آخر تحديث :السبت-22 فبراير 2025-08:16ص
أدب وثقافة

حبي في تل أبيب ( قصة ) الخامسة

السبت - 22 يونيو 2024 - 05:30 م بتوقيت عدن
حبي في تل أبيب ( قصة ) الخامسة
بقلم / عصام مريسي


في أجواء مأساوية تسقط الدولة ويتسلط جانب من الذين خرجوا يطالبون بالتغيير على قمة النظام ويصل الشاب العاشق لتولي منصب قيادي لم يكن في حساباته فيعين مشرف وهي مرتبة قيادية دينية وسياسية رفيعة جعلته في الصفوف الاولى للقيادة وما أن تندلع حرب الاجتياح حتى يتصدر الجبهات فيسقط صريعا وهو يحمل في خاطره ذكرى عشقه بالفتاة التي كانت تسكن الحي اليهودي في قريته الجبلية التي تحيط بها بساتين الرمان والكروم التي طالما ذكرته بوجنتيها وحمرة شفتيها .
مازالت ابنة عمه وزوجته تنتظر عودته ليشاركها فرحة ولادتها مولودتها البكر
يعبر الجد عن استيائه عن غيبة ولده وعن عدم رضاه عن صفة المولود وجنسه:
لو كنت امرأة حاذقة ما ترك الدار
بصوت يعبر عن خيبة الأمل وضعف الحيلة،:
ما تركت حيلة ياعم إلا وتقربت بها اليها . ولكن عشق اليهودية تملكه.
تجهش بالبكاء وهي تتحسر من عدم قدرته على إستمالة قلبه نحوها.
مازال العم يزمجر غاضبا:
وأول مولود بنت
تجيب بصوت متكسر متقطع منكسر وكأنها مسؤولة عن جنس المولود:
إن شاء الله المولود القادم يكون ذكرا.
وهناك في تل ابيب حيث استقرت المعشوقة اليهودية مع مولودها غير الشرعي البكر وهي تحاول الاقتراب من المدن والقرى العربية علها تجد ظالتها بمن يوافيها باخبار عن عشيقها حيث تركته في القرية الجبلية ذات الرمان والعنب
لكن لا أخبار بل قوبل سعيها بالريبة كلما علم عن ديانتها وعلاقاتها بالحاخام اليهودي الذي جاء من بلاد العنب وهي تحاول اقناعهم ليجدوا لها طريق للعودة إلى الأرض التي جاءت منها:
أنا من أصل عربي ويلادي تقع على القمم الشمالية من أرض سبأ حيث تفوح روائح العنب والرمان.
تعود إلى القرية اليهودية حيث أستقر والدها الحاخام بالقرب من أحد المعابد اليهودية وإصرارها يزداد للفرار من أسرائيل والعودة إلى أحضان قريتها الجبلية كي تنعم بالعيش إلى جوار عشقها علها تجتمع به وتكون أم اولاده وهي في حالة من المراجعة مع لنفسها للتنصل من دين أبيها والدخول في دين من أحبت.
يصل النبأ المحزن القرية الواقعة في أحضان الجبال ويحاول أهل القرية تهيئة الأب لسماع النبأ المفجع فتصل كوكبة من أعيان القرية ومشائخها يقرعون باب الدار ؛ تجيبهم زوجة الأبن الغائب منذ شهور،:
عمي غادر إلى البستان .. هل هناك شيء ؟ هل هناك أخبار عن زوجي.
يغادر الجموع الذين حضروا لمواساة شيخ القرية واخباره بالكارثة التي حلت به نحو بستانه للقائه.
أحست الزوجة أن حضور أهل القرية على تلك الكيفية تعني حصول شيء . تضع شالها وخمارها وتغادر الدار خلفهم نحو البستان تقف على تلة تستمع لحديثهم فيبدأ كبير الحاضرين الحديث:
يا شيخ أنت رجل مؤمن ولله ما أعطى وله ما أخذ
كان متكئا وقف وانفاسه تتسارع شهيقا وزفيرا حتى كاد يسقط فيتكأ على جذع شجرة ضخمة في بستانه كان يجلس تحتها إذا أراد ان يرتاح وهو يقول بصوت مرتجف:
من تقصدون .. من مات؟
يجيبون والحزن في عيونهم وباصوات مرتعشة حزينة ،:
لقد مات ولدك ،، هو عند الله في الجنة مع الشهداء،.
من على التلة حيث كانت تقف الزوجة ينطلق ذوي بكائها وهي تولول :
مات زوجي قبل أن يرى ابنته
مات قبل يفرح بمولدته البكر
تستمر الزوجة في الصراخ والعويل والبكاء
يسقط الجد يمد يديه نحو صخرة كان يجلس عليها وهو يحاول أن يتماسك وتظهر عينيه ما كان بخفيه من الحزن والالم والمرارة بفقده ولده الوحيد
بعيدا في تل ابيب تنهض العاشقة وهي مخنوقة لما شاهدته من كابوس افزعها تسرع تقف تفتح إحدى نوافذ حجرتها علها تشم هواء نظيف يزيح ما أصابها من كأبة فلا ترى إلا عشرات المجندين يطوفون حول المستوطنة التي تقطنها تغلق النافذة وتعود نحو صغيرها الذي أخذ يبكي وكأن شيء أفزعه تضعه في حجرها وتمد نحو فيه ثلمة ضرعها لكنه يأبى ويستمر في البكاء ووالدها يراقبها يطلب منها مغادرة غرفته باتجاه غرفته عل مولودها ينقطع عن البكاء وهي مستمرة تحاول إرضاعه حتى يسكت.
عصام مريسي (الخامسة )
حبي في تل أبيب


,