بعد سنوات من الحرب والانهيار الاقتصادي والتدهور الأمني والخدمي، بات كثير من اليمنيين يسترجعون ذكريات عهد الرئيس السابق علي عبدالله صالح، في مقارنة بين وضع البلاد آنذاك وما تعيشه اليوم من أزمات خانقة طالت كل جوانب الحياة. ورغم أن حقبة صالح لم تكن خالية من الأزمات، إلا أن التدهور المستمر منذ سقوط نظامه جعل كثيرين ينظرون إلى تلك المرحلة بعين الحنين والندم على ما فقدوه من استقرار نسبي.
اليمن بين الماضي والحاضر.. فرق شاسع في الأمن والخدمات والمعيشة
في عهد علي عبدالله صالح، كانت اليمن موحدة تحت سلطة مركزية واضحة، ورغم الفساد والتحديات الاقتصادية والسياسية التي كانت موجودة آنذاك، إلا أن البلاد لم تصل إلى حالة التمزق والانهيار الشامل التي تعيشها اليوم. فالكهرباء لم تكن تنقطع لأيام طويلة، والوقود لم يكن سلعة نادرة إلا في فترات الأزمات، وكانت المرتبات تُصرف بانتظام، وكان المواطن البسيط يستطيع تأمين معيشته بدرجة مقبولة مقارنة بالوضع الراهن.
أما اليوم، فاليمن مقسمة إلى عدة سلطات متصارعة، لا حكومة قادرة على ضبط الأمور، ولا اقتصاد مستقر يمكن الاعتماد عليه. المدن التي كانت تعج بالحياة باتت تغرق في الظلام والفوضى والفقر، والأسواق تعاني من ارتفاع جنوني في الأسعار نتيجة انهيار الريال اليمني، حيث تخطى الدولار حاجز 2300 ريال يمني، والريال السعودي تجاوز 600 ريال، مما أدى إلى ارتفاع أسعار المواد الأساسية إلى مستويات غير مسبوقة.
الانفلات الأمني.. كابوس يؤرق اليمنيين
في الماضي، رغم وجود حروب وصراعات، إلا أن الأمن كان أفضل بكثير مما هو عليه اليوم. كانت مؤسسات الدولة تعمل، وكانت الشوارع أكثر أمانًا، والتنقل بين المحافظات لم يكن مغامرة محفوفة بالمخاطر كما هو الحال اليوم. أما الآن، فقد تحولت العديد من المدن اليمنية إلى ساحات صراع بين المليشيات والجماعات المسلحة، حيث تغيب سلطة الدولة الحقيقية.
أصبحت عمليات الخطف والاغتيالات والاشتباكات المسلحة جزءًا من المشهد اليومي في مناطق واسعة من البلاد، وأصبح المواطن اليمني يعيش في خوف دائم، بين جماعات متصارعة لا تعترف إلا بمنطق القوة.
الحنين لعهد صالح يتصاعد مع تفاقم الأزمات
لم يكن عهد علي عبدالله صالح مثاليًا، فقد كانت هناك أخطاء وفساد، ولكن مقارنةً بما يعيشه اليمنيون اليوم، أصبح الكثيرون يرون تلك الحقبة أفضل مما جاء بعدها. بات المواطنون يتذكرون الطرقات المضاءة، والأسواق التي تعج بالبضائع بأسعار معقولة، والكهرباء التي كانت تعمل لساعات أطول، والمرتبات التي كانت تكفي لسد الحاجات الأساسية.
اليوم، تبدو كل تلك الأمور كأنها جزء من ماضٍ بعيد لم يعد موجودًا. ومع استمرار تردي الوضع المعيشي والخدمي والسياسي، يجد اليمنيون أنفسهم يتساءلون: هل كان سقوط صالح نهاية لأزمة أم بداية لكارثة أكبر؟
الواقع الحالي يدفع إلى التساؤل: هل كان اليمن أفضل قبل 2011؟
في ظل ما يعيشه اليمن اليوم من تدهور غير مسبوق، باتت الأصوات التي تتحدث عن ضرورة تقييم ما حدث منذ 2011 تتزايد. البعض يرى أن الثورة التي أسقطت صالح كانت ضرورة لإنهاء حكم الفرد والفساد، بينما يرى آخرون أن غياب البديل القوي وانهيار الدولة كانا نتيجة كارثية جعلت الأمور تسير نحو الأسوأ.
وبين هذا وذاك، يبقى المواطن اليمني هو الضحية الأكبر لكل ما حدث، حيث يواجه واقعًا مريرًا لم يكن يتخيله، وسط أزمات سياسية واقتصادية وأمنية لا يبدو أن لها نهاية قريبة، مما يزيد من شعور الحنين إلى زمن لم يكن مثاليًا، لكنه كان أفضل مما يعيشه اليمنيون اليوم.