على مدى عقد من الزمن، عاشت اليمن واقعًا مريرًا جعلها ساحة صراع مفتوح بين أطراف داخلية وخارجية، يدفع ثمنه الشعب اليمني الذي أرهقته الحروب، وتلاشت آماله في حياة كريمة.
رغم مرور سنوات من الحرب، لا تزال صنعاء تحت سيطرة جماعات مسلحة، ولم تحقق وعود تحريرها شيئًا يُذكر سوى مزيد من المعاناة. أصبحت العاصمة رمزًا للصراع السياسي والعسكري، بينما يظل المواطن البسيط محاصرًا بين أطراف تتنافس على النفوذ دون أي اعتبار لمعاناته اليومية.
في المقابل، تبدو المناطق التي تُصنّف "محررة" صورة أخرى من المعاناة. فبدلاً من أن تكون نموذجًا للاستقرار والبناء، تعاني من انعدام الخدمات الأساسية، وغياب الأمن، وتدهور البنية التحتية. الوعود ببناء حياة كريمة ظلت حبرًا على ورق، بينما يعيش المواطن في هذه المناطق بين الفقر والبطالة وانعدام الأفق.
التحالف العربي الذي تدخل في اليمن بشعار استعادة الشرعية وإنهاء الانقلاب، وجد نفسه بعد سنوات طويلة بلا أهداف واضحة. تحولت أهدافه المعلنة إلى سراب، ليظهر جليًا أن المصالح الاقتصادية والسياسية هي المحرك الأساسي، بينما تتراجع أولويات الشعب اليمني إلى الخلف.
وسط هذا المشهد المعقد، يظل الشعب اليمني هو الخاسر الأكبر. تآكلت مدخراته، انهارت مؤسساته، وتفككت بنيته الاجتماعية. أصبح المواطن اليمني عالقًا في دوامة لا تنتهي من الفقر والنزوح والخوف من المجهول.
لإنقاذ اليمن، يجب أن تتوقف الأطراف كافة عن استغلال هذا البلد لتحقيق أجنداتها الخاصة. ينبغي أن يكون هناك ضغط دولي وإقليمي حقيقي لوضع حد للحرب وإطلاق عملية سلام شاملة. الحل لن يكون عسكريًا، بل يتطلب إرادة سياسية حقيقية لتحقيق السلام والبناء.
اليمن، هذا البلد الغني بتاريخه وثقافته، يستحق أكثر من أن يكون مجرد ساحة لتصفية الحسابات. الشعب اليمني يحتاج إلى حياة كريمة، ومستقبل أفضل بعيدًا عن تجار الحروب ومصالحهم الضيقة.