الحَصَى وَالمَاءُ يَغْلِيَانِ
يَلْجَانِ مِنْ بَابِ الْوَهْمِ
هَكَذَا صَاحَ الصَّغِيرُ وَالصَّغِيرَةُ
إِلَى مَتَى... ثُمَّ أَوْمَأُوا...
وَنَبْضُهُمْ يَنْثُرُ التَّخَثُّرَ وَالنِّدَاءَ
وَهْناً عَلَى مَسَارَاتِ السُّقْمِ
يُولِمُ الْخَيَالُ آَلَافَ المَوَائِدِ
يَشْكُو قِلَّةَ الْفِئَرانِ فِي صَحْنِ الدِّيَارِ
وَالْجُوعُ فِي بَلَدِ النُّضَارِ
مَتَى... مَتَى يَأْتِي الْفَرَجُ؟
هَكَذَا هَمَسَ الْحَصَى أَيْضًا
سَمِعْتُ أَنَّهُ يَجُوبُ أَنْحَاءِ الْمَدِينَةِ
هَلْ مِنْ مُغِيثٍ لِتَمْتَلِئَ السَّلالُ
وَيَرْتَوِي الْعَرَقُ الْوَهِنُ
مِنْ رَطِيبِ النَّبِعِ وَالْمَاءِ الزُّلَالِ
الصَّلْصَالُ يَشْكُو قِلَّةَ التَّشْكِيلِ
حِينَ تَنْتَفِي طِيبُ الرَّوَائِحِ
وَتُحَالُ إِلَى الْمَحَالِ
مَا بِيَدِ حِيلَةٍ يَا إِلَهِي... هَكَذَا هَتَفَ الصِّغَارُ
سِوَى الْخُنُوعِ الْمُرِّ
وَمَضْغِ الْحُزْنِ عَلَى وَهْمِ الشَّوَاءِ
وَالأُمُّ لَا تَزَالُ تُقَلِّبُ دَمْعَهَا مَسْكُوبًا عَلَى قَدَرِ الطَّعَامِ
والأَطْفَالُ يَلْتَفُّونَ حَوْلَ مَزِيجِ الدُّمَعِ وَالأَحْجَارِ
أَمَّاه... يَا أَمَّاه
أَمَا آنَ لَنَا التَّذَوُّقُ، فَقَدْ بَلَغْنَا مَا بَلَغْنَا
أَوَاه يَا اللَّه... أَيْنَ الْفَرَجُ يَا أَمَّاه... أَيْنَ؟
وَالأُمُّ تَهْمِسُ لِمَ لَمْ يَأْتِ الْفَرَجُ
أَخْبِرُونَا أَنَّهُ بِضَاحِيَةٍ قَرِيبَةٍ
يَا فَرَجَ، نَادَيْنَاكَ فِي صَمْتٍ وَخَفَرٍ
نَادَيْنَاكَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ بَانْكِسَارٍ وَانْحِسَارٍ
أَنتَ أَدْرَى بِأَنَّ الْحَقَّ بَاتَ مُؤَجَّلاً
تَرَفَّقْ بِجَائِعٍ لَا يُلامُ إِذَا اشْتَكَى
فَتِلْكَ مَسَالِكُ لَابُدَّها... حِينَ يَزْدَادُ الأَسى
وَيَحْسِرُ الْجُوعُ إِينَاعَ الصِّبَا
حِينَها، هَوَى الصِّغَارُ عَلَى خَوَاءِ وَانْتِظَارٍ
وَنَامُوا عَلَى وَعْدٍ تَدَثَّرَ بِالْخَدِيعَةِ
مَهْلًا... مَهْلًا... يَا صِغَارِي
سَنَصِيخُ سَمْعًا لِلْتَوَسُّلِ وَالرَّجَاءِ
لِذَٰلِكَ الْمَمْلُوءِ مِنْ كَأْسِ الْأَمَلِ
رَبَّ فَجْرٍ بِشُرُوقٍ قَادِمٍ
وَوُعُودٍ مِنْ ضَمِيرٍ حَازِمٍ
أَيْنَ يَمَّمْنَا... وَمَا فَتِئَتْ أَمَانِينَا
كَانَتْ تَبَاشِيرَ إِنْسِيَابَاتٍ وَضِيئَةً
وَحُقُولٌ بِأَسْبَابِ السَّنَابِلِ وَالْغِذَاءِ
وَازْدِهَاءَاتُ خُطُوطِ الْاِسْتِوَاءِ
وَسُهُولٌ بِتَفَاصِيلَ التَّوَدُّدِ وَالْإِخَاءِ
سَيَنَامُ الزُّغْبُ مَلْءَ جُفُونِهِم
بِأَمْنٍ وَأَمَانٍ مِنْ رَخَاءِ
وَقَدُورُهُمْ مَلْأَى بِالْإِدَامِ وَبِالْحَقِيقَةِ