آخر تحديث :الثلاثاء-11 فبراير 2025-02:29ص
ملفات وتحقيقات

أسر في عدن تبيع آخر ما تملكه من الذهب لمواجهة الظروف الصعبة.. رواج بيع الذهب المستعمل وسط أزمة اقتصادية خانقة

الأحد - 09 فبراير 2025 - 10:00 ص بتوقيت عدن
أسر في عدن تبيع آخر ما تملكه من الذهب لمواجهة الظروف الصعبة.. رواج بيع الذهب المستعمل وسط أزمة اقتصادية خانقة
عدن((عدن الغد))خاص

في ظل الانهيار الاقتصادي المتواصل الذي تشهده مدينة عدن، باتت العديد من الأسر تلجأ إلى بيع آخر ما تبقى لديها من الذهب، لمواجهة الأوضاع المعيشية القاسية، وسط ارتفاع الأسعار، وانهيار قيمة العملة المحلية، وتأخر صرف المرتبات.


وأفاد صاغة في أسواق الذهب بعدن لصحيفة “عدن الغد” بأن الأسواق تشهد رواجًا غير مسبوق لبيع الذهب المستعمل، حيث يأتي المواطنون يوميًا لبيع مجوهراتهم لتغطية الاحتياجات الأساسية لعائلاتهم، وهو ما تسبب في زيادة المعروض من الذهب القديم مقابل انخفاض الطلب على الشراء.


وقال مواطنون لصحيفة “عدن الغد” إن الأزمة الاقتصادية دفعتهم إلى التخلي عن مدخراتهم الذهبية التي كانوا يحتفظون بها لأوقات الشدة، لكنهم الآن يبيعونها ليس لتأمين المستقبل، بل للبقاء على قيد الحياة في الحاضر.


تقول أم ناصر، وهي ربة منزل، إنها لم تكن تتخيل أن يأتي اليوم الذي تضطر فيه لبيع ذهب زواجها، لكنها وجدت نفسها مجبرة بعد أن أصبح راتب زوجها المتواضع لا يكفي حتى لنصف احتياجات الأسرة. وأضافت: “بعنا بعض القطع قبل عام، وكنا نظن أن الأمور ستتحسن، لكن الوضع ازداد سوءًا، والآن اضطررنا لبيع آخر ما تبقى معنا.”


أما حسن عبد الله، وهو موظف حكومي، فقد باع أساور زوجته لتغطية تكاليف دراسة أبنائه، ويقول بأسف لصحيفة “عدن الغد”: “لم نعد نفكر في المستقبل، كل ما نريده هو البقاء على قيد الحياة، أصبحنا نبيع ما نملكه يومًا بيوم، لكن إلى متى؟”


في المقابل، أكد تجار الذهب لصحيفة “عدن الغد” أن الإقبال على بيع الذهب المستعمل ارتفع بشكل كبير خلال الأشهر الأخيرة، حتى باتت محلات الذهب تغص بالمواطنين الباحثين عن السيولة النقدية، بينما يعاني سوق الشراء من تراجع حاد نتيجة ضعف القدرة الشرائية لدى المواطنين.


يقول عبدالله الحاج، وهو صاحب محل للذهب في الشيخ عثمان: “محلاتنا لم تعد تبيع الذهب الجديد كما في السابق، الزبائن يأتون فقط للبيع، وحتى من يريدون الشراء يبحثون عن الذهب المستعمل لأنه أرخص.”


وفي المجتمعات اليمنية، كان الذهب دائمًا رمزًا للأمان الاقتصادي، وتحرص النساء على اقتنائه كمدخر للمستقبل، لكن اليوم، أصبح الكثير من النساء يبعنه بأسعار منخفضة ودون تفكير، خوفًا من أن يشتد الوضع سوءًا أكثر مما هو عليه الآن.


تقول أم عبد الله، وهي أرملة وأم لأربعة أطفال، لصحيفة “عدن الغد”: “احتفظت بذهبي طوال السنوات الماضية ليكون سندًا لي ولأطفالي، لكن الأزمة أجبرتني على بيعه شيئًا فشيئًا، لم يعد لدينا شيء الآن، ولا نعرف كيف سنعيش الأشهر القادمة.”


وقال مواطنون آخرون لصحيفة “عدن الغد” إنهم يشعرون بقلق شديد من المستقبل، فبعد أن فقدوا مصدر أمانهم الأخير ببيع الذهب، لا يعرفون كيف سيواجهون الأيام المقبلة، خاصة مع استمرار ارتفاع الأسعار، وتراجع فرص العمل، وتأخر صرف المرتبات.


يقول علي سالم، وهو موظف في قطاع خاص: “الوضع يزداد سوءًا يومًا بعد يوم، بيع الذهب كان حلًا أخيرًا لكثير من الأسر، لكنه لن يستمر إلى الأبد، نحن بحاجة إلى حلول حقيقية لإنقاذ الناس من هذا الجوع والفقر.”


ومع تزايد معدلات الفقر في عدن، واستمرار تدهور الأوضاع المعيشية، يبدو أن الأزمة الاقتصادية لم تعد مجرد أزمة مؤقتة، بل تحولت إلى واقع قاسٍ يدفع الأسر إلى التخلي عن آخر ممتلكاتها لتأمين احتياجاتها الأساسية، فيما لا تزال الحلول الاقتصادية غائبة، ولا تبدو أي بوادر قريبة لتحسن الأوضاع.