آخر تحديث :الخميس-23 يناير 2025-12:34ص
دولية وعالمية

ستة عوامل قد تكبح خطط ترامب خلال ولايته الثانية

الأربعاء - 22 يناير 2025 - 11:12 م بتوقيت عدن
ستة عوامل قد تكبح خطط ترامب خلال ولايته الثانية
بدأ ترامب رئاسته بتوقيع سلسلة من الأوامر التنفيذية والمراسيم
بي بي سي

تعهد الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بتنفيذ تغييرات جذرية خلال فترة ولايته الثانية كرئيس للولايات المتحدة.


وفور تنصيبه، وقع على سلسلة من الأوامر التنفيذية، بما في ذلك إعلان حالة الطوارئ الوطنية على الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك، وتصنيف عصابات المخدرات كمنظمات إرهابية، والعفو عن المتورطين في أعمال الشغب التي جرت في 6 يناير/ كانون الثاني من عام 2021.


وخلال حملته، تعهد المرشح الجمهوري آنذاك بتنفيذ "أكبر عملية ترحيل" في تاريخ الولايات المتحدة، وتبسيط البيروقراطية الحكومية، وخفض الضرائب، وفرض تعريفات جمركية جديدة على الواردات الأجنبية.


لتحقيق أهدافه، يعتمد ترامب على سيطرة الحزب الجمهوري على الكونغرس والأغلبية المحافظة من القضاة في المحكمة العليا، ولكن هناك ضوابط وتوازنات وتحديات أخرى، وفيما يلي ستة عوامل يقول خبراء إنها قد تكبح من خططه:


* الأغلبية الضئيلة في الكونغرس

يحتفظ الجمهوريون بالأغلبية في غرفتي الكونغرس، لكن بفارق ضئيل.


في مجلس النواب، منحت انتخابات نوفمبر/ تشرين الثاني الجمهوريين 220 مقعداً، مقابل بـ 215 للديمقراطيين، ومنذ ذلك الحين، استقال عضوان من أعضاء الكونغرس الجمهوريين ومن المتوقع أن يتبعهما عضو آخر، ما يقلّص تقدم الحزب إلى فارق عضوين فقط - على الرغم من أن الانتخابات على المقاعد الشاغرة ستُعقد في الأشهر المقبلة.


يقول البروفيسور مارك بيترسون، الخبير في السياسة والقانون والعلوم السياسية في جامعة كاليفورنيا في لوس أنجيلوس (UCLA)، لبي بي سي موندو: "إنها الأغلبية الأضعف في العصر الحديث"، موضحاً أن الجمهوريين "متحدون للغاية"، ولكن على الرغم من ذلك، فمن الصعب جمعهم معاً بشأن القضايا المعقدة.


وفي مجلس الشيوخ، يشغل الجمهوريون 53 مقعداً، مقارنة بـ 47 مقعداً للديمقراطيين، وهذا يعني أنهم أقل من الأغلبية الساحقة - 60 صوتاً - اللازمة لتجنب عرقلة التشريع، إذ يمكن للمشرعين المعارضين في الوضع الراهن تأخير أو حتى تعطيل التصويت.


ومع ذلك، فإن الإجراء المعروف باسم "المصالحة" يسمح لمجلس الشيوخ بالموافقة على تدابير الميزانية بأغلبية بسيطة - 51 صوتاً فقط.


ويقول البروفيسور بيترسون إن الجمهوريين قد يتمكنون من تحقيق بعض أهدافهم، من خلال تضمين التدابير في هذه العملية، لكن "الديمقراطيين يمكنهم إيقاف كل شيء آخر تقريباً"، مشيراً إلى أنه خلال النصف الأول من ولايته الأولى، احتفظ ترامب بالأغلبية في كلا المجلسين، لكن التشريع الرئيسي الوحيد الذي أقره كان مشروع قانون خفض الضرائب.


* القضاء المستقل

المحكمة العليا هي أعلى سلطة قضائية في الولايات المتحدة، حيث يختار رئيس الدولة قضاتها عند عند شغور مقاعدهم.


ستة من قضاتها التسعة محافظون حالياً، ثلاثة منهم رشحهم ترامب خلال ولايته الأولى، لكن هذا لا يضمن أن تكون جميع أحكام المحكمة داعمة لخطط إدارته.


