ما أهمية القرار الذي اتخذه رئيس الوزراء بن مبارك بشأن إلغاء عقود الطاقة المشتراة؟
لماذا تمثل الطاقة المشتراة بالنسبة للحكومة ثقبا أسود؟
هل يمر هذا القرار أم يواجه تحديات كبيرة في طريق تنفيذه؟
ما الشروط الواجب اتباعها لنجاح هذا القرار؟
أي مستقبل ينتظر قطاع الكهرباء في عدن بعد هذا القرار خصوصا مع قدوم شهر رمضان؟
قرار جريء.. قيد التنفيذ!
تقرير/ عبدالعزيز السيافي:
في خطوة مفاجئة وشجاعة، اتخذ رئيس الوزراء الدكتور أحمد عوض بن مبارك اليوم قراراً تاريخياً يقضي بإنهاء كافة عقود محطات الطاقة المستأجرة في مختلف أنحاء البلاد.
ويُعتبر هذا القرار الجريء، الذي طال انتظاره، بمثابة ضربة قاصمة للفساد المستشري في قطاع الكهرباء، حيث كانت هذه المحطات تُعتبر بمثابة "ثقب
أسود" ابتلع مليارات الدولارات منذ عام 2012 بصورة غير قانونية.
- خطوة إيجابية طال انتظارها
وفي السياق، قال الصحفي فتحي بن لزرق رئيس تحرير صحيفة عدن إن هذا القرار الشجاع والجريء يُعد تحركاً إيجابياً يُحسب لرئيس الوزراء بن مبارك، وهو
قرار فشل كثيرون قبله في اتخاذه، حيث ظل هذا الملف عالقاً لسنوات طويلة دون أي حلول جذرية.
وحظي هذا القرار بدعم شعبي ورسمي واسع، حيث اعتبره الكثيرون خطوة ضرورية نحو إصلاح قطاع الكهرباء، وتحقيق الاستقرار في خدمة التيار الكهربائي.
وعلى الرغم من أهمية هذا القرار، إلا أنه يواجه تحديات كبيرة، حيث من المتوقع أن تقاومه قوى الفساد التي تستفيد من هذه المحطات.
وفي هذا الصدد، أهاب الصحفي فتحي بن لزرق بكل القوى الوطنية إلى دعم هذا القرار بكل قوة، مهما كانت تبعاته، لأنه الطريق الأفضل لمعالجة مشكلة ملف
الكهرباء في عدن ومحيطها، والذي عانت منه المدينة لسنوات طويلة.
ويبقى هذا القرار التاريخي محط أنظار الجميع، حيث يأمل المواطنون أن يكون بداية لمرحلة جديدة من الاستقرار والازدهار في قطاع الكهرباء.
من جانبه، علق الصحفي عبدالرحمن أنيس على حسابه في بوك قائلا: "في خطوة طال انتظارها، أعلنت الحكومة اليمنية عن بدء تنفيذ قرار إلغاء عقود محطات الطاقة المستأجرة في مدينة عدن، وذلك بعد مرور عام كامل على صدور القرار".
يضيف "أنيس": وكان مجلس القيادة الرئاسي قد اتخذ هذا القرار في اجتماع عقده نهاية عام 2023، حيث تمت الموافقة عليه بإجماع جميع أعضاء المجلس
الثمانية، ونص القرار على أن تبدأ الحكومة بتنفيذه في 1 يناير 2024.
إلا أن تنفيذ القرار تأخر لأكثر من عام، دون تقديم أسباب واضحة لهذا التأخير. وقد أثار هذا التأخير تساؤلات حول مدى جدية الحكومة في تنفيذ قراراتها، وقدرتها على مواجهة التحديات التي تواجه قطاع الكهرباء في البلاد.
ويأتي هذا الإعلان عن بدء تنفيذ القرار، وسط تزايد معاناة المواطنين من انقطاعات الكهرباء المتكررة، وارتفاع تكلفة الطاقة.
- إنفاق 8 مليارات دولار خلال 10 سنوات
وكشف الصحفي عبدالرحمن أنيس عن إنفاق 8 مليارات دولار على الطاقة المستأجرة في عدن خلال عشر سنوات منذ عام 2015، في حين أن المدينة تعاني
من نقص حاد في الطاقة الكهربائية.
وأشار "أنيس" إلى أن هذه الأموال الطائلة ذهبت لمحطات طاقة مستأجرة تعمل بالديزل، الذي توفره الحكومة، بينما يقتصر دور هذه المحطات على توفير
المولدات والزيوت والفلاتر.
وبحسب أنيس، يبلغ إجمالي ما تولده الطاقة المستأجرة 110 ميجاوات، وهي طاقة يمكن الاستغناء عنها تمامًا إذا تم تشغيل محطة الرئيس بكامل طاقتها
(256 ميجاوات)، إلا أن محطة الرئيس لا تعمل بكامل طاقتها حاليًا، لأنها تحتاج إلى أكثر من 20 قاطرة من النفط الخام يوميًا، في حين لا يتم توفير
سوى خمس قواطر فقط.
