تشهد عمليات تهريب الأسلحة الإيرانية إلى ميليشيا الحوثي عبر ميناء الحديدة تصاعدًا مستمرًا، ما يشكل انتهاكًا صارخًا لقرارات مجلس الأمن، ويقوض الجهود الإقليمية والدولية لإحلال السلام في اليمن. هذه الأنشطة غير المشروعة تسببت في زيادة المخاطر الأمنية في المنطقة، وسط مطالبات متزايدة باتخاذ إجراءات حاسمة لمنع استغلال الميناء في عمليات التهريب، والتي أسهمت في تعزيز القدرات العسكرية للحوثيين وإطالة أمد الصراع.
في 12 فبراير الجاري، تمكن خفر السواحل اليمني من اعتراض سفينة محملة بمعدات عسكرية متطورة كانت متجهة إلى ميناء الحديدة، وعلى متنها هياكل صواريخ كروز، ومحركات طائرات مسيرة، وأجهزة تشويش واتصالات حديثة. وبحسب تقارير صحفية، فإن هذه ليست الحادثة الأولى، إذ سبق أن تم اعتراض شحنات أسلحة مهربة إلى الحوثيين خلال الأشهر الماضية، ما يعكس تصاعد النشاط الإيراني في تزويد الميليشيا بالأسلحة النوعية.
تحولت ميناء الحديدة والمناطق الساحلية المجاورة إلى مركز رئيسي لعمليات تهريب الأسلحة، حيث يعتمد الحوثيون على شبكة تهريب بحرية معقدة، تنطلق من ميناء “سرخور طاهروئي” وميناء “تشاباهار” الإيرانيين، ويتم تفريغ الشحنات في قوارب صغيرة قبالة السواحل اليمنية لتجنب الرقابة الدولية. وبحسب مراقبين دوليين، فإن الحوثيين يعتمدون أيضًا على شبكات تهريب في القرن الأفريقي، تشمل الصومال، جيبوتي، إريتريا، والسودان، حيث يتم تخزين الأسلحة قبل إعادة شحنها إلى اليمن عبر البحر الأحمر.
رغم توقيع اتفاق ستوكهولم عام 2018، الذي نص على وقف التصعيد العسكري في الحديدة، إلا أن الواقع كشف عن تصاعد عمليات التهريب بشكل غير مسبوق، وهو ما يثبت فشل الرقابة الأممية في الحد من هذه الأنشطة. وفقًا لتقارير صحفية ودراسات أمنية، فإن الحوثيين استغلوا الاتفاقية لتعزيز سيطرتهم على الميناء وتحويله إلى منفذ رئيسي لتهريب الأسلحة والمعدات العسكرية القادمة من إيران.
تحذر تقارير استخباراتية دولية من أن استمرار تدفق الأسلحة إلى الحوثيين يهدد الملاحة الدولية في البحر الأحمر، ويجعل المنطقة أكثر عرضة لهجمات الطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية التي سبق أن استخدمتها الميليشيا لاستهداف السفن التجارية والعسكرية. وبحسب مراقبين دوليين، فإن سيطرة الحوثيين على الميناء توفر لهم غطاءً لوجستيًا آمنًا لاستقبال الإمدادات الإيرانية، ما يجعل أي جهود سلام تواجه تحديات معقدة.
وسط تصاعد عمليات التهريب، تتزايد الدعوات لاستعادة السيطرة على الحديدة والسواحل اليمنية، باعتبار ذلك خطوة ضرورية لمنع استغلالها في تعزيز القدرات العسكرية للحوثيين. يرى مراقبون أن استمرار وجود الميناء تحت سيطرة الميليشيا يمنحها ميزة استراتيجية خطيرة، تمكنها من تعزيز نفوذها العسكري والاقتصادي لصالح إيران، التي تراهن على الحوثيين كأحد أذرعها الرئيسية في المنطقة، خاصة بعد التراجع الذي أصاب نفوذها في لبنان وسوريا.
وبحسب مراقبين دوليين، فإن إيران مستمرة في دعم الحوثيين بالسلاح رغم استمرار الهدنة غير الرسمية منذ أبريل 2022، ما يعكس رهانها المتزايد على الجماعة كقوة عسكرية تستخدمها لتحقيق أهدافها الإقليمية. هذا التصعيد المتواصل يجعل احتمالات التوصل إلى تسوية سلمية أكثر تعقيدًا، في ظل استمرار تدفق الأسلحة وتعزيز الحوثيين لقدراتهم القتالية.
تصاعد عمليات تهريب الأسلحة الإيرانية عبر ميناء الحديدة يفرض تحديًا أمنيًا متزايدًا على اليمن والمنطقة، ويضع المجتمع الدولي أمام مسؤولية اتخاذ إجراءات أكثر صرامة لمكافحة تهريب الأسلحة ومنع التدخلات الإيرانية. يؤكد خبراء عسكريون أن استعادة السيطرة على الساحل الغربي وميناء الحديدة يعد خطوة أساسية في وقف تدفق الأسلحة، وضمان عدم استغلال الموانئ اليمنية لزعزعة استقرار المنطقة.