احتفالية المهرجان
حشود المريدين تتدفق نحو الضريح ليأخذ كلا دوره في الطواف حوله والابتهال بالدعاء والأذكار التي يرددها قيوم الضريح ومساعديه وتقديم العهود بالنذر إذا تحققت امنياتهم التي حضروا من اجل أن تتحقق ببركات الولي ؛ تأخرت الأم التي فقدت صغيرها عن الموكب في رحلة بحثها عن صغيرها لكنها وصلت وهي باكية شاكية ما الم بها من مصيبة تقترب من الضريح وهي تولول وتبكي وصرخاتها وانينها يدوي في نواحي الغرفة التي يرقد بها جسد الولي المزعوم:
ولدي الذي وهبتني ضاع في موكب الكسوة .. جئت به للوفاء بالنذر ؛ لكنه ضاع.. رده الي يا ولي .. رد صغيري واجبر خاطري
من بعيد ومن ناحية من نواحي الغرفة التي تضم الضريح تستمع المراة التي وجدت الطفل فيعصر أنين الأم التي فقدت ولدها قلبها لكن الجانب المعتم في قلبها يمنعها في محاورة غير عادلة معها:
أنت أحق به فقد فرطت في الحفاظ عليه .. هو لك .. هدية الولي
تنسحب شيئا فشيئا من المكان مغادرة ؛ فيجهش الصبي بالبكاء وكأنه شم رائحة أمه وهي تحاول الأختلاس من المكان خفية فتصرخ الأم بصوت مدوي يهز المكان حتى يقف الحاضرون في ذهول من صراخها:.
ولدي أشم راحة فمك الممزوج بحليبي
ولديييي ... ولدييييييي
يتردد الصدى فيجتمع بعض الحضور حولها وهناك من يخبرها:
لقد شاهدنا طفل يبكي تحمله امرأة شابه غادرت للتو من المكان .
تلحق الأم باحثة عن أوصاف المرأة
وفي أركان غرفة الضريح وعلى منصة مرتفعة يقبع قيوم الضريح يوزع البركات المزعومة على الحضور ويمنحهم تراب من قبر الولي ورقع من قماش الكسوة القديمة للعام المنصرم يربطونها على أجزاء من أجسادهم لتجلب لهم البركة وتدفع عنهم الضر وتجلب لهم النفع ويأمرهم بالاغتسال والشرب من الماء المبارك من البئر الموجودة في ناحية قريبة من الضريح
وفي خارج المبنى شدت قواعد الخيام لتستقبل المحتفلين بموسم الزيارة خيمة يجتمع فيها محبي الغناء والرقص وأخرى لمحبي الموشحات وأشعار الزهد وأخرى لممارسة ألعاب الخفة والسحر وفي جانب من ساحة الضريح قد أوقدت نار عظيمة حتى غدا جمرها كصخور بارزة وبساط أحمر متقد يشع غضبا وحرارة والسحرة يمشون على الجمر دون أن تصيبهم النار بحروق حرارتها واتقاد لهيب جمرها وربما وضع بعضهم الجمر في فمه وعلى لسانه حتى تنطفئ الجمرة دون أن يتأذى وجموع الحاضرين تنظر بأعجاب ودهشة ظنا منهم أنها بركات الولي منحها للقائمين عليه وربما ضرب نفسه بالسيف ونزف دمه دون أن يقع صريعا واصوات الحضور يخالطها الدهشة والإعجاب:
الله أكبر .. بركاتك يا ولي الله
أما في خيمة الغناء فقد اجتمع أشهر مغني المدينة والمدن المجاورة لاحياء ليلة مبهجة على دان الغناء والجموع ترقص الشرح وتهتز خصور الراقصين رجال ونساء و تتمايل أكتافهم مع نغمات الدان وصخب أصوات الغناء وفي ناحية من الخيمة تودع العاشقة الخائنة عشيقها :
لابد أن أعود قبل أن ينتبه لغيابي
تشد ،(شيدرها )حول جسدها( عباءتها ) تنهض تاركة المكان وخلفها يسير زوجها الذي كان يرقب تحركاتها ليستوقفها سائلا لها :
أين كنت
الارتباك باد على ملامح وجهها:
أخذ بركات الولي
بسخرية يرد عليها أنت طالق . عودي لتاخذي المزيد من البركة والعشق .. لا تلحقي بي وليس لك مكان عندي حيث كنت عودي
تقف حائرة فقد فقدت المأوى وخسرت حياة أمنة في بيت الزوجية تتراجع نحو الخيمة فأذا بالعاشق يجالس أخرى ويراقصها ويبا دلها العشق والغرام فلا تدري أين تتجه لا مكان لها
وفي الخيمة الأخرى تقرع طبول المنشدين وتهتز أكتاف الواقفين في صفوف متقابلة على قرع الدفوف واشعار الزهد.
عصام مريسي