مازالت الشمس تتوسط كبد السماء وترسل أشعتها المنكسرة وهي ترسم ظل كل شئ مثله حتى جموع المحتشدين على البوابة يلوح ظلهم وكأن هناك جموع أخرى تنتظر عبور البوابة خلفهم وحراس البوابة المدججون بالسلاح يدفعون الجموع بعيدا عن البوابة وصفارات الإنذار يتردد ضجيجها ليمتزج بأصوات الجموع الغاضبة والحانقة وهم يرددون:
افتحوا الأبواب
وعبر مكبرات الصوت تتردد عبارات التي يصدرها رجال الأمن:
تراجعوا قليلا إلى الوراء.. لن تفتح البوابة أذا لم تتراجعوا وتنتظموا في الصفوف
تنطلق أصوات الجموع بعبارات مختلفة في وقت واحد:
نريد المغادرة
ومن وسط الحشد تتردد عبارات الضجر والملل:
لقد ضاق بنا الحال .. نريد الرحيل
ومن جوانب الحشد ترتفع الأصوات المنددة بما وصلت لها أوضاعهم:
كل الأمور تصعبت فأصبحنا نعيش أوضاع صعبة مزرية
عبر مكبرات الصوت يحاول رجال الأمن تهدئة غضب الجموع:
ستتحسن الأمور وتعود الأوضاع إلى سابق عهدها.
فقدت الجموع الثقة بالوعود التي تطلق مرات عديدة فيزأر الجموع :
أفتحوا البوابة.. أفتحوا البوابة
يتدافع الجمع نحو قاعدة البوابة ويشتد الضغط على قواعد البوابة الفولاذية حتى تنفرج دفتي البوابة وتنطلق الجموع مغادرة نحو الجانب الأخر من البوابة ويسقط الكثير أثناء الزحف وتدوسهم أقدام الجموع غير أبهين لسقوطهم وماهي إلا كيلو مترات حتى يفاجئ الجموع بحشود كتائب مسلحة في الضفة الأخرى وتطالبهم بالرجوع والعودة:
عودوا من حيث اتيتم لا مكان لكم هنا
تتوقف الحشود الفارة من البوابة وهي تنظر إلى ذلك الكم من الأسلحة الفتاكة ثم تستدير لترى البوابة التي ضاق بهم العيش خلف أسوارها فيقررون البقاء بين البوابة التي فروا من ضيق جدرانها والبوابة التي كانوا ينتظرون خلف أسوارها الخلاص دون هوية أو انتماء
عصام مريسي