آخر تحديث :السبت-22 فبراير 2025-07:49ص
أدب وثقافة

دخان ( أقصوصة)

السبت - 17 أغسطس 2024 - 03:04 م بتوقيت عدن
دخان ( أقصوصة)
بقلم / عصام مريسي


اشعل سيجارة أخرى قبل أن ينتهي من تدخين السيجارة السابقة وبحركة هستيرية بكفه المرتعش يلقي بسيجارته ارضا ثم يتبعها بحركة سريعة لقدمه فيضعه تحت قدمه وهو يدكها بقوة وكأنه يريد الانتقام منها ومباشرة يسحب عود السيجارة التي اشعلها من بين شفتيه ويضعها على طفاية السجائر الموضوعه على الطاولة التي يجلس أمامها في غرفته في أحدى الفنادق وعينيه تارة تراقب ما وراء النافذة من أحداث وتارة على شاشة هاتفه المحمول ربما هناك أمر طارئ يتلقى رسالة تعلمه بمجريات الأمور؛ قرع على باب الغرفة سريعا ينهض واقفا يضع كلتا كفيه على خاصرته يتحسس جاهزية مسدسه يستمر الطارق على الباب بالطرق وهو ينادي:
المعذرة منك ياسيد لقد تأخرت في احضار كوبي شاي الحليب الذي طلبته
يتجه نحو باب غرفته يمسك بمقبض مفتاح الباب ثم يسحبه إلى الداخل يتقدم نادل الفندق وهو يحمل صحن عليه كوبين من شاي الحليب وبعض الفطائر يوقف النادل على الباب ولا يسمح له بتجاوز عتبة باب الغرفة ما زاد النادل رغبة في الفضول عن سبب طلب كوبين من الشاي.يتلقى الصحن ويطلب من النادل المغادرة:
عليك مغادرة الغرفة فورا اريد أن ارتاح قليلا
يغادر النادل الغرفة وفضوله يكاد يشغله
مازالت السيجارة التي وضعها على الطفاية الموضوعة على الطاولة تشتعل ودخانها يتصاعد ويعكر محيط الغرفة المغلقة يتجه نحو النافذة يرقب حركة المارة بحذر وتوجس ؛ يرن هاتفه المحول يتجه مسرعا نحوه وقبل ان يرفعه يسمع ذوي انفجار من محيط الفندق يتبعه تراشق لاعيرة نارية من أسلحة مختلفة وقبل أن يفتح مكبر الصوت للهاتف المحمول ينقطع الاتصال يضع هاتفه في محفظته ويغادر الغرفة مسرعا تاركا سيجارته تعكر بدخانها جو الغرفة وعلى الطاولة كوبي الشاي والفطائر يغادر بوابة الفندق يترجل بعيدا نحو طرف الشارع و النادل الفضولي ما زال يرقب الموقف بصمت ودهشة من حال ذلك النزيل الذي ترك كل أشيائه وغادر.
من بعيد يتصاعد الدخان الذي أعقب الأنفجار حتى غطى محيط المكان بسحابة رمادية حجبت الرؤية وجموع من الناس تسعى للبحث عن ناجين من الانفجار لانقاذهم قبل أن تصل فرق الإنقاذ لكن النزيل القلق ولى في اتجاه معاكس لموقع الأنفجار .
مازال النادل الفضولي يرقب النازل المتوتر وهو يغادر على متن سيارة كانت تنتظره نقلته بعيدا عن محيط الفندق حتى تلاشت بعيدا عن الأنظار ولم يبقى إلا دخان محركه الذي عبق الشارع به ؛ عاد النادل نحو الفندق وهو يبحث عن الاجابات التي ترضي فضوله عن دخان الغرفة التي كان يقيم بها النازل القلق و الدخان الذي أعقب الانفجار وعن دخان المحرك للسيارة التي غادرت المكان في لمح بصر ؛ مشرف الفندق ينادي على النادل:
تقدم سريعا أوصل الزبون إلى الغرفة ٢٠١٥
يتقدم النادل ليحمل حقيبة الزبون الجديد يلتفت اليه النازل الجديد وهو يطلب منه بعد ايصاله إلى الغرفة أحضار كوبين من شاي الحليب :
بعد أن توصل الحقيبة أحضر لي كوبين من شاي الحليب وبعض الفطائر
يمد اليه أوراق نقدية تكفي لاحضار دلة شاي حليب وصندوق من الفطائر ؛ ياخذ المبلغ وهو يردد:
حاضر ياسيد
وقبل أن ينهي حديثه تقع عينيه على ملامح النازل الجديد يصيبه الذهول وهو يردد في نفسه:
هو نفس النازل الذي غادر قبل قليل أو هو الشبه القوي.
بينهما.
يغادر وهو يتحدث إلى نفسه ويتباطئ فينهره مشرف الفندق:
اسرع وأوصل الزبون إلى غرفته
يقلب بصره تارة في وجه الزبون وأخرى في وجه المشرف وهو بحاول حمل امتعة الزبون الجديد وهو يقول:
حاضر .. حاضر
في خارج الفندق ما زال الدخان يتصاعد ويغطي فضاء محيط الفندق و النادل يحمل الأمتعة وخلفه النازل الجديد و سيجارة الزبون السابق الذي غادر الغرفة مازال يعكر جو الغرفة.


عصام مريسي