في ظل التحديات الاقتصادية التي تعيشها البلاد، يجد الكثير من الشباب اليمني أنفسهم أمام خيارات محدودة لمواجهة الظروف الصعبة. لكن سناء نجيب، ابنة محافظة عدن وخريجة كلية العلوم الطبية، قررت أن تسلك طريقًا مختلفًا، حيث اختارت صناعة البخور كمجال للعمل، ليس فقط لتأمين مصدر دخل، بل لتقديم منتج يمني أصيل يعكس التراث والثقافة المحلية.
من العلوم الطبية إلى عالم البخور
قبل سبع سنوات، وجدت سناء نفسها مضطرة للبحث عن مصدر رزق جديد بسبب الوضع الاقتصادي المتردي الذي أثر على مختلف القطاعات، بما في ذلك المجال الطبي. لم تكن صناعة البخور خيارًا سهلاً، لكنها تحولت من هواية إلى مهنة حقيقية مع مرور الوقت.
بدأت سناء بصنع كميات صغيرة من البخور التقليدي في منزلها، مستخدمة خلطات طبيعية مستوحاة من التراث اليمني، ومع التجربة والتطوير، استطاعت أن تبتكر روائح خاصة بها، مما أكسبها شهرة واسعة في السوق المحلي. لم تقتصر شهرتها على عدن فقط، بل امتدت إلى مختلف المحافظات اليمنية وحتى خارج البلاد، حيث أصبحت منتجاتها محط اهتمام الكثير من عشاق البخور.
البخور العدني.. أصالة وتميز
تشتهر عدن، كغيرها من المدن اليمنية، بصناعة البخور والعود، وهي حرفة متوارثة عبر الأجيال، إلا أن سناء استطاعت أن تضع بصمتها الخاصة في هذا المجال، حيث تدمج بين الوصفات التقليدية واللمسات العصرية، ما جعل منتجاتها فريدة من نوعها.
تستخدم سناء أجود أنواع العطور، المسك، العود، والعنبر، إضافة إلى مواد طبيعية أخرى، لضمان أن تكون روائح البخور التي تصنعها ذات جودة عالية وثبات يدوم لفترات طويلة. تؤكد أن سر النجاح في هذه المهنة يكمن في الإتقان، حب العمل، وفهم احتياجات الزبائن.
التوسع والوصول إلى الأسواق الخارجية
بفضل جودة منتجاتها وحرصها على تقديم تجربة مميزة للعملاء، لم تقتصر مبيعات سناء نجيب على عدن، بل استطاعت أن توسع نشاطها إلى خارج اليمن. من خلال وسائل التواصل الاجتماعي والتسويق الإلكتروني، تمكنت من التواصل مع زبائن من مختلف الدول العربية، مما جعلها نموذجًا ناجحًا لرواد الأعمال الشباب الذين يسعون للاستفادة من التجارة الإلكترونية في تسويق منتجاتهم.
تقول سناء:
“لم يكن الأمر سهلًا في البداية، لكن الإصرار والتعلم المستمر ساعداني في تحقيق النجاح. كان عليّ أن أفهم السوق، وأتعرف على تفضيلات العملاء، وأطور أسلوبي في التسويق، والآن أصبح لدي زبائن أوفياء يطلبون البخور بشكل مستمر، سواء في اليمن أو خارجه.”
تحديات وطموحات مستقبلية
رغم نجاحها المتزايد، لا تخفي سناء أن هناك تحديات عديدة تواجهها، أبرزها ارتفاع أسعار المواد الخام، وصعوبة توفير بعض المكونات الأساسية بسبب الأوضاع الاقتصادية، لكنها تؤكد أن الإبداع والتطوير المستمر هما الحل لمواجهة أي عقبات.
وتطمح سناء إلى أن تفتتح متجرًا خاصًا بها في عدن، وتوسع نشاطها ليشمل أسواقًا عالمية، حيث تسعى إلى نشر الثقافة اليمنية من خلال البخور كمنتج تراثي أصيل، يمثل جزءًا من الهوية اليمنية.
رسالة إلى الشباب اليمني
توجه سناء نجيب رسالة إلى الشباب اليمني، قائلة:
“لا تستسلموا للظروف، بل حاولوا تحويل التحديات إلى فرص. هناك مجالات عديدة يمكن الإبداع فيها، والأعمال الصغيرة قد تكون البداية لنجاحات كبيرة. المهم هو الإصرار، التعلم، والتطوير المستمر.”
نموذج يُحتذى به في ريادة الأعمال
نجاح سناء نجيب لم يكن مجرد مصادفة، بل كان نتيجة اجتهاد وتفانٍ ورؤية واضحة. لقد استطاعت أن تحول حرفة قديمة إلى مشروع مزدهر، لتصبح واحدة من أبرز صانعات البخور في عدن، وهي اليوم ملهمة للعديد من الشابات والشباب الذين يسعون لشَق طريقهم في عالم ريادة الأعمال، رغم كل التحديات.



