد قابلته بناءً على رغبة الرئيس منغستو في مساعدته على تحسين علاقات بلاده بدول المنطقة، وخصوصاً مع العربية السعودية ومصر وسورية ودولة الإمارات العربية المتحدة. وكان ذلك يؤكد إدراك منغستو حاجة بلاده إلى كل الجهود للتغلب على مشاكلها التي أثارتها الحرب ومتطلبات التنمية، وكان هاجس تفكك إثيوبيا يقلقه أكثر من أي شيء آخر، ويسعى إلى إيجاد حلّ سلمي للمشاكل في إطار إثيوبيا الموحدة. كان وفائي للرجل الذي وقف معي ومع شعبنا في أحلك الظروف يملي عليّ، بل يحتّم، الوقوف معه في تلك الظروف المعقدة التي كانت تجتازها بلاده، وعلى مساعدته بقدر ما أستطيع، ولهذا شرعت في العمل فوراً، وبدأت مهمتي هذه في أديس أبابا بلقاء القائم بالأعمال السعودي، على أن أواصل جهودي اللاحقة عندما أعود إلى دمشق.

حديث بين ناصر والطعيمي

ويضيف الرئيس ناصر بقوله :" دار بيني وبين عبد الرحمن الطعيمي حديث طويل شرح خلاله علاقته القديمة باليمن عندما عمل قنصلاً في السفارة السعودية بصنعاء (1971 - 1977)، وعلاقة بلاده بالسياسة الداخلية لليمن، بما فيها ترتيب ثلاثة انقلابات على القاضي عبد الرحمن الإرياني رئيس المجلس الجمهوري في صنعاء، وتقديم كل أشكال الدعم إلى الرئيس أحمد الغشمي والرئيس علي عبد الله صالح. وكشف الدبلوماسي السعودي الذي كان يتحدث بمرارة عن أسرار كثيرة، وخصوصاً اللقاء الذي حصل في أسمرة بين السفير السعودي والملحق العسكري السعودي في صنعاء مع إبراهيم الحمدي وأحمد حسين الغشمي وعبد الله الأصنج وعلي عبد الله صالح، حيث تم الاتفاق على خطة الانقلاب على الرئيس القاضي عبد الرحمن الإرياني، وفي اللقاء الأخير سلّم القنصل السعودي مئتي دولار لعلي عبد الله صالح، وطلب منه أن يذهب ويخزن ويعود إليهم بعد ذلك، خوفاً من أن يفشي سرّ الانقلاب. وبعد أربع سنوات من هذا اللقاء جرت انقلابات واغتيالات عديدة ضد الرؤساء الإرياني والحمدي والغشمي. وتسلَّم الرئاسة علي عبد الله صالح وكان القنصل السعودي من ضمن الوفد الذي هنأه بتوليه رئاسة الدولة في صنعاء. وعندما شاهده سأله: هل التقينا قبل ذلك؟ فردّ: لا يا فخامة الرئيس، فهذه هي المرة الأولى التي ألتقيكم. وقال: نحن الذين أوصلناه إلى السلطة، وقدمنا إليه أشكال الدعم السياسي والعسكري والمالي كافة، وبلغت مساعداتنا له 22 مليار ريال سعودي حتى عام 1990. وقال لي: هذا الرجل بدأ بمئتي دولار وانتهى بـ 22 مليار ريال سعودي، والآن يقف مع احتلال صدام حسين للكويت، والتآمر على دول مجلس التعاون الخليجي، وأفشى إليّ الدبلوماسي السعودي أن علي عبد الله صالح عرض على الرئيس حسني مبارك 12 مليار دولار سنوياً من نفط الكويت إذا وقف مع صدام، أثناء مؤتمر القمة العربي في القاهرة، وقال لي إنه أيقن الآن بصحة ما قلته له في عام 1980 حينما أعلمني بأن الملك فهد مستعد لأن يقدم إليّ أي مساعدة أطلبها، وحينذاك كان جوابي أنّ عليكم أن تهتموا بتقديم المساعدة إلى الشعوب، لا إلى الحكام، لأن الحكام زائلون والشعوب تبقى، وأردف: لو ساعدنا الشعب اليمني، لما حصل ما نراه من فساد في اليمن.