- 7 ملايين دولار فقط لإصلاح محطة الرئيس
وأوضح "أنيس" أن محطة الرئيس تحتاج فقط إلى 7 ملايين دولار لإضافة تجهيزات تجعلها تعمل بوقود المازوت الرخيص، الذي يُعد أرخص من الديزل
وأرخص حتى من النفط الخام.
وتساءل "أنيس" عن سبب عدم قدرة الحكومة على توفير هذا المبلغ الضئيل، رغم كل النفقات الهائلة على الطاقة المستأجرة.
- تساؤلات عن الفساد وسوء الإدارة
وفي نظر مراقبين، يُثير هذا الوضع تساؤلات جدية عن الفساد وسوء الإدارة في قطاع الكهرباء، حيث يبدو أن هناك مصالح مستفيدة من استمرار الوضع
الراهن، الذي يستنزف موارد البلاد ويحرم المواطنين من خدمة كهربائية مستقرة.
بدورهم دعا المواطنون، الحكومة إلى التحرك العاجل لإصلاح هذا الوضع، من خلال توفير التمويل اللازم لتشغيل محطة الرئيس بكامل طاقتها، ومحاسبة
المسؤولين عن الفساد وسوء الإدارة في قطاع الكهرباء.
- خطوة تاريخية مشروطة بإجراءات فعالة
بدوره قال الصحفي عبدالحليم صبر على حسابه في فيسبوك، إن هذا القرار خطوة تاريخية طال انتظارها، إلا أن هذا القرار، الذي طال انتظاره، يظل مشروطاً
بتنفيذ حزمة من الإجراءات الفعالة من قبل الحكومة، حتى لا يتحول إلى مجرد نافذة لصراع بين "هوامير" الفساد داخل السلطة، حد قوله.
- شروط أساسية لنجاح القرار
ويضع "صبر" شروط أساسية بنجاح هذا القرار، منها تطوير المحطات الحكومية، إذ يجب على الحكومة أن تتبنى توجهاً جدياً وصادقاً لتطوير المحطات
الحكومية، والبحث عن حلول طاقة أكثر استدامة، مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وتقليل الاعتماد على الوقود.
بالإضافة إلى ذلك، تحسين إدارة الموارد المتاحة، ووضع خطة فعالة لتحصيلها، بما في ذلك خطة توعوية لتقليل الهدر وزيادة فعالية توزيع الكهرباء.
كما يجب إعادة هيكلة قطاع الطاقة في عدن، وتحسين الكفاءة الإدارية والفنية للمحطات.
ويضيف "صبر": على الحكومة أن تقوم باستثمار الموارد المحلية لتأمين الوقود اللازم لتشغيل محطات الكهرباء المحلية، وتشغيل مصفاة عدن لتوفير
الوقود اللازم لمحطات الكهرباء، علاوة على تحقيق المساءلة في التعاقدات الحكومية السابقة، ومحاسبة المسؤولين عن الفساد، والتنسيق مع الدول
الداعمة لمشروع الإعمار (السعودية والإمارات) والمنظمات الدولية، وتبني خطة استراتيجية طويلة الأمد لتحسين قطاع الطاقة في كل المناطق اليمنية
الخاضعة للشرعية.
وبهذا الشأن، يقترح صبر إنشاء هيئات رقابية لمتابعة ورقابة وتقييم قطاع الطاقة.
يؤكد "صبر"، إن قرار إلغاء عقود الطاقة المشتراة يمثل فرصة مواتية، لتحسين قطاع الكهرباء في عدن، ولكن هذه الفرصة لن تتحقق إلا من خلال
تنفيذ حزمة متكاملة من الإجراءات الفعالة، التي تضمن تحقيق الاستدامة والشفافية والمساءلة في هذا القطاع الحيوي.
- تساؤلات حول مستقبل قطاع الكهرباء في عدن
يثير هذا القرار تساؤلات حول مستقبل قطاع الكهرباء في عدن، وما إذا كانت الحكومة قد اتخذت الإجراءات اللازمة لضمان توفير خدمة كهرباء مستقرة
وموثوقة للمواطنين، بعد إلغاء عقود المحطات المستأجرة.
كما يطرح هذا التأخير في تنفيذ القرار تساؤلات حول مدى التزام الحكومة بتنفيذ قرارات مجلس القيادة الرئاسي، وقدرتها على مواجهة التحديات التي
تواجه البلاد.
ويبقى أن نرى ما إذا كانت هذه الخطوة ستؤدي إلى تحسين وضع الكهرباء في عدن، أم أنها ستكون مجرد إجراء شكلي، لا يغير من واقع معاناة المواطنين
شيئا، يتساءل مواطنون.