آخر تحديث :الثلاثاء-11 فبراير 2025-11:47ص

متى يتجاوز الجنوب الأحقاد ؟!

الجمعة - 10 يناير 2025 - الساعة 02:57 م
عصام مريسي

بقلم: عصام مريسي
- ارشيف الكاتب



منذ الأستقلال بدأت الأحقاد تشتعل وتتفاقم هوة الخلاف مع استعلاء الرغبة في السيطرة والهيمنة بل و الانفراد بالسلطة وتسيير عجلة الحكم للدولة على الطراز الذي ينتمي إليه الطرف المنتصر.

أقصي أول رئيس للجنوب قحطان الشعبي في 1969م في غياهب المعتقل الجبري وتعاقبت الحكومات ولم يصفح عنه ويغادر المعتقل الجبري إلا وهو يوسد اللحد وفي نفس الفترة تم اغتيال الرجل الأول بعد قحطان الشعبي وهو عبداللطيف الشعبي.

ولم يبعد مصير الرئيس الثاني سالم ربيع علي عن مصير سابقه فعندما بدأ الخلاف تصاعدت الأحقاد ولم تنتهي إلا بتحقيق الإنتقام والغلبة على الرفيق المنشق وهكذا دبرت مؤامرة اغتيال سالمين ليسقط صريعا في1978م في إعدام قصري دون محاكمة مع جماعة من انصاره.

والرفيق مؤسس الحزب الأشتراكي عبدالفتاح اسماعيل سريعا يتعرض للنقمة وتتفاقم الأحقاد بينه ورفاقه في الحزب فيقصى إلى الأتحاد السوفيتي ثم عندما تتفاقم ازمة الرفاق مع الرئيس الرابع يستدعى من الخارج ليصب النار زيتا فيلقى مصيره المجهول في أحداث مذبحة يناير.

الرجل الوسطي علي ناصر محمد وبعد مسيرة حافلة من النضال يتقلد الحكم للحزب والدولة. وهو في خضم نشوة الحكم تستهويه السلطة حتى لا يستطيع من أجل ردم بؤر الفتن أن يتخلى عنها إلا تحت نهر من الدم والأشلاء والجثث ؛ وصل دفة الحكم فبدأ الشقاق وتفاقمت الأحقاد وفشلت كل محاولات المعتدلين في رأب الصدع وتطهير القلوب وانشق الرفاق إلى حزبين يسار راديكالي ويمين متشدد ولم تنجح المؤتمرات المنعقدة في الحل وفشلت الوساطات الداخلية والخارجية حتى تفجر فتيل حرب الإبادة القبلية والحزبية في يناير 1986م.

ولا يخفى كيف كان يناير حزينا على جنوب اليمن الديمقراطي إذ زفت الأكفان إلى كل بيت جراء التصفية القبلية والمناطقية والحزبية إلى كل بيت وغادر الفريق المهزوم إلى الجارة العربية الشمالية لليمن.

وما أن بزغ فجر الوحدة وبزغت معها الأحقاد فلم يرضا اشقاء الجنوب بوجود أشقائهم على ارض الشمال وكان مغادرتهم الأرض ( صنعاء) العاصمة المتوقعة للوحدة واقصاؤهم عن المناصب وابعادهم عن المشاركة في سلطات الدولة هو من أهم المطالب لاتمام صفقة الوحدة ولو خلت القلوب من الأحقاد لكن هناك اشتراطات أولى وأكثر أهمية من المطلب الذي لا يرضي إلا القلوب الذي ملأها الحقد والكراهية وعدم التسامح والتجاوز عن الماضي وفتح صفحات جديدة للتوافق والوئام وإعادة اللحمة والمحبة لتحقيق المصالح الوطنية والتجاوز عن أمراض النفوس وأذرانها.

لم يحافظ رعاة الوحدة على مضامينها القاصرة حتى نشب الخلاف والرغبة في التقاسم و الاحتفاظ بالمناصب والتهافت على اقتناء الثروة والانتصار للنفس حتى نشبت حرب الأنفصال لتتحرك أحقاد الأشقاء المنهزمين المبعدين عنوة من إخوانهم ليقفوا في صف الطرف الأخر ويبلوا البلاء الرادع والموجع لاشقاؤهم فانضموا إلى القوات الشمالية وكان لهم الدور الحاسم في اجتياح المحافظات الجنوبية وهزيمة القوات الجنوبية.

ولم تقف صراعات الجنوبيين ولم تخمد نيران أحقادهم بل ما زالت تتأجح كلما تنازعت مصالح القوى المتصارعة التي تقدم مصالحها الحزبية والمناطقية والقبلية على مصالح الوطن.

ولا شك أن هناك من القوى في الداخل والخارج التي تحاول زرع الفتن والقلاقل واشعال فتيل الأحقاد لكن متى يفطن أولئك لتلك المخاطر التي يقودوا الوطن اليها ويستمرون في غطرستهم وبغيهم وغيهم بعدم وعي او بوعي.

الوطن أغلى من المصالح الشخصية والمكاسب الفردية والجنوب رقعة واحدة ملك الجميع فارض الجنوب تتسع للجميع وسماها لحفا يستظل به كل الجنوبيين وخير الجنوب لكل الجنوبيين.

مازالت الفرصة سانحة للخروج من مستنقع الأحقاد والمصالح الضيقة والبدء في تصالح وتسامح وصفح عن أخطاء الماضي وفتح صفحات جديدة لتاريخ يعيد لحمة الجنوبيين والجلوس على مائدة واحدة لاغلاق صفحات سوداء من تاريخ البلاد والشروع في تحقيق الانجازات ولن تكون إلا بنزع فتيل الفتن ودحض فكرة التأمر التي يلقي بها كل طرف نحو الأخر وكف حديث المناطقية للسير في مشروع الجنوب المتحد تحت راية الوطن قبل كل شيئ وهو ملك كل الجنوبيين دون استثناء أو اقصاء.

وفي ظل تعدد القيادات والجماعات والأحزاب مع ضعف الوازع الوطني وفقد القيم الأخلاقية يتكرس الشقاق وتتعاظم الأختلافات و الانشقاقات ومع غياب العقل وغلبة منطق القوة والسلاح وتلاشي بوادر الوئام والسلام تبزغ في كل فترة بوادر الأزمات التي قد تقود إلى حروب داخلية ونزيف الدم وفراق الأشقاء وسقوط جرحى وقتلى حتى من ابناء البيت الواحد.

الم يأن للجنوبيين نزع كل فتيل للاحتقان والوقوف عند مصالح الوطن والأحتكام للعقل وإغلاق فوهات البنادق.


عصام مريسي