الدور السعودي في وصوله الرئيس صالح إلى السلطة

وواصل الرئيس ناصر حديثه وقال:" وقد تأكد لي صحة ما قاله القائم بالأعمال السعودي آنذاك السيد عبد الرحمن الطعيمي عن مجيء علي عبد الله صالح إلى الرئاسة عام 1978م، كما ورد في مذكرات الشيخ عبد الله الأحمر، حيث أورد فيها:
�كما أصرّ معه الأخوان في المملكة العربية السعودية حتى استدعوني إلى جدة وفعلاً جاؤوا بطائرة تنقلني إلى هناك لإقناعي بعلي عبد الله صالح، لقد أيدت السعودية بشكل واضح ودعمت بقوة علي عبد الله صالح وبذل العميد صالح الهديان الملحق العسكري للمملكة جهوداً كبيرة لإقناعنا، كما خرج علي بن مسلم من السعودية يقنعني ويقنع بقية المشايخ وجلس في صنعاء حتى تمت الأمور� . والرئيس علي عبد الله صالح لا ينكر الدور السعودي في وصوله إلى السلطة، وأتذكر حديثاً جرى بيني وبينه حيث قال إنه وصل إلى السلطة بمسدسه ومال السعودية والدعم الأميركي، ولكن استشهاد الرئيس الحمدي قد فتح الطريق أمامه واسعاً للوصول إلى السلطة.

حدود اليمن الرياض، وحدود المملكة صنعاء

ويتابع الرئيس ناصر حديثه قائلا :" وقد ارتبط الرئيس إبراهيم الحمدي بعلاقة خاصة مع الملك السعودي فيصل بن عبد العزيز، حيث جاء في شهادة لأخيه محمد الحمدي، الشقيق الأكبر للرئيس إبراهيم الحمدي كشف حقائق مهمة وخطيرة للغاية في ما يتعلق بعملية اغتياله والعلاقة الخاصة مع المملكة العربية السعودية في حديث صحفي في تشرين الأول/أكتوبر 2012، وهذا يثبت ما أكده لي السفير السعودي السيد عبد الرحمن الطعيمي، حيث جاء في حديث محمد الحمدي ما يأتي:
المعروف أن السعوديين دعموا إبراهيم الحمدي من البداية؟
دعمه الملك فيصل، وكان يقول عنه: �إنه ابني�، وأذكر مرة أن مجلس الوزراء السعودي أثار قضية الحدود اليمنية السعودية في عهد فيصل، بعضهم بسوء نية، وخصوصاً من السديريين الذين كانوا ضد إبراهيم، فأحسّ إبراهيم بخطورة الأمر، فاتصل بعبد الله عبد العالم، وقال له: �اذهب إلى القيادة وامسكها حتى أرجع�، وتحرك مباشرة إلى مطار صنعاء واستقل طائرة خاصة باتجاه المملكة، ولم يُشعر المملكة بزيارته إلا وقد وصل إلى سماء الرياض، فتعجب الملك فيصل من هذه الزيارة المفاجئة وخرجوا لاستقباله إلى المطار، وذهب الموكب إلى رئاسة مجلس الوزراء الذي كان منعقداً ذلك اليوم برئاسة الملك فيصل، واستقبله الملك فيصل في المكتب، وقال له مباشرة: �أنتم تريدون فتح قضية نحن في غنًى عنها، ولا لزوم لها، بيننا اتفاقيات وبيننا أخوّة، وأريد أن أقول لك يا جلالة الملك: إن حدود اليمن الرياض، وحدود المملكة صنعاء. فماذا تريدون؟�، فأعجب الملك فيصل بهذا الكلام، وقام وأخذ بيده مباشرة وأدخله قاعة مجلس الوزراء مباشرة والوزراء مجتمعون، ولما رأوا الرئيس الحمدي مع الملك فوجئوا، وقال لهم: �لا نقاش بشأن الحدود لا نقاش لا نقاش. أقفلوا هذا الملف نهائياً�. وفي اللحظة نفسها غادر إبراهيم المملكة، وقد طلبوا منه إعلان الزيارة، فاعتذر عن رفضه ذلك. طبعاً كان هذا قبل مقتل الملك فيصل بقليل، وهذا الكلام أخبرني به إبراهيم بنفسه. نهاية شهادة محمد الحمدي.
أما مجمل حديثي مع الدبلوماسي السعودي، فقد تطرّق إلى العلاقات السعودية الإثيوبية وضرورة التقارب بين البلدين لما فيه مصلحة شعبيهما وشعوب المنطقة ووعد الدبلوماسي السعودي بنقل ما دار بيننا إلى حكومته، وأنه سيرتب لي زيارة الى المملكة.
في دمشق أجريت العديد من اللقاءات وفي المقدمة مع الرئيس حافظ الأسد والحكومات السعودية والكويتية والمصرية والليبية لهذا الغرض... وقد قمت بزيارة سرية إلى السعودية على طائرة خاصة سورية والتقيت خلال هذا الزيارة بالامير تركي الفيصل مدير المخابرات السعودية ونصحتحهم بالتعاون مع الرئيس منغستو وكان رد الأمير: �لقد جئتنا بعد فوات الأوان�، وشعرت بأن القرار الدولي قد اتُّخذ بعد مشاورات إقليمية، وحينذاك أيقنت أن مصير منغستو سيكون مثل مصيري، وباتفاق، وأن الآخرين سيدفعون الثمن، قادةً وشعوباً.

(للحديث بقية)