مع استمرار التدهور الاقتصادي في اليمن، تزايدت أعداد الشباب الذين توجهوا إلى الأسواق الشعبية للعمل في التجارة البسيطة، بحثًا عن مصدر رزق يعينهم على مواجهة غلاء المعيشة وغياب فرص العمل.
وخلال جولة لصحيفة عدن الغد في سوق المعلا، التقت بعدد من هؤلاء الشباب الذين تحدثوا عن معاناتهم وأحلامهم في ظل الظروف الحالية.
“لم نجد وظائف.. فاتجهنا للأسواق”
نضال عبده، خريج جامعي، قال لـ عدن الغد:
“بعد سنوات من الدراسة والتخرج، وجدت نفسي بلا وظيفة، بلا دخل، وبلا أي حلول. لم يكن أمامي خيار سوى النزول إلى السوق وبيع بعض المستلزمات الرمضانية، مثل الفوانيس والمسابح والعطور. صحيح أن الربح ليس كبيرًا، لكنه يبقيني واقفًا على قدمي بدلًا من انتظار فرصة عمل قد لا تأتي.”
أما فؤاد محسن، موظف حكومي يعمل في السوق مساءً، فأكد أن ضعف الرواتب وعدم انتظام صرفها جعله يبحث عن دخل إضافي:
“راتبي لا يكفي حتى لتأمين الحاجات الأساسية، لذلك بدأت في بيع العطور والبخور، والحمد لله الأمور تسير ببطء لكنها تساعدني في تلبية احتياجات أسرتي.”
طلاب الجامعة في الأسواق.. الدراسة والعمل معًا
من جهته، قال محمد سالم، طالب جامعي يعمل في بيع زينة رمضان:
“لم أكن أتخيل أنني سأعمل في السوق خلال دراستي، لكن الظروف فرضت علينا التأقلم. أدرس في الصباح وأبيع في المساء، وأحاول قدر الإمكان أن أوفر مصاريف دراستي حتى لا أضطر لترك الجامعة.”
ويضيف:
“هناك الكثير من الشباب الذين يفكرون بنفس الطريقة، لأننا نعلم أن انتظار الوظائف لم يعد خيارًا متاحًا.”
غياب الدعم الحكومي.. الشباب يعتمدون على جهودهم الشخصية
رغم الجهود التي يبذلها هؤلاء الشباب، إلا أنهم يواجهون تحديات كبيرة، أبرزها ارتفاع تكاليف المعيشة، وعدم توفر أماكن مخصصة للبيع، وغياب الدعم الحكومي لمشاريعهم الصغيرة.
ويؤكد الخبير الاقتصادي عبدالله الصبيحي لـ عدن الغد أن ظاهرة توجه الشباب إلى التجارة البسيطة تعكس عمق الأزمة الاقتصادية، لكنه يرى أنها فرصة يمكن استثمارها لدعم المشاريع الصغيرة وتعزيز ثقافة العمل الحر.
“الشباب اليمني يمتلك القدرة على التكيف مع التحديات، لكنهم بحاجة إلى دعم حكومي، مثل تخصيص أسواق مجانية أو تقديم قروض صغيرة، حتى يتمكنوا من تطوير أعمالهم بدلًا من بقائها مجرد حل مؤقت.”
رسالة الشباب: “نحتاج إلى دعم حقيقي”
وفي ختام حديثهم لـ عدن الغد، وجه هؤلاء الشباب رسالة إلى الجهات المعنية وأفراد المجتمع، مطالبين بدعم المشاريع الشبابية الصغيرة، سواء عبر تقديم تسهيلات مالية، أو تخصيص أماكن للبيع، أو حتى تشجيع الناس على شراء منتجاتهم.
“نحن لا نطلب المستحيل، فقط نريد بيئة تساعدنا على العمل والاستمرار، حتى نتمكن من بناء مستقبل أفضل لنا ولعائلاتنا.”
رغم المعاناة، يواصل هؤلاء الشباب كفاحهم اليومي، حاملين معهم الأمل في غدٍ أفضل، ومؤكدين أن العمل مهما كان بسيطًا، يظل شرفًا يستحق الاحترام والدعم.