آخر تحديث :الثلاثاء-11 فبراير 2025-04:37م
ملفات وتحقيقات

عدن.. انهيار الريال يقلب الأسواق رأسًا على عقب وأسعار المواد الغذائية تتغير مرتين في اليوم

الثلاثاء - 11 فبراير 2025 - 11:21 ص بتوقيت عدن
عدن.. انهيار الريال يقلب الأسواق رأسًا على عقب وأسعار المواد الغذائية تتغير مرتين في اليوم
((عدن الغد))خاص

تشهد مدينة عدن موجة غير مسبوقة من التقلبات في أسعار المواد الغذائية، حيث أصبحت الأسعار تتغير بشكل جنوني مرتين في اليوم أو أكثر، بسبب التدهور الحاد في سعر صرف الريال اليمني مقابل العملات الأجنبية. هذا الانهيار الاقتصادي جعل المواطنين في حالة من التخبط، بين عجزهم عن تأمين احتياجاتهم اليومية وبين اضطرار التجار وأصحاب البقالات إلى التعامل مع سوق لا يعرف الاستقرار.


“لا نعرف كم سيكلفنا الغداء اليوم!”


يقول أحمد سعيد، أحد سكان عدن، إن الأسعار أصبحت كابوسًا يوميًا للمواطنين. “أخرج صباحًا إلى السوق لأشتري احتياجات البيت، فأجد سعر السكر بـ 30 ألف ريال للكيس، وعندما أعود في المساء أجد السعر قد زاد إلى 33 ألفًا! كيف يمكننا التعايش مع هذا الجنون؟ حتى البقالات لم تعد تضع الأسعار على المنتجات لأنها تتغير بسرعة جنونية.”


ويضيف: “في الصباح قررت شراء دقيق لصنع الخبز في المنزل بعدما وجدت أن سعر الرغيف ارتفع مجددًا، لكن عندما عدت في المساء وجدت أن كيس الدقيق زاد سعره بـ 2000 ريال خلال ساعات فقط! حتى التجار أنفسهم لم يعودوا قادرين على فهم السوق.”


تجار في مأزق: البيع بخسارة أو التوقف عن البيع


من جهة أخرى، يعاني التجار وأصحاب البقالات من نفس الأزمة، حيث يؤكد الكثيرون أنهم أصبحوا عاجزين عن ضبط الأسعار، وسط اضطراب أسعار الصرف التي تتغير من ساعة إلى أخرى.


يقول محمد عبد الله، مالك بقالة في مديرية الشيخ عثمان: “نحن في وضع صعب للغاية، نشتري البضائع بسعر ونبيعها بسعر أقل أحيانًا لأن سعر الدولار يرتفع بسرعة والوكالات ترفع الأسعار علينا فجأة. إذا بعنا بسعر رخيص نخسر، وإذا بعنا بسعر مرتفع يغضب الزبائن. الحل الوحيد أصبح التوقف عن البيع لبعض السلع حتى تتضح الأسعار.”


أما حسين سالم، وهو صاحب سوبرماركت في مديرية المنصورة، فيقول: “حتى عندما نبيع، بعض الزبائن يظنون أننا من نرفع الأسعار، بينما المشكلة الحقيقية هي في انهيار العملة. نحن أنفسنا نشتري بأسعار غير مستقرة، كل يوم يختلف السعر عن اليوم الذي قبله، وأحيانًا في نفس اليوم تتغير الأسعار مرتين أو ثلاث مرات.”


الريال اليمني.. المتهم الأول في فوضى الأسواق


السبب الأساسي لهذه الفوضى يكمن في انهيار سعر صرف الريال اليمني، حيث وصل سعر الدولار إلى مستويات قياسية، متجاوزًا حاجز 1800 ريال يمني في بعض الأيام، قبل أن يتراجع قليلًا ثم يعاود الارتفاع مجددًا، مما يخلق حالة من عدم اليقين في الأسواق.


يؤكد الخبير الاقتصادي فؤاد الشرعبي أن “عدن تمر بمرحلة كارثية على الصعيد الاقتصادي، حيث لا توجد أي سياسات نقدية مستقرة، والبنك المركزي عاجز عن التحكم في سوق الصرف، بينما تستمر المضاربة بالدولار في السوق السوداء. كل هذا يؤدي إلى ارتفاع غير مبرر في أسعار المواد الغذائية والسلع الأساسية، حيث يستغل بعض التجار الصغار الفوضى لرفع الأسعار أكثر من اللازم.”


مواطنون يطالبون الحكومة بالتدخل


مع استمرار هذه الأزمة، تتزايد المطالب الشعبية بضرورة تدخل الحكومة والبنك المركزي لوضع حد لانهيار الريال وإيجاد حلول اقتصادية تمنع التقلبات المستمرة في الأسعار.


يقول المواطن عبد الله ناصر: “نريد حلولًا جذرية، لا يمكن أن نستمر على هذا الوضع. الناس لم تعد قادرة على العيش، لا الرواتب تكفي ولا الأسعار ثابتة. الحكومة يجب أن تضع حدًا لهذه الأزمة، لأننا وصلنا إلى مرحلة لا تطاق.”


في ظل هذه الظروف، يبدو أن الحلول لا تزال بعيدة المنال، بينما يواصل المواطنون والتجار معًا العيش في دوامة من الغلاء والتقلبات اليومية، وسط مخاوف من استمرار انهيار العملة وتأثير ذلك على أسعار السلع الأساسية التي أصبحت خارج قدرة الكثيرين على تحملها.