منذ توليه منصبه رسمياً في يناير/كانون الثاني الماضي، يتصدر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عناوين الأخبار والمقالات في الصحف العالمية، لا سيما تداعيات السياسة الاقتصادية لإدارته على الاقتصاد العالمي في ظل قراراته الجديدة.
نستهل جولة الصحف لهذا اليوم من صحيفة الغارديان البريطانية، ومقال بعنوان "دونالد ترامب يعيد تشكيل العالم، لكن النتيجة حتماً لن تعجبه"، للكاتبة نسرين مالك.
تشير الكاتبة إلى "التحولات الكبرى" في السياسة الخارجية الأمريكية تحت إدارة ترامب، وكيف تؤثر هذه التحولات على مكانة الولايات المتحدة في النظام العالمي، بقولها إن سياسة ترامب "تسحب الولايات المتحدة من العالم وتقلل من دورها".
وتعرض الكاتبة ما وصفته بـ "مفارقة ترامب"، حيث يدّعي من جهة أن بلاده لا يمكنها التدخل في شؤون العالم إلا إذا كانت مصالحها مهددة، وفي نفس الوقت يتبنى سياسة أحادية الجانب، وتوجهات غير ثابتة تهدد استقرار التحالفات التقليدية، على حد قولها.
وترى الكاتبة أن الولايات المتحدة تحت إدارة ترامب ستتراجع في دورها كقوة عظمى، وأنها تتجه فعلياً نحو "الانسحاب" من العالم، وهو ما ينعكس على "تعزيز فرصة استبدالها بشكل تدريجي بقوى أخرى مثل الصين وروسيا".
وتبيّن نسرين أن "سحب الاستثمارات جراء سياسات إدارة ترامب المتقلبة وغير الموثوقة والتحول نحو حلفاء أكثر استقراراً سيكون الخيار الحكيم لأي حكومة لديها القدرة على التحوط".
وتوضح أن هذا الانسحاب يترك فراغاً قد يعزز ظهور "نظام عالمي جديد"، حيث لم تعد الولايات المتحدة القوة الوحيدة المسيطرة، على حد قولها.
وتختتم الكاتبة مقالها بالإشارة إلى أن العالم على أبواب مرحلة جديدة، حيث يمكن أن تتنافس القوى العالمية بشكل أكبر، بينما تسحب أمريكا يدها تدريجياً من قضايا أساسية كانت تهيمن عليها في الماضي.
وتقول إن "ترامب جعل الولايات المتحدة مضطربة وغير مستقرة، ويأخذها إلى عالم تتقوض فيه قدرتها على دفع أي أجندة ترغب فيها، في ظل صعود دول وحدوث ترتيبات أخرى تعيد كتابة النظام العالمي".
* "حروب الرسوم الجمركية تخلق وضعا خاسرا للجميع"
وننتقل إلى افتتاحية صحيفة "تشاينا ديلي" الصينية، بعنوان "حروب الرسوم الجمركية التي تشنها الولايات المتحدة تخلق وضعاً خاسراً للجميع".
تسلط الافتتاحية الضوء على الآثار السلبية للحروب التجارية التي يشنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على الاقتصاد العالمي والعلاقات الدولية، من خلال فرض تعريفات جمركية جديدة على عدد من البلدان.
وتصف الصحيفة سياسة ترامب بفرض رسوم جمركية بـ "الحرب"، وتقول إن "هذه الحرب التي بدأتها الولايات المتحدة تهدد بتعطيل التجارة الدولية وزرع بذور الخلاف بين البلدان".
وترى أن الرسوم الجمركية لا تؤدي إلى تحقيق الأهداف الاقتصادية المعلنة، مثل معالجة اختلالات التجارة وحماية الصناعات الأمريكية، بل تضر بالاقتصاد العالمي ككل، بما في ذلك الشركات والمستهلكين، و"ستفشل في تعزيز الاستثمار والإنتاجية في الأمد البعيد"، وفقاً للصحيفة.
