قبل أربعة عشر عاماً، اندلعت أحداث 11 فبراير، وتفاقم الصراع بين القوى السياسية، مما دفع البلاد نحو شفا حرب أهلية. وفي تلك الظروف، توصلت القوى السياسية إلى توافق حول المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، واعتبرت تلك الأحداث أزمة سياسية.
ورغم التوافق على بنود المبادرة الخليجية وحرص بعض القوى على المصلحة الوطنية، إلا أن العراقيل المصطنعة والتصعيد المستمر من بعض القوى التخريبية عرقلت تنفيذ المبادرة، مما أتاح للمليشيات الحوثية المدعومة من إيران الانقلاب على السلطة، وإسقاط الدولة، وإدخال البلاد في حرب أهلية طاحنة.
بعد أن سقطت البلاد في مستنقع العنف والجوع والفقر والبطالة، ورأى الجميع نتائج تلك النكبة التخريبية وما تلاها من كوارث إجرامية في 21 سبتمبر 2014م، توصلت غالبية القوى الوطنية إلى قناعة تامة بضرورة طي صفحة الماضي، وتوحيد الصفوف الجمهورية، وتكثيف الجهود والموارد لمواجهة القوى الكهنوتية التي استغلت رياح التغيير، وعصفت بكل القوى الوطنية، وانقلبت على النظام والدولة والجمهورية، وأدخلت الوطن في نفق مظلم وحرب كارثية وأزمات سياسية واقتصادية، وأوضاع مأساوية يعاني منها الشعب اليمني بشكل يومي وبصورة مستمرة.
لهذا توالت تصريحات القيادات الوطنية السياسية والعسكرية والاقتصادية والإعلامية والاجتماعية بالاعتراف بالخطأ الذي أسفر عن تلك النكسة المشؤومة، والمطالبة بتصحيح الأخطاء الناتجة عنها، والتصالح والتسامح بين المكونات السياسية، وتكثيف الجهود لاستعادة الدولة والجمهورية. ومن بين هذه القيادات: النائب البرلماني عن حزب الإصلاح، الشيخ محمد الحزمي، والنائب البرلماني عن حزب الإصلاح، الأستاذ شوقي القاضي، والبرلماني الأستاذ عبدالله أحمد علي العديني، والبروفيسور الاقتصادي سيف العسلي، والإعلامي الكبير، رئيس تحرير صحيفة عدن الغد ومدير موقع وإذاعة عدن الغد، الأستاذ فتحي بن لرزق، وغيرهم الكثير والكثير من القيادات الوطنية، إضافة إلى الملايين من أبناء الشعب اليمني. وهذه دعوة إيجابية وفضيلة، وخطوة في الطريق الصحيح لتوحيد الصفوف ومواجهة القوى الكهنوتية، واستعادة الدولة والجمهورية.
لكن للأسف الشديد، لم تجد تلك الدعوات والمواقف الإيجابية طريقها إلى بعض المجاميع المحلية التي استفادت من أزمة 11 فبراير وآثارها السلبية، والتي ما زالت مصرة على الاستمرار في الخطأ، وتاجيج الصراع، وتفاقم الأزمات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وإضعاف السلطة المحلية والمركزية. وفي مقدمة هذه المجاميع، عناصر ساحة صافر في مدينة تعز، المدعومة من بعض قيادات الساحات المقيمة في خارج الوطن.
إن هذه المجاميع المحلية المستفيدة من الأزمة والحرب الانقلابية، المدعومة من دول إقليمية تخريبية، لا تبالي بما تشهده البلاد من أوضاع كارثية وأحداث تدميرية على المستويين السياسي والإنساني، ومن تدهور مستمر في كافة المجالات العامة والخدمات الأساسية. ولهذا تحتفل بذكرى تلك الأزمة الكارثية، وتسعى بكل جهدها إلى تدمير الوحدة السياسية بين المكونات الجمهورية، وتعميق الخلاف والانقسام في الحياة السياسية، وإفشال التقارب بين المكونات الجمهورية. كما تسعى بكل طاقاتها إلى إعادة الصراعات القديمة، وإطالة أمد الحرب واللا حرب التي تعيشها البلاد منذ سنوات، خدمةً للمليشيات الحوثية التي تستفيد من انقسام واختلاف وعداء المكونات الجمهورية.