إقتحام شركة النفط من قبل مسلحين تابعين للمدير الجديد للشركة، ناصر مانع بن حدور، فعل ميليشياوي بإمتيار، وعمل سوقي لا يمت لطموحات الجنوبيين ولا لتضحيات الشهداء بأي صلة، وكان الأحرى بجميع المكونات الجنوبية المختلفة، ان تستهجن هذا الفعل الخطير الذي يؤسس لمرحلة مليشاوية تتناقض كليًا وطموحات ابناء الجنوب بدولة مدنية يسودها الدستور وتخضع في منح الوظيفة والمهام للكفاءة والجدارة الأكاديمية، كما كان الأجدر بالشرعية أن تدافع عن مصالحها وفق خطة حربها على الميليشيات الإنقلابية على الدولة كما تزعم، ولا تكتفِ بالفرجة وصب الزيت على النار، كما لو أنها تبارك لتأسيس مرحلة مناطقية قذرة، المراد منها إجتثاث كل نجاحات الحركة الجنوبية، من الوعي الجنوبي المتراكم خلال ما يقرب من ٢٠ عامًا بفعل الظلم والإلغاء الذي عاناه كل ابناء الجنوب عامة، نتيجة سياسات نظام إئتلاف اللادولة، وبالتالي إجهاض أحلام الجنوبيين بأقامة دولة عادلة ومستقيمة.
إنني لست متحاملًا على المدير الجديد المعين من قبل وزير الداخلية اللواء حسين عرب، ولكنني متحامل جدًا على قرار غير شرعي، إذ لم يصدر عن رئيس جمهورية أو رئيس حكومة، إضافة الى طريقة تمكين شخص غير مؤهل لإدارة مرفق حيوي ومهم، الغرض منها، تحقيق أهداف تخص لوبي الفساد القوي والمحصن جدًا، وهو الذي فشل في عديد محاولات لتمرير مشاريع فساد في عدن وخطط إخضاع أهالي العاصمة وقيادة سلطتها المحلية لسياسة الأمر الواقع، كما إنني كمواطن له الحق القانوني ان يعترض على مهزلة تمنح هوامير الفساد آخر مورد إقتصادي وطني.
وجليًا ان خطة الوزير عرب والرامية الى إحداث شرخ داخل البيت الجنوبي، من خلال إثارة ورقة المناطقية التقليدية، بين جبهتي أبين والضالع، قد فشلت فشلًا ذريعًا هذه المرة، وإن تسابقت خلفها بعض القيادات الشابة وبإندفاع طموحي سلبي وشخصي ليس إلا، وفي مقدمتهم حدور، المعروف بنزعته المناطقية الفجة، وطموحه العالي منذ أن دلفت قدماه قصر معاشيق لمقابلة حسين عرب، إضافة الى قيادات شابة أخرى ساهمت وبشكل كبير في تحشييد المقتحمين لشركة النفط صبيحة التعيين المخزي، بدعوى مناطقية نتنة، ولا تصدر إلا عن عقول متخلفة جدًا في زمن أصبح فيه الوعي الجنوبي أكثر نضجًا ووحدة.
إن إستمرار شركة النفط في تأدية عملها وخدماتها، طيلة فترة الحرب وبعدها، ووسط أرباكات كثيرة، جاءت بفعل قيادة وموظفين على قدر عال من الإخلاص الوظيفي والدراية المهنية، خصوصًا أنها المنشأة الوحيدة التي تحملت عبىء كل المرافق الخدمية المعطلة نتيجة الحرب والفساد معًا، لذا كان من الحكمة أن تصان هذه الكوادر ومن أجل الوطن والدولة المزعومة، لا أن يعتدى عليها، على نحو لا يدع مجالًا للشك أنه انتصارًا للفساد، وما مهزلة الإقتحام إلا مسمار جديد يضاف الى نعش الشرعية المهترءة ، وتعبير واضح بأن الدولة الحالية ليست إلا ميليشيات موالية.
ختامًا.. ما زلت أؤمن بأهمية ضبط النفس والتحلي بالأخلاق الوطنية إزاء كل الإستفزازات والمحاولات البائسة لجر الجنوبيين الى مستنقع الفعل المناطقي، وأن المنصب تكليف وليس جائزة، ورغم هذا يجب أن يخضع لمبدأ الرجل المناسب في المكان المناسب، كي تمضي الأمور نحو النجاح، كما أنني أحيي كل الشرفاء الوطنيين الذين رفضوا الإنجرار خلف هذه الحبكة اللعينة، وفضلوا الإبقاء على اللحمة الوطنية، وإن خسروا المناصب.