ويحذر المقال من أن الحروب التجارية، على الرغم من كونها جزءًا من استراتيجية سياسية ووطنية لترامب، ستؤدي إلى تدهور الثقة بين الدول، وسوف تضر بالصناعات الأمريكية أيضاً، بما في ذلك قطاعي الدفاع والتكنولوجيا.
وتشير الصحيفة إلى أن هذه الحروب التجارية "لن تحقق التأثيرات المرجوة للولايات المتحدة"، وتحذر من أن "التعريفات الجمركية الانتقامية من الشركاء التجاريين قد تُلحق الضرر بالتصنيع والزراعة المعتمدة على التصدير، مما يعرض الوظائف للخطر".
وتشير الصحيفة إلى أن هذه السياسات "تزيد من عدم الاستقرار الاقتصادي على المستوى العالمي، مما يصعب على الشركات التخطيط والاستثمار، وخصوصاً الشركات الصغيرة والمتوسطة".
وتؤكد أن "الصين لن تخضع للضغوط الخارجية وسترد بإجراءات مضادة، على الرغم من إدراكها للعواقب المدمرة للحروب التجارية".
وتشجع الصحيفة في ختام افتتاحيتها على الحوار والتعاون بين الدول بدلاً من "التمادي في التصعيد التجاري"، معتبرة أن "التعاون والتضافر ضروريان لمعالجة التحديات المعقدة التي يواجهها الاقتصاد العالمي، ولضمان مستقبل أكثر استقراراً وازدهاراً للجميع".
* "أوروبا هي الهدف التالي لترامب"
وفي صحيفة "واشنطن بوست"، نقرأ مقالاً للكاتب ماكس بوت بعنوان "تكتيكات ترامب في فرض الرسوم الجمركية تشكل شذوذاً في السياسة الخارجية".
ويتحدث الكاتب عن استخدام ترامب للرسوم الجمركية كأداة للضغط على الدول لتحقيق أهداف غير تجارية، ويقول إن "ترامب يستخدم الرسوم الجمركية بطريقة مختلفة تماماً عن الطريقة التي استخدمها بها معظم الرؤساء الأمريكيين الآخرين، أو غيرهم من زعماء العالم".
ويشير بوت إلى أن "الولايات المتحدة كانت تستخدم الرسوم الجمركية في الماضي لأغراض مثل حماية الملكية الفكرية أو حقوق العمال، وهو ما يختلف عن أسلوب ترامب".
ويتوقع أن تواجه العديد من الدول الأخرى تهديدات مماثلة من ترامب، الذي وصفه بـ "رجل التعريفات الجمركية"، ويرى أن "أوروبا هي الهدف التالي للرئيس الأمريكي".
ويشبّه الكاتب سياسة ترامب التجارية بسياسة الصين التي تستخدم "الاقتصاد كأداة للضغط على الدول التي لا تتفق معها"، مضيفاً أن "الولايات المتحدة في عهد ترامب تتصرف مثل الصين في عهد الرئيس شي جين بينج".
ويلمح الكاتب إلى احتمالية أن تؤدي تهديدات ترامب إلى نتائج عكسية، مثل تحوّل الدول إلى شركاء تجاريين آخرين أو تراجع التجارة مع الولايات المتحدة، محذراً من أن "الضغط الاقتصادي" قد يؤدي إلى تأجيج مشاعر قومية في الدول المستهدفة، مما يعزز "مشاعر العداء تجاه الولايات المتحدة".
ويستبعد بوت حدوث أي تهديدات أمريكية تجاه روسيا، ويعتقد أن "الرئيس الروسي فلاديمير بوتن لن يشعر بالتهديد من الرسوم الجمركية، نظراً لأن روسيا تصدر القليل جداً إلى الولايات المتحدة"، وفقاً له.