لقد ألغت المحكمة العليا الحماية الفيدرالية لحقوق الإجهاض في عام 2022 - بدعم من المعينين من قبل ترامب - التي وعد خلال حملته الانتخابية في عام 2016.


ومع ذلك، على عكس آمال الجمهوريين، فقد أيّدت المحكمة أيضاً بعض الحماية من قانون الرعاية الميسرة - المعروف شعبياً باسم "أوباما كير" - بالإضافة إلى بعض الحماية من التمييز في أماكن العمل للأفراد المثليين جنسياً، ومزدوجي الميل الجنسي ومغايري الهوية الجنسية.



ورفضت المحكمة العليا أيضاً محاولة ترامب إلغاء نتائج الانتخابات الرئاسية لعام 2020، وإنهاء برنامج داكا، الذي يحمي بعض المهاجرين الذين دخلوا الولايات المتحدة بشكل غير قانوني كأطفال.


وبخلاف المحكمة العليا، وفقا لمركز "بيو" للأبحاث، تم ترشيح 60 في المئة من قضاة المحاكم المحلية العاملين من قبل رؤساء ديمقراطيين، بينما تم ترشيح 40 في المئة فقط من قبل الجمهوريين.


ويشير البروفيسور بيترسون إلى أن القضاة يسترشدون بالقانون، والسوابق التي وضعتها المحكمة العليا، ويقول إن القضاء "يظل فرعاً ثالثاً مهماً للحكومة يتمتّع بدرجة عالية من الاستقلال".


* حكومات الولايات والحكومات المحلية

* الخدمة المدنية الأمريكية

يحدّ الهيكل الفيدرالي الأمريكي من التغييرات التي يمكن فرضها من قبل البيت الأبيض.


ويمنح التعديل العاشر لدستور الولايات المتحدة سلطات واسعة لحكومات الولايات، التي تشرف تقليدياً على الأمن والصحة والتعليم والرعاية الاجتماعية، والقانون الجنائي ولوائح العمل وقوانين الملكية، بينما تتعامل المقاطعات والمدن مع السلامة العامة والتخطيط الحضري واستخدام الأراضي.


ويعتقد البروفيسور بيترسون أن الديمقراطيين سيستغلون هذه السلطات، لتحدي إدارة ترامب على مستوى محليّ أكثر.


ويشير إلى أن كاليفورنيا - حيث يعيش - هي أكبر ولاية في البلاد وتمثل خامس أكبر اقتصاد في العالم.


ويقول إنها "ليست ديمقراطية أو ليبرالية أو تقدمية عموماً، لكنها تتجه بقوة نحو هذا الاتجاه"، وتوقع أنها والعديد من الولايات الأخرى "ستفعل ما في وسعها، إما للقيام بأشياء مستقلة عما تريد إدارة ترامب القيام به، أو لتحدي إدارة ترامب - تماماً كما تحدت تكساس وولايات أخرى إدارة بايدن وإدارة أوباما في الماضي".


في الوقت الحالي، يوجد 23 ولاية أمريكية من أصل 50 ولاية يحكمها ديمقراطيون.


ستتطلب بعض خطط ترامب، مثل عمليات الترحيل الجماعي للمهاجرين، دعماً محلياً، وبالتالي قد تتأثر بالمقاومة على مستوى الولاية أو المستوى المحلي، إذ أعلنت العديد من المدن والولايات نفسها "ملاذاً آمنا" للمهاجرين، ما يحد من التعاون مع الحكومة الفيدرالية.


خلال فترة ولاية ترامب الأولى، اشتكى الجمهوريون من أنهم كانوا مقيدين في تنفيذ أجندتهم، بسبب مقاومة المسؤولين العموميين داخل قطاع الخدمة المدنية.


وفي نهاية ولايته الأولى، وقّع ترامب على أمر تنفيذي يسمح له بطرد الآلاف من الموظفين العموميين، واستبدالهم بمؤيديه.


وألغى الرئيس السابق جو بايدن هذا الإجراء، لكن الرئيس ترامب وضع إجراءً مشابهاً في اليوم الأول من ولايته الثانية، كما أمر العمال الفيدراليين العاملين عن بُعد بالعودة إلى مكاتبهم.


وأنشأت الجماعات المحافظة القريبة من ترامب قواعد بيانات للمهنيين، الذين يعتبرونهم مناسبين لاستبدال المسؤولين العموميين.


وقد رفعت إحدى النقابات، وهي نقابة موظفي الخزانة الوطنية، بالفعل دعوى قانونية ضد الأمر الجديد.


ويقول البروفيسور بيترسون إنه يتوقع أن تواجه مثل هذه التحركات من قبل الرئيس ترامب مقاومة مؤسسية وقانونية وسياسية ونقابية قوية.


* المجتمع المدني ووسائل الإعلام

ومن المرجح أن يواجه ترامب انتقادات مستمرة من وسائل الإعلام ذات الميول الليبرالية، ومنظمات المجتمع المدني، مثل اتحاد الحريات المدنية الأمريكية (ACLU).


ومع 1.7 مليون عضو، قال اتحاد الحريات المدنية الأمريكية إنه سيحاول منع بعض مقترحات ترامب، بحجة أنها ستؤدي إلى فصل الأسر المهاجرة، والإضرار بالصحة الإنجابية وتمكين القمع الفيدرالي للمحتجين والمعارضين السياسيين.


ويوم الإثنين، رفع اتحاد الحريات المدنية الأمريكية ومجموعات أخرى دعوى قضائية تطعن في خطط ترامب لإنهاء المواطنة بالولادة، والتي تمنح الجنسية الأمريكية تلقائياً لأي شخص يولد في الولايات المتحدة.


* التأييد الشعبي

ويشعر بعض معارضي ترامب بالقلق بشأن عدد من وسائل الإعلام، وخاصة بعد القرارات في صحيفة واشنطن بوست ولوس أنجيلوس تايمز بعدم نشر التأييد التقليدي للمرشحين الرئاسيين قبل الانتخابات.


وكان من المتوقع أن يؤيد كلاهما منافسة ترامب، الديمقراطية كامالا هاريس.


وقال مالك صحيفة "واشنطن بوست"، الملياردير جيف بيزوس، إن القرار اتخذ بسبب تصور عام متزايد بأن "وسائل الإعلام متحيزة".


وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي، أعلن بيزوس عن تبرع لصندوق تنصيب ترامب، وتناول العشاء معه في مقر إقامته في منتجع "مار إيه لاغو" بولاية فلوريدا.


بينما قال مالك صحيفة لوس أنجيلوس تايمز، باتريك سون شيونغ، وهو أيضاً ملياردير أمريكي، إنه يخشى أن يؤدي تأييد مرشح بعينه إلى تفاقم الانقسامات في البلاد.


وسيبقي الرئيس ترامب أيضاً عينه على الرأي العام، إذ يشير البروفيسور بيترسون إلى أنه فاز في التصويت الشعبي بنسبة 49.9 في المئة - أقل من نصف الناخبين - وكان متقدماً بفارق 1.5 نقطة مئوية فقط عن منافسته هاريس.


ويقول إن"هذا أحد أصعب الانتصارات للرئيس"، مضيفاً أنه ليس كل من صوت لصالح ترامب يدعم جميع سياساته.


ويقول إن بعض الجمهوريين لا يحبون ترامب على صعيد شخصي، لكنهم يريدون ضرائب أقل، بينما اختاره آخرون لأنهم رأوه الخيار الأفضل لمعالجة التضخم المرتفع.


وقد يفرض هذا المزيج ضغوطاً على الحكومة لتخفيف بعض مواقفها، من أجل الحفاظ على شعبية الرئيس، وكذلك فرص إعادة انتخاب الجمهوريين في انتخابات التجديد النصفي لعام 2026.


كما يقول بعض الخبراء إن وعود الرئيس ترامب، بتعزيز الاقتصاد وخفض التضخم، قد تقوضها بعض خططه الأخرى مثل فرض التعريفات الجمركية وترحيل المهاجرين.


ويقول الخبير الاقتصادي، جون كوشرين، من مؤسسة "هوفر" ذات الميول اليمينية، إن السؤال الحاسم هو كيف سيتعامل ترامب مع التوتر بين الأطراف الداعمة لقطاع المال والأعمال في ائتلافه، و"القوميين" الذين يركزون على قضايا مثل مراقبة الحدود والتنافس مع الصين.


ويضيف كوشرين أنه "من الواضح أن كلا المعسكرين لا يستطيعان الحصول على ما يريدانه، هذه هي القضية المركزية، ولهذا السبب لا يمكننا التنبؤ بما سيحدث".