آخر تحديث :الثلاثاء-11 فبراير 2025-11:47ص

وطن مرهون بالمصالح

الجمعة - 07 فبراير 2025 - الساعة 02:01 م
عارف ناجي علي

بقلم: عارف ناجي علي
- ارشيف الكاتب


دخل اليمن مرحلة صعبة من تاريخه منذ اندلاع الحرب في 2015 اذ تحولت البلاد إلى ساحة صراع اقليمي ودولي تحت اشراف التحالف العربي بقيادة السعودية غير أن المعضلة الحقيقية لم تقتصر على التدخلات الخارجية بل تفاقمت بسبب القيادات السياسية المحلية التي انشغلت بالمحاصصة الحزبية والتقاسم على السلطة مما جعل الوطن رهينة لمصالح خارجية دون أي اعتبار لمعاناة الشعب اليمني.


ومنذ بداية الحرب تشكلت حكومات متعددة بناء على تقاسم السلطة بين الأحزاب السياسية لكن بدلا من ان تكون هذه التقسيمات وسيلة لتحقيق الاستقرار أصبحت وسيلة لتوزيع النفوذ ونهب الموارد فتقاسمت القوى السياسية الحقائب الوزارية والمناصب العليا وفقا للولاءات والمصالح بينما تركت القضايا الجوهرية مثل الأمن واعادة الاعمار والاقتصاد والتنمية جانبا.


لم تتوقف المحاصصة السياسية الحزبية واصحاب النفود بالارض عند حدود الحكومة بل امتدت إلى المؤسسات العسكرية والاقتصادية حيث تم تسخير هذه المؤسسات لخدمة المصالح السياسية والخاصة بدلا من خدمة مؤسسات الدولة على الرغم من الدعم الكبير الذي تلقته الشرعية اليمنية من التحالف العربي إلا انها فشلت في بناء مؤسسات قوية بل كرست حالة الانقسام الداخلي ما أدى إلى خلق بيئة خصبة لظهور المليشيات المسلحة والبيزنس السياسي ولوبي الفساد وتجار الحروب .


إلى جانب فشل القوى السياسية استغلت المليشيات غير نظامية ولوبي الفساد واصحاب البيزنس السياسي واذوات الارتزاق هذا الضعف لتوسع نفوذها مما عزز المليشيات الحوثية سيطرتهم على الشمال بقوة السلاح ومن جهة أخرى وبروز تشكيلات عسكرية غير نظامية تحت مسميات مختلفة بالمناطق المحررة ما جعل السلطة الشرعية مجرد كيان اسمي لا يملك سلطة فعلية على الأرض .


أدى ذلك إلى تقويض مفهوم الدولة حيث باتت القرارات تتخذ وفقا لأجندات خارجية وحزبية للقوى المسيطرة على الأرض وليس وفقا لمصالح الشعب ، كما أن استمرار الدعم الخارجي لبعض هذه زاد من تعقيد المشهد ما جعل اليمن يعيش في حالة من الفوضى المستمرة حيث لا دولة قادرة على فرض سلطتها ونفودها لتحرير صنعاء ولا استقرار يلوح في الأفق لدولة مؤسسات في الوقت الذي لا تزال فيه اليمن غارقة في أزماتها بعد أكثر من عشر سنوات من الحرب بدأت سوريا تخطو خطوات واضحة نحو التعافي الاقتصادي والمعيشي ورغم أن سوريا شهدت دمارا كبيرا بسبب الحرب الأهلية إلا ان الحكومة هناك استطاعت فرض سيطرة تدريجية على البلاد مما أدى إلى استعادة الحياة الطبيعية في العديد من المناطق .


أما اليمن فبدلا من تحقيق أي تقدم نحو تحرير مناطق سيطرة المليشيات ازداد الوضع الاقتصادي والمعيشي سوءا حيث يعيش غالبية السكان تحت خط الفقر وتعاني البلاد من ازمة انسانية هي الأسوا عالميا حيث الجوع والفقر وانعدام الخدمات الأساسية كليا حيث وصل ولاول مرة بتاريخ عدن خروج الكهرباء كليا في ظل غياب أي حلول جذرية للأزمة والسبب الرئيسي في ذلك هو استمرار الصراع القائم على المصالح الضيقة، وغياب رؤية وطنية قادرة على إنقاذ اليمن من دوامة الفوضى.


اليوم لم يعد أمام اليمنيين شمالا وجنوبا خيار سوى فرض إرادتهم على المشهد السياسي ومطالبة القوى الحزبية والمليشيات بالتخلي عن مصالحها الشخصية لصالح مشروع وطني جامع كما يجب على التحالف العربي ان كان جادا في دعم استقرار اليمن وتحرير صنعاء واستقرار الحياة الاقتصادية والمعيشية والخدمات بالمناطق المحررة وان يعيد تقييم سياساته ويضع حدا للمحاصصة الحزبية والمليشياوية التي ساهمت في إطالة أمد الأزمة.


فاليمن اليوم بحاجة إلى قيادة وطنية تمتلك الارادة لإنهاء حالة التشرذم وإعادة بناء الدولة على أسس تضمن سيادتها واستقلالها فاستمرار الوضع الحالي لن يؤدي إلا مزيد من الانهيار وسيظل الشعب هو الضحية الأولى والأخيرة في هذا المشهد العبثي.