عن "مؤسسة الدراسات الفلسطينية" في بيروت، صدر كتابٌ بعنوان "تحت وطأة الحائط: حارة المغاربة في القدس: حياتها وموتها (1187 - 1967)" للباحث الفرنسي فانسان لومير وترجمة داود تلحمي. يضمّ الكتاب ستّة فصول، وهو حصيلة أبحاث استمرّت خمس سنوات، تُعيد إحياء ذكرى حارة المغاربة في القدس التي تعرّضت لـ المحو.
يُضيء الكتاب تهجير سكّان حارة المغاربة في القدس وهدمها لفسح المجال أمام إقامة ساحة واسعة تمتدّ اليوم إلى موقع حائط البُراق، في أعقاب حرب الأيام الستّة في حزيران/يونيو 1967، وقد بقي هذا الحدث فترة طويلة طيّ الكتمان. ولأوّل مرّة، يروي فنسان لومير هذه العملية المُخطّط لها، ورحلة نزوح السُّكّان، وكذلك تاريخ هذه الحارة التي أسَّسها صلاح الدين الأيوبي سنة 1187 للميلاد، لاستقبال الزوّار المسلمين الآتين من المغرب العربي.
بحثٌ في الأرشيفات الإسلامية وشهادات السكّان والحفريات الأثرية
وينطلق المؤلّف في رحلة البحث عن وثائق مبعثرة، بدءاً بأرشيف المؤسسات الإسلامية في القدس، وصولاً إلى أرشيف الصليب الأحمر في جنيف، مروراً بالأرشيف العثماني في إسطنبول، وكذلك شهادات السكّان، والحفريّات الأثرية التي كشفت مؤخّراً عن القطع والأواني المنزلية التي دُفنت خلال عملية الهدم. كما يُقدّم الكتاب إطلالة على تاريخ العاصمة الفلسطينية المحتلّة، في الوقت الذي عادت به إلى قلب المشهد في ظلّ الإبادة التي قادتها آلة القتل الصهيونية في غزّة، وعمليات التوسّع الاستيطاني والتوغُّلات العسكرية في الضفّة الغربية.
وطّأ لومير لكتابه بمقدّمة عنوانها "الركيزة القانونية لإحدى حارات القدس: وثيقة تأسيس وقف أبو مدين"، في حين جاءت عناوين الفصول الستّة على النحو التالي: "في إمبراطورية السلطنة: إدارة وتوطيد في العصر العثماني"، و"في صخب الحرب والانتداب: حارة تثير الأطماع وتتعرّض للإضعاف (1912 - 1936)"، و"حماية ومطامح إمبريالية: فرنسا تحت وطأة الحائط (1948 - 1954)"، و"تناقضات استعمارية وتحولات جيوسياسية: أيتام الإمبريالية (1955 - 1962)"، و"طرد وتدمير: تاريخ قرار سياسي حزيران/يونيو 1967"، و"بعد الكارثة: جمع الآثار، توثيق الزوال".
يُدرّس فنسان لومير التاريخ في "جامعة باريس إيست/غوستاف إيفل"، وهو يدير مشروع "القدس المفتوحة" الأوروبي. من مؤلّفاته: "العطش في القدس: دراسة عن التاريخ المائي" (2010)، و"القدس 1900: زمن التعايش والتحوّلات" (الطبعة العربية عام 2016)، و"تاريخ القدس" (كتاب رسوم مصوّرة، 2022).
