آخر تحديث :الجمعة-07 فبراير 2025-05:42م
ملفات وتحقيقات

عدن.. مدينة تتنفس على أنقاضها: ماذا تبقى من مظاهر الحياة؟

الجمعة - 07 فبراير 2025 - 02:29 م بتوقيت عدن
عدن.. مدينة تتنفس على أنقاضها: ماذا تبقى من مظاهر الحياة؟
عدن((عدن الغد))خاص

في شوارع عدن، المدينة التي كانت يومًا ما نابضة بالحياة، لا شيء يشبه ماضيها، كل شيء بات يئن تحت وطأة الانهيار. الأرصفة خاوية إلا من خطوات متعبة، الأسواق تغص بأرقام لا يتحملها الفقراء، والمولدات تصرخ في الأحياء بحثًا عن وقود لا يصل، بينما الكهرباء تغيب أكثر مما تحضر.


عدن، تلك المدينة التي عاشت على شواطئ الأمل، تبدو اليوم ككائن يحتضر، تتآكلها الأزمات من كل جانب، من الانقطاع الطويل للكهرباء الذي جعل الليالي معتمة حتى في قلوب ساكنيها، إلى انهيار العملة الذي أفرغ جيوب المواطنين من أبسط مقومات العيش، إلى الطرقات التي تحولت إلى ميادين غضب وصمت متعب.


“حياة لا تشبه الحياة”


يقول سالم حسن، وهو أحد سكان المدينة، وهو يقف أمام متجر مغلق في أحد الأحياء: “أعمل منذ الفجر حتى المساء، لكن ما أجنيه بالكاد يكفيني لشراء الطعام، الكهرباء مقطوعة، الماء شحيح، والأسعار ترتفع يومًا بعد يوم. لم نعد نحلم بالكماليات، بل فقط بأن يمر يوم واحد دون أن نشعر أننا في معركة من أجل البقاء.”


أما أم محمد، وهي أرملة تعيل أربعة أطفال، فتصف حالها بكلمات يغلبها الحزن: “كنا نعيش في عدن، والآن نحن فقط نحاول ألا نموت فيها. كل شيء صعب، من لقمة العيش إلى الدواء، حتى النوم أصبح رفاهية لأن الحرارة تخنقنا في الليل دون كهرباء.”


مدينة تعيش على أطراف الأزمات


الأزمات التي تضرب عدن لم تترك للناس خيارات كثيرة، فالعمل محدود، والأسعار تنهش الأجور، وحتى أبسط الاحتياجات باتت حلمًا صعب المنال. الوقود يُباع بأثمان باهظة، والمياه تأتي متقطعة، والمستشفيات بالكاد تعمل، والموانئ التي كانت شريان الاقتصاد باتت تعاني من شلل شبه تام.


يقول عبدالله ناصر، وهو سائق سيارة أجرة: “نقف بالساعات في طوابير الوقود، وإن حصلنا عليه، فإن تكلفة التشغيل تستهلك نصف دخلنا. الركاب يشتكون من ارتفاع الأجرة، لكننا أيضًا نكافح لنعيش.”


عدن.. مدينة تصارع من أجل البقاء


ورغم كل ذلك، لا يزال في عدن رمق من حياة، يستمده أهلها من صبرهم الذي لا ينفد. ورغم شح الخدمات وغياب الدولة، فإنهم يجدون طرقًا للبقاء، وإن كان على حافة الألم.


لكن السؤال الذي يخنق المدينة اليوم أكثر من انقطاع الكهرباء هو: إلى متى ستظل عدن عالقة بين الموت والبقاء؟ ومتى ستعود الحياة إليها كما كانت؟