آخر تحديث :الخميس-20 فبراير 2025-11:05م
ملفات وتحقيقات

منظومات غاز السيارات.. قنابل موقوتة تهدد حياة الركاب في عدن وتعز وزنجبار

الثلاثاء - 18 فبراير 2025 - 12:03 م بتوقيت عدن
منظومات غاز السيارات.. قنابل موقوتة تهدد حياة الركاب في عدن وتعز وزنجبار
المصدر : علي خالد

تشهد مدن عدن وتعز وزنجبار تزايدًا خطيرًا في حوادث احتراق السيارات، خاصة الحافلات، بسبب الاعتماد على منظومات غاز متهالكة وغير مطابقة للمواصفات. معظم المركبات يتم تحويلها من استخدام البنزين والديزل إلى الغاز في ورش عشوائية، تفتقر إلى أي معايير سلامة، مما يجعلها عرضة للانفجارات المفاجئة، مهددةً حياة الركاب والسائقين.


في مدينة تعز، تحدث مواطنون لصحيفة “عدن الغد” عن حوادث مروعة كان آخرها احتراق حافلة ركاب في أحد شوارع المدينة المزدحمة. عبدالله سعيد، أحد الناجين من الحادث، قال:

“كنت في الحافلة عندما شممنا رائحة غاز قوية، ثم بدأنا نسمع أصوات تسرب. حاول السائق التوقف، لكن الحريق اندلع فجأة وانتشرت النيران بسرعة هائلة، وتمكنا من القفز قبل أن تلتهم الحافلة بالكامل.”


في عدن، أكد عدد من السائقين أن سبب لجوئهم لاستخدام الغاز هو ارتفاع أسعار الوقود التقليدي، لكنهم يعترفون بأن المنظومات التي يتم تركيبها غير آمنة. أحمد عبده، سائق حافلة في عدن، قال لصحيفة “عدن الغد”:

“نعاني من ارتفاع أسعار الديزل والبنزين، واضطررنا للتحويل إلى الغاز، لكن المشكلة أن معظم ورش التركيب غير مؤهلة، والأسطوانات التي نحصل عليها قديمة وغير مضمونة. نحن نعلم أننا نواجه خطرًا، لكن لا يوجد بديل.”


حوادث متكررة في زنجبار وغياب الرقابة


في مدينة زنجبار، عاصمة محافظة أبين، لم تكن الأوضاع أقل خطورة، حيث تكررت حوادث احتراق السيارات بسبب منظومات الغاز غير الآمنة. قبل أسابيع، اندلعت النيران في سيارة أجرة كانت تقل عددًا من الركاب في شارع السوق المركزي بزنجبار، وأسفر الحادث عن إصابة السائق بحروق خطيرة، فيما تمكن الركاب من الفرار في اللحظة الأخيرة.


أحد سكان زنجبار، صالح المرقشي، قال لصحيفة “عدن الغد”:

“هذه ليست الحادثة الأولى، فقد سبق أن احترقت حافلة صغيرة بالقرب من الجسر الرئيسي بسبب تسرب غاز، وكادت النيران تلتهم المحلات المجاورة. المشكلة أن هذه المنظومات تُباع في الأسواق دون أي رقابة، ولا أحد يسأل عن مدى مطابقتها للسلامة.”


سائقو الأجرة في زنجبار يعانون من نفس المشكلة التي تواجه السائقين في عدن وتعز، حيث أكد بعضهم أن العديد من المنظومات المتوفرة في الأسواق محلية الصنع أو مستوردة بشكل غير قانوني، ولا تخضع لأي فحص فني. محمد عمر، سائق حافلة صغيرة في زنجبار، قال للصحيفة:

“عندما تشتري منظومة غاز، لا أحد يسأل عن المواصفات أو معايير الأمان، كل ما يهم البائع هو بيع الأسطوانة والمنظم بأقل سعر ممكن. بعض الأسطوانات تُباع دون أي ختم رسمي، ولا نعرف حتى إن كانت آمنة أم لا.”


خطورة غياب معايير السلامة في المنظومات المباعة


مع غياب الرقابة الرسمية، أصبحت الأسواق تعج بمنظومات غاز مقلدة أو مستعملة، بعضها مأخوذ من سيارات قديمة تعرضت لحوادث سابقة. هذه الأسطوانات غالبًا ما تكون صدئة أو تالفة، لكنها تُباع للمستهلكين بأسعار منخفضة، ما يجعلها الخيار الوحيد للكثير من السائقين.


غياب أي اختبارات ضغط أو فحص أمان لهذه الأسطوانات يجعلها قنابل موقوتة في الشوارع. التسربات الناتجة عن عيوب في التوصيلات أو ضعف جودة الخراطيم المستخدمة تعني أن مجرد شرارة صغيرة، سواء من محرك السيارة أو ولاعة سجائر، يمكن أن تتسبب في كارثة خلال ثوانٍ.


بعض السائقين يلجأون إلى تعبئة أسطواناتهم في محطات غير مخصصة لهذا الغرض، مما يزيد من المخاطر، حيث تُستخدم مضخات بدائية لا تضمن توزيع الغاز بشكل آمن داخل الأسطوانة. هذا الأمر يؤدي إلى زيادة الضغط الداخلي للأسطوانة، ما يجعلها قابلة للانفجار في أي لحظة.


مصادر في هيئة النقل في عدن أكدت لصحيفة “عدن الغد” أن هناك توجهًا لمراقبة ورش تحويل السيارات إلى الغاز، لكنها أشارت إلى أن غياب القوانين الرادعة يعطل عملية ضبط هذه الممارسات.


في تعز، قال مسؤول في إدارة المرور إن معظم الحوادث المتعلقة بالغاز تعود إلى “استخدام أسطوانات غير صالحة أو تركيبات عشوائية”، مطالبًا بتشديد الرقابة على ورش الصيانة والتأكد من التزامها بالمعايير.


في زنجبار، لا توجد أي جهة رسمية تتابع عملية تركيب منظومات الغاز، ما يجعل المدينة عرضة لمزيد من الحوادث، في ظل غياب الوعي لدى السائقين وعدم توفر أي برامج فحص دورية لهذه المركبات.


على الرغم من التحذيرات، لا تزال الحوادث تتكرر في شوارع عدن وتعز وزنجبار، بينما يظل السائقون مجبرين على استخدام منظومات خطرة بسبب الوضع الاقتصادي وغياب البدائل، ما يضع حياتهم وحياة الركاب في خطر دائم.