آخر تحديث :السبت-22 فبراير 2025-08:16ص
أدب وثقافة

من قصص الواقع ..نوّارة (١) ، الثأر والجوع

الجمعة - 03 مايو 2024 - 05:17 م بتوقيت عدن
من قصص الواقع ..نوّارة (١) ، الثأر والجوع
كتبها / حسين السليماني الحنشي



كانت تنشب خلافات بين المناطق والقبائل ، مما يجعل البعض يغادر من وطنه أوقبيلته؛ بسبب تلك الثأرات، وما تسببه من مشكلات، وعلى رأسها الجوع.
وقد يرحل الكثير من وطنه، ويصطحب البعض من أفراد أسرته ...
كان الشخص المهاجر، أو الذي يبقى في مكانه، وبين أفراد مجتمعه يتحمّل المسؤلية ، وهو الشخص الأكبر في الأغلب.
كانت (نوّارة) من عائلة عريقة وقوية بين القبائل والمناطق المحيطة بها.
كان أبوها شخصية قوية ومقاتل لايشق له غبار، كان يتمتع بمكانة إجتماعية؛ لأنه من كبار أفراد القبيلة، وكانت له زوجة وأنجبت له أطفال ...
كانت البلاد في ذلك الوقت تمر بالقحط، والمجاعة منتشرة على نطاق واسع، وبالتحديد من بدايات عام ١٩٢٠م تقريباً .
كانت الأرض قد أجدبت وهاجر الكثير الديار وشحّت الأرض وانتشر الجوع والفاقة، وضاقت الأرض بما رحبت على أهلها، حتى أكلوا أوراق الشجر وجلود الحيوانات، بل ووصل بالبعض بعد سقوط المطر تناول العظام حينما يجدونها رخوة نتيجة الماء ، أو يضعها على الصخور ويقوم بسحقها ومن ثم تناولها!!
حتى أن بعض الرجال يبيع أرضه التي كانت أغلى من روحه، من أجل وجبة عشاء يمنح بها نفسه وأهله من أجل فرصة أخرى حتى وإن كانت قصيرة كي يعيشها ...
فقد أصيب أحد أفراد القبيلة بجروح بالغة نتيجة اشتباكات مسلحة، وتمت معالجته مايقارب سنتين حتى التهب الجرح وعجز الجميع عن معالجته، وأشرف على الموت...
وصل بعض العارفين في "شبوة" وقالوا: أسعفوه إلى عدن فهناك يمكن علاجه.
وحين جهزوا القافلة وصلت الأخبار إن القبائل المعادية تترصد لهم، عكسوا الرحلة إلى البحر بسبب الثأر، وأطلعوا المصاب القارب الشراعي، ومضى بهم نحو مدينة - شقرة - وقد استقرت الرحلة حوالي - عشرة أيام - ومنها أطلعوه سيارة محملة بالاسماك، تتبع السلطنة الفضلية إلى مستشفى عدن(كريتر) وفي اليوم الثاني وصل أخ الجريح ووجد أخوه نائم وقد حلقوا له شعر رأسه وألبسوه ثياب بيضاء وهم لايعرفونها إلا عند الكفن! ظن أنهم قتلوا أخوه، وقد أمسى ليلته نائم في العراء والجوع يطحن بطنه، ولايوجد معهم مبالغ مالية غير "التمر" التآلف ؛نتيجة الرحلة والرطوبة في البحر!
كانوا لا يعلمون تلك الخدمات الصحية...
أخرج حنجره وهمّ بقتل الطبيب البريطاني لولا أن لحقه أخوه بصوته وهو يناديه أنا موجود أنا موجود أخوك....
كانت تلك الحياة صعبة بكل معنى الكلمة...

وللقصة